على الغرب أن يتخذ إجراءات صارمة تجاه حالة القمع التي يمارسها نظام الملالي
لقد هزّت الاحتجاجات الواسعة النطاق في إيران، والتي ترجع في المقام الأول إلى استياء الناس من حالة القمع السياسي للنظام، والقوانين الدينية التقييدية، وانتهاكات حقوق الإنسان والصعوبات الاقتصادية، التي تمثل جوهر سياسات نظام الملالي. لقد كان للاحتجاجات الأخيرة طابع مميز ولا تقتصر فقط على القيود القمعية التي يفرضها النظام على حقوق المرأة.
وصرّح محسن مهديان، أحد أعضاء قوات حرس نظام الملالي” أن الأحداث التي وقعت في هذين اليومين غير مسبوقة. كانت هذه الاحتجاجات غير مسبوقة في السنوات الأربعين الماضية. والسبب في ذلك أنها لم يسبق أن كانت هناك احتجاجات سابقة حيث يمكنك رؤية العنف والاضطراب منذ الساعة الأولى”.
وأضاف مهديان: “القضية الحقيقية ليست الحجاب، وليست شرطة الأخلاق أو وفاة مهسا، إنهم يستهدفون النظام. وهذا واضح في شعاراتهم إذا قمت بتحليلها منطقياً خلال اليومين الماضيين. ستفهمون أن الشعارات تقول بوضوح أن مشكلتنا ليست في القضايا السابق ذكرها، ولكن تكمن المشكلة في النظام الحاكم”.
لجأ نظام الملالي إلى أسلوب عمله في استخدام القوة الوحشية لقمع المتظاهرين وتشويه سمعتهم وسحق المعارضة. وذكرت منظمة العفو الدولية أنها سجلت “مقتل العشرات من الرجال والنساء والأطفال على أيدي قوات الأمن. وتعتقد المنظمة أن العدد الحقيقي للقتلى أعلى وتواصل جهودها لتحديد الضحايا”. كما وثقّت “الاعتداءات الجنسية وغيرها من أشكال العنف الجسدي من قبل قوات الأمن، بما في ذلك شد النساء بعنف من شعرهن لأنهن خلعن الحجاب”.
وإلى جانب قتل المتظاهرين، اعتقل النظام مئات الأشخاص، بمن فيهم مدافعون عن حقوق الإنسان ونشطاء سياسيون ومحامون، فضلاً عن الصحفيين. يبدو أن هناك أربع مؤسسات تلعب دورًا حاسمًا في الحملة القمعية: القضاء وجهاز الاستخبارات وقوات الأمن وقوات حرس نظام الملالي. ولتطبيق القانون، تستخدم هذه الفروع الحكومية أيضًا الميليشيات شبه العسكرية الطوعية والمدفوعة، مثل قوات الباسيج.
والأهم من ذلك أن السلطات قامت بقطع الإنترنت من أجل عزل الشعب الإيراني عن بقية العالم ومنع الأخبار ومقاطع الفيديو المروّعة عن وحشية النظام من الانتشار خارج البلاد. وقالت المتحدثة باسم مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان رافينا شامداساني للصحفيين في جنيف: “نحن قلقون من أن تعطيل خدمات الاتصالات له آثار خطيرة على قدرة الناس على تبادل المعلومات والقيام بأنشطة اقتصادية والوصول إلى الخدمات العامة. الأمر الذي من شأنه تقزيض العديد من حقوق الإنسان، ولا سيما الحق في حرية التعبير. ندعو السلطات إلى استعادة الوصول إلى الإنترنت بالكامل”.
تتعرض حركة الاحتجاج الإيرانية للتهديد من خلال الإجراءات القمعية التي يجري بالفعل تصعيدها بشكل كبير من قبل النظام.
عندما يتعلق الأمر بقمع مستخدمي الإنترنت، فمن المرجّح أن تكون الوحدة الإلكترونية التابعة لقوات حرس نظام الملالي متورطة. تم إنشاء المجلس الأعلى للفضاء السيبراني في عام 2012 من أجل مركزية مستخدمي الإنترنت ومراقبتهم بشكل أكثر كفاءة. كانت حكومة الملالي قد وصفت في السابق بأنها “عدو الإنترنت” من قبل منظمة مراسلون بلا حدود. كما وصفت المجموعة نفسها ولجنة حماية الصحفيين نظام الملالي بأنهم من ألد أعداء حرية الصحافة.
وتجدر الإشارة إلى أن الشعب الإيراني أصبح شجاعًا وقادرًا تمامًا على مواجهة قوى القمع التابعة للنظام بمفرده. لا تحتاج الولايات المتحدة وأوروبا إلى التدخل المباشر أو محاولة تشكيل حركة الاحتجاج بنشاط. ومع ذلك، يجب على الحكومات الغربية أن تدرك أنها تتحمل مسؤولية تكافؤ الفرص في المناطق البعيدة عن متناول وحدات المقاومة التابعة للمعارضة. تتعرض حركة الاحتجاج الإيرانية للتهديد من خلال الإجراءات القمعية التي يجري بالفعل تصعيدها بشكل كبير من قبل النظام. تمتلك الولايات المتحدة وأوروبا الأدوات اللازمة لتزويد شرائح كبيرة من الشعب الإيراني بوصول موثوق إلى الإنترنت. سيساعدهم ذلك على الاستمرار في تنظيم مظاهراتهم ومواجهة جهود قوات حرس نظام الملالي لإغلاق جميع الأنشطة، مع السماح أيضًا للصحفيين المواطنين وعامة الناس بالكشف عن المدى الحقيقي للاحتجاجات.
بالإضافة إلى ذلك، يجب على المجتمع الدولي أن يعمل على مساءلة سلطات النظام وإنهاء الإفلات من العقاب الذي طالما تمتعوا به. كما أوضحت منظمة العفو الدولية: “نطلب من جميع شعوب العالم التوقيع على عريضتنا العالمية والمطالبة باتخاذ إجراءات حاسمة من قادتهم. يجب إنشاء آلية تحقيق ومساءلة مستقلة من قبل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بالنسبة لأخطر الجرائم التي ارتكبتها سلطات النظام بموجب القانون الدولي. يستحق الناس في إيران أكثر من مجرد كلمات جوفاء. يجب أن تنتهي أزمة الإفلات الممنهج من العقاب التي سادت البلاد منذ فترة طويلة، ويجب أن تنتهي الآن”. إذا تصرف الغرب، فلن يتمكن فقط من إنقاذ آلاف الأرواح في إيران، ولكنه سيكسب أيضًا الكثير من مثل هذه الخطوة.
• الدكتور مجيد رفيع زاده عالم سياسي إيراني أمريكي تلقى تعليمه في جامعة هارفارد.