الاتحاد من أجل الحرية والديمقراطية والمساواة​

الثورة الإيرانية الجارية – الركائز والآفاق 

انضموا إلى الحركة العالمية

الثورة الإيرانية الجارية - الركائز والآفاق

الثورة الإيرانية الجارية – الركائز والآفاق 

الثورة الإيرانية الجارية – الركائز والآفاق  

لم تنطفىء ثورة عام 1979 في إيران بل خبت وخُدِرت جمراتها لكنها بقيت كامنة تحفزها الأيام والحوادث، وبالتالي لم تنتهي معاناة الشعب الإيراني المتعلقة بالحريات والكرامة والحياة في حقبة الشاه، وثار الشعب وضحى وصبر وخسر خيرة أبنائه في الحروب وغياهب السجون ودهاليز معتقلات جهاز السافاك آنذاك وعلى مقاصل الإعدامات وعانى ما عاناه من الآلام، وكان الإكراه والكبت أكبر أشكال المعاناة، وفوجىء الشعب الثائر بُعيد قليل من أن ثورته وآماله قد سُرِقت وأنه أمام شاه جديد يعتمر عمامة سوداء وأخرى بيضاء ويرفع شعارا خطيرا ليقوض به الثورة ويؤسس به مرحلة وشكلا جديدين للحكم في إيران ليعيد نفس المعاناة التي قامت لأجل إنهائها ثورة 1979. 

وبالإمعان جيداً في مسيرة 43 سنة مضت في إيران نجد أنها كانت أشد قسوة وطغيانا على الإيرانيين منذ بدايتها وحتى يومنا هذا، كما نجد أن معاناة حقبة حكم الشاه قد تم ترحيلها إلى حقبة سلاطين الملالي التي حفلت بالكوارث السياسية إذ حكم البلاد مجموعة من الجهلة والمتعصبين بصبغة حكم توليتاري ثيوقراطي هجين لا تعرف له وصفا ولا تفهم له وجهةً،  ومن الناحية الإدارية إذ عم الفساد والمحسوبية وغابت القوانين، ومن الناحية الاقتصادية إذ تحولت الموارد العامة العامة للدولة كالثروات الطبيعية تحت تصرف الميليشيات والمقربين الموالين من عرش السلطان وتصبح ميليشيا ما يسمى بـ الحرث الثوري مالكة لأكثر من ثلث الإقتصاد الإيراني وتدير ما تبقى منه وتشرف عليه، ومن الناحية الإجتماعية يسوء حال البلاد والمجتمع من حال إلى حال وتختفي طبقات وتظهر طبقات أخرى بالمجتمع حيث أختفت الطبقة الفقيرة وحلت محلها الطبقى الوسطى وترحلت الطبقة الفقيرة إلى ما دون خط الفقر وهبطت طبقة الميسورين إلى ما دون الوسط وهنا لا تقتصر معانات هذه الفئات من الناس على الفقر والعازة فقط وإنما بات القمع والكبت والفناء مصيرهم أيضا ومن لم يلوحهم ذلك العقاب فإنه ينتظره ومهددا به، وعلى الصعيد الآخر تظهر طبقات الأغنياء الجدد وطبقة الأثرياء الجدد وطبقة ما فوق الأثرياء المنتفعين بعائدات النفوذ غير الشريف وبرامج نهب وسلب المال العام، وصناعة الأزمات والتربح من خلالها. 

لقد بطشت سلطة الملالي بفسادها وطغيانها بعموم المجتمع الإيراني ما عدا نسبة 4% بحسب تقدير أحد حاشية السلطان المعمم وقد تكون هذه النسبة مبالغ فيها أيضا، وكان من بين المتضررين من ذلك أرامل وأيتام ومعوقي حروب ومغامرات الملالي، أرامل وايتام وعوائل واقارب المعدومين السياسيين وغير السياسيين، أبناء وعائلات المعدومين السجناء المحكومين بأحكام ثقيلة وطويلة بالباطل، ومجتمع الملايين من العمال ومحدودي الدخل والمعلمين والمدرسين ووسط التمريض، وعشرات الملايين من الإيرانيين، ولقد تراكم جحيم الحقبتين (حقبتي الشاه والشيخ) على هذا الشعب الصابر حتى إنفجر كالبركان الذي لا أمل في إنخماده ناسيا جوعه وعطشه وأزماته المعيشية اليومية العابرة مركزا على مسببات المحنة صارخا بعزمه على إزالة تلك المسببات وقد تجلت صرخة الشعب هذه في شعاره المعبر (الموت للموت سواء كان شاهً أو زعيم) أي أن ثورة سنة 1979 لم تمت ولم تنطفىء في إيران بل ترحلت لتتعاظم اليوم في ثورة ملحمية يتسابق فيها الفتيان والفتيات والنساء والشباب العُزل إلا من إرادتهم إلى الموت في مواجهات مع قطعان خامنئي التي تقهقرت قطيعا تلو الآخر ما بخامنئي إلى الزج بقوات نخبة الشر في الحرس إلى الشوارع لقتل وقمع الشعب في معركة مصيرية بين الطرفين الأول مكون من أصحاب حق وأولياء دماء شهداء ومعدومين مظلومين مغدورين وذوي سجناء مظلومين وذوي عوائل مسهم الضر الشديد وصولا إلى مسألة الشرف والكرامة وهي الأمر الذي لا يمكن السكوت عليه ولا التراجع عنه  وهؤلاء يتابعون مواجهاتهم مع السلطة بشحنات طاقة جديدة من الدماء التي أراقها النظام من جديد وليس لديهم مايخشون خسارته، أما الطرف الثاني فلديه ما يخشاه ولديه ما يترتب على سقوطه، لديه سلطة وثروات ونفوذ ولديه محاكمات شعبية إن تُرِك لها الأمر ستبدل جماهير الشعب الغاضبة جلودهم قبل إعدامهم. 

خلاصة القول لدى ثورة الشعب الإيراني اليوم ما ترتكز عليه من ثوابت وحقوق مشروعة تنطلق منها نحو آفاق حقبة جديدة بلا شاه ولا شيخ؛ سماتها الحرية والكرامة أساسا للوجود وللحياة. 

د.محمد الموسوي / كاتب عراقي