الثورة الإيرانية نهضة تهددها المخاطر
تفيد مجريات الأحداث والمتابعات الإعلامية بأن الشعب الإيراني يوشك على استخدام حقه الشرعي في الدفاع عن نفسه سواء كان ذلك بحمل السلاح أو بوسائل أخرى متاحة بعد ارتفاع عدد شهدائه وجرحاه وضحاياه ومعتقليه، ولن كل المحاولات الرامية لإثناء الشعب وثواره عن ذلك الخيار الأخير بعد أن تعرضهم للإبادة على يد قوات النخبة بحرس النظام.
شعبٌ لكل طيفٍ من أطيافهِ مخزونه من الآلام العِظام، وجمعتهم ووحدتهم آلامهم المشتركة المتراكمة عبر عقود طوال ودفعت بهم اليوم إلى تناسي منغصات حياتهم اليومية المرهقة والإتجاه نحو النهوض معا لتقرير مصيرهم لا يفرقهم عرق ولا دين ولا طائفة ولا منطقة ولا فكر ولا فئة مجتمعين على هدف واحد بقلب واحد وصوت واحد، ولن يقبلوا بأقل من إسقاط النظام برمته إذ بسقوطه تزول كل العلل والمصائب، وفوق هذا يعود الاستقرار والإزدهار للدولة الإيرانية بكل مكوناتها، ولدول وشعوب المنطقة بعد عقود مريرة من الظلم والظلام والنهب والإبتزاز والعنصرية، وهنا فإن ثورة الشعب الإيراني كما قالها الشعب الإيراني على لسان شبابه وثواره ثورة حتى النصر والعيش بحرية وكرامة أو الموت بشرف في ميادين الحرية والكرامة. ( جزء من نص المدخل مقتبس من أقوال المناضل والمحلل السياسي الأستاذ عبدالرحمن كوركي)
من الطبيعي جدا أن يكون لكل مسيرة في الحياة أهداف ورغبات وآمال؛ لكن من غير المنصف أن يعيش الإنسان في ظلم وبغي وتعسف ودون ما فرضه الله له من حقوق وكرامة والمؤسف أن يتم ذلك باسم الدين بغيا وعدوانا على الإنسان والدين، كما أنه من الطبيعي أيضا أن يكون للشعب الإيراني وثورته أعداء وخصوما تتنامى خصومتهم إلى حد العداء، وأصل العداء هنا هو النظام الإيراني المتسلط على رقاب العباد بالحديد والنار بالدم والجوع والعذاب والمساس بالناموس والقيم وبكل وقاحة يطلب من الشعب الثائر أن يكون سلميا أي سلمية هذه التي تطالبون بها المتظاهرين العزل وأنتم تطلقون عليهم الرصاص الحربي والرصاص الكروي ولم تستجيبوا على مدار 43 سنة مُهلكة لمطالب الناس ولم تستمعوا وتتجاوبوا معهم مقرين بحقوقهم بإحسان وإحترام.
من الطبيعي أيضا أن يكون النظام الثيوقراطي الميكافيلي المتسلط على إيران عدوا للشعب والثورة التي تريد إسقاطه برمته اليوم لكن من غير الطبيعي أن يطالب أحدهم سواء كان النظام أو غيره بأن تكون ثورة الشعب سلمية وأن يتقبل الثوار بترحاب ما يقع ما عليهم من قتل وقمع وتنكيل وهتك للأعراض إرضاءا للمتبجحين من حملة لواء مؤامرة السلمية، كما أنها قمة وغاية في الحماقة أن تتم الإستجابة لنداءات وتلميحات أصحاب هذه المؤامرة فالشعب الذي يتواصل بثورته حتى اليوم الثامن والثلاثين على التوالي وتقود ثورته النساء بشعار إسقاط النظام لا ولن ينتظر من يحدد له كيف تكون ثورته ومن حقه الطبيعي المُسَلم به الدفاع عنه بكل السبل والوسائل الممكنة والمتاحة التي يبدو من ظاهر الأحداث أن الشعب لم يستخدم أيا منها على الإطلاق حتى الآن، وتحية للشعب الإيراني على حكمته التي لم يتحلى بها الملالي المدعين بخلافة الله على الأرض الحكمة المتجلية في إحدى شعارات الثوار القائلة“الويل من يوم نحمل فيه السلاح” وهو شعار رفعه الشعب في انتفاضاته السابقة ويرفعه في ثورته الحالية وفي ذلك رسالة حكيمة للنظام والعالم بأننا صبرنا ولا زلنا ونمهلكم ولكن لا حياة ولا حياء فيمن تنادي حيث لا يفهم النظام الإيراني غير لغة القوة، أما العالم غير المكترث وغير المعني فلا يهمه شيئا سوى مصالحه وبالتالي سيصطف مع المنتصر سواء كان الشعب أو النظام.
تتمثل إحدى أوجه الخصومة مع الشعب الإيراني اليوم في الدعوة غير المسؤولة من خارج النظام إلى سلمية التظاهر مع حق النظام في استخدام آلة الموت المرعبة وهي دعوة غير مكترثة بالدماء التي أُريقت والأرواح التي أُزهِقت والأنفس المُعذبة في غياهب السجون وتنتظر مصير مؤلم كالعادة وبالتالي هي دعوة تمثل رغبات النظام الذي يسعى للبقاء في السلطة على نهجه وبالتالي هي دعوة أو دعوات تنتقل من مستوى الخصومة إلى العداوة للشعب.
وفي الختام سؤال لابد منه هل سيدعم المجتمع الدولي والغرب على وجه التحديد حق الشعب الإيراني في الدفاع عن أرواحه وناموسه وشرفه ومستقبله بكل السسبل والوسائل المتاحة والممكنة بعد أن قتل النظام الأطفال والنساء والشباب في هذه الثورة ونكل بالثوار؟ أم سيفاجئنا الغرب بالخذلان كالعادة واعتبار حق الدفاع عن النفس من قبل الضحايا إرهابا واعتبار القاتل (نظام الملالي) ضحية.