لماذا يصر الغرب على بقاء الملالي ومشروعهم في المنطقة
هل سيجلد الشعب الإيراني البعير على التل وينزع عنه رداء البغي ويأتي به إلى مثواه الأخير لتتلقفه الأيادي للقصاص أمام أعين الغرب، وينهي بذلك حقبة بائسة فُرِضَت عليه لإدامة مصالحهم بمجرد تغيير الأشخاص مع بقاء الدور؟
سؤال ستجيب عليه الأيام وسيجب عليه الشعب الإيراني عاجلا أم آجلا جوابا قاسيا وقد يكون داميا مسقطا لنظرية نيوتن حيث لن يكون فعلا ورد فعل بل ستكون ملايين ردود الأفعال لمتراكم عقود من الباطل والدماء التي ارتوت بها الأرض وأنات المظلومين التي عمت الآفاق وستهبط لعنة على الظالمين والقتلة الذين لم يراعوا دينا ولا قيما ولا مبادئ عندما تمكنوا من رقاب العباد، ولو تُرِك البعير وفق ما يراه ويرتأيه الغرب لبقي على تل طهران مطلا على بغداد وصنعاء وبيروت ودمشق وغزة معطلا المراكب والحياة السائرة في المياه الاقليمية الدافئة مبتزا لجيرانه ليوفر بذلك كله امتيازات لأقل من 4% من الشعب الإيراني، وأقل من 3% من العراقيين، وأقل من 2% في لبنان، وأقل من 1% في سوريا واليمن وغزة لكنه يوفر تعاظما لجبروت النخبة في الغرب الذي يأمل بمساوماته دعم سياساته المتعلقة بمنطقة الخليج والشرق الأوسط بما يعزز دوره في مناطق أخرى أيضا.
كثيرة هي التساؤلات وأكثر منها المخاوف التي تثير تساؤلات أكبر من حجم المخاوف؛ وهكذا حتمت علينا التجارب كيف نصيغ ونوجه فكرنا وتساؤلاتنا على ضوء قراءاتنا وما نشهده في عالم بات فيه اللعب على المكشوف وباتت الصراعات أكثر وضوحا عندما شعر الغرب وقطبيته بالتراجع ووجود ما يهدد جبروته وسطوته الكونية لعدة قرون ولكل مرحلة عناوينها ومبرراتها وشعاراتها، ولا أحد يكره شعارات القيم الإنسانية والحرية والعدل والمساواة في قالبها الحقيقي الطبيعي دون زركشة وزينة تسوق الأمور على ظاهرها خداعا، وتصرعنا حقائقها تباعا دون رحمة تحت شعارات منمقة لم يسوق منها تجارها سوى قشرتها التالفة المدمرة وتتنامى مع الأيام مخاوفنا كلما نمت مداركنا وتكشف لنا المستور، وتقول العرب (طمعهم قتلهم) وهنا الأصح أن نقول (جشعهم كشفهم).
الثورة الإيرانية، وكيل الغرب بمكيالين
لا نعني بالثورة الإيرانية هنا الجزء الحالي من الثورة فقط بل نقصد بها ثورة الحرية والكرامة والسيادة الوطنية الممتدة من سنة 1979 وحتى هذه الأيام من سنة2022 والثورة مستمرة حتى اليوم لتحقيق ما لم تحققه سنة 1979 وستحققه ومتراكم الأيام كفيل بدفع جحافل أبناء الشهداء وذويهم بمفردهم لتحقيق ذلك وها هم تغلي بهم وتندحر أمامهم منكسرة قطعان جنود فرعون وهامان( خميني وخامنئي) ولو ردوا بالسلاح على السلاح لحرروا طهران وبغداد في آن واحد، ولمن لا يعرف فليعرف أن تحرير بغداد يتم بإنزال بعير طهران إلى معقله الذي يستحقه حيث تجري محاكمته هو ومن اتبعه بالعدل إن نجا من يد ضحاياه، وبنزول بعير طهران من على تلها تجف مياه الحياة عن الأسماك المتوحشة في بغداد وتتساقط متسارعة نحو ما ينتظرها من جحيم.
سرق الغرب الثورة سنة 1979 مستغلا ومستثمرا لخطاب الدين لخداع الغالبية العظمى من الشعب المحافظ المتمسك بدينه وقيمه عبر التاريخ علما أن الغالبية العظمى من الثوار كانوا من الشباب والنساء والعمال، والقوى الوطنية وقوى التيار الإسلامي المحمدي، ولم يكتفي الغرب بسرقة الثورة وفرض خميني وجنوده سلاطين جلادين على رقاب الشعب الإيراني ودول وشعوب المنطقة، واليوم يعيد الغرب ما فعله سنة 1979 ليسرق مسيرة اليوم من الثورة الإيرانية من خلال مواقفه الداعمة لنظام طهران والتفاوض والسعي لإكمال المفاوضات معه والإفراج عن مليارات الدولارات له خاصة في ظل أجواء الثورة الملتهبة القائمة وتساقط النساء والأطفال والشباب شهيدا تلو الآخر، ولا يزال الغرب على سياسته ونهجه مع ملالي طهران ولم يصدر عنه موقفا يقر بحق الشعب الإيراني في الدفاع عن نفسه بكل السبل الممكنة والمتاحة كأقل موقف داعم للثورة الإيرانية إن كانوا معها فلا شيء اليوم يتهدد الثورة الإيرانية أكثر من المخاوف من تقلبات الغرب وكيله بـ 60 مكيال، وما بين الغرب وملالي طهران يوحي بإصرار الغرب على بقاء الملالي ومشروعهم في المنطقة مما يبقيها منطقة أزمات ويديم مصالح الغرب غير مكترثين ولتذهب شعوب المنطقة إلى الجحيم.