بديهيات الثورة ؛ والمغردون في سرب النظام
يطالعنا أحدهم حول الثورة الإيرانية الجارية بين الحين والآخر تارة بمفردات من قبيل السلمية وتارة أخرى بمفردات الكفاح المدني وغيرها من المفردات التي تُشعِرنا بأن هؤلاء أحد أمرين/
الأمر الأول: أن يكونوا من كوكب آخر غير كوكب الأرض ولا علم له بأن هذه اللغة ليست ضمن القاموس الذي يدرك النظام الإيراني معانيه فحسب بل ستكون هذه اللغة وسيلة تُمكن النظام من كسر ما تبقى من إرادة لدى الشعب، وفي الوقت ذاته يدرك كل من على كوكب الأرض بأن المخلوقات الشريرة التي تحكم إيران اليوم قد لعبت بكل الأوراق ولم يبقى لديها ورقة واحدة واحدة لتلقي بها في ميدان السلمية والكفاح المدني الذي تشيرون إليه، الثورة وقد سرقوها في السابق وهاهي قد نهضت من جديد تكمل الشهر الثاني، حقوق الإنسان وقد انتهكوها دون أدنى إعتبار لأي قيم أو أعراف إلهية أو وضعية والدلائل موجودة، الإعدامات وقتل الأطفال والنساء فما أرخص الإنسان لدى تلك الكائنات الحاكمة، مبادئ حسن الجوار ولم يقيموا لها وزنا، المال العام والمقدسات وعقائد المجتمع والحريات بلا أدنى إعتبار ! فأي لغة تليق بهكذا كائنات سوى لغتها التي تفهمها هي وتستمع إليها ؟ لا تجيد هذه الكائنات سوى لغة واحدة تستمع لها وتؤثر فيها (طرق الحديد بالحديد، والرد بالنار على النار، وقباقيب النساء).
الأمر الثاني: أن يكونوا من الطابور الخامس لتلك الكائنات الحاكمة في طهران، أو من المغردين في سربهم ولا يعنيهم أمر الشعب ولا معاناته في شيء وبالتالي يكونون قد حددوا بوصلتهم في الصف المعادي للشعب ولا يحق لهم التطرق أو الحديث عن حقوق الشعب وكيف يناضل وكيف تكون ثورته وما هو حالها تردت أو تقدمت فأمثال هؤلاء يعنيهم أن تتردى الأحوال وتزداد الأزمات كي يستمر النظام وتستمر منافعهم، وعليه فإنهم وبحسب خطابهم ولغتهم المتناغمين مع رغبات وأوامر النظام قد وضعوا أنفسهم ضمن المشمولين المستهدفين مع النظام.
هناك نوع آخر قد يكون محسوبا على الوسط المعارض لنظام الكائنات الحاكمة في إيران أيضا، لكنه بسلوكه غير المسؤول ودون أن يدري يقدم خدمات جليلة للنظام من خلال التشكيك بالإنتفاضة كالقول أن الإنتفاضة عفوية وتعاني من أزمة قيادة، أو أن فلان تيار لا تأثير له وأن غيره من المسميات هو صاحب الدور والتأثير، أو أن النظام باقي وأن موضوع قلب النظام ليس بيد الشعب وإنما بيد زيد أو عمر ممن وظفتهم الكائنات الحاكمة في طهران ضمن مشاريع الإسترضاء والمهادنة التي أهلكت الشعب على مدى أكثر من 40 من السنين العجاف، وبصراحة فإن وصف هذه اللغة والأقوال بـ الهدامة هو وصف رحيم إذ أنه لا يدفع بالثورة إلى الوراء والإنكسار فحسب بل ويساهم في تجديد صلاحية نظام انتهت صلاحيته أمس مساء ويسعى الشعب إلى إخراجه من أوكاره إلى مثواه الأخير.
بديهيات الثورة ومن هم الثوار
من بديهيات كل ثورة أن يكون لها دوافعها وأهدافها وأدواتها وأدبياتها ومن ضمنها شعاراتها وأفرادها أو طلائعها، ومن بديهيات الثورة الإيرانية أن الشعب الإيراني بجميع مكوناته يعاني نفس المعاناة ولديه نفس الرغبات والأهداف، ومن الشعب من يعاني معاناة مزدوجة ويقر بها باقي أبناء الوطن الواحد ونستدل على ذلك من الشعارات التي ترفعها الجماهير وفي هذا أيضا نفي للشائعات المغرضة بأن الثورة عفوية، وتؤكد على أن للثورة أدبيات وأهداف وأكثر ما تنص عليها هي الحرية والكرامة.
من بديهيات الثورة الإيرانية أن المرأة الإيرانية من طلائعها، وأن إنسجام الثوار فيما بينهم كأفراد، وتناغم شعاراتهم مع إختلاف الأماكن والمدن والمناطق دليل تنسيق وتنظيم وقيادة ووحدة الصف.
ومن البديهيات المسلم بها في الثورة الإيرانية أيضا هي أن يكون أبناء وذوي الشهداء والمعدومين والمفقودين والمسجونين والضحايا في مقدمة الثوار ومن المستعدين للتضحية وما أكثرهم وما أكبر آلامهم ودوافعهم، وفي هذا رد على المدعين بالباطل على الثورة لتشويهها وإسقاط شرعيتها.
من البديهي على أرض الواقع أن يكون الوجود السياسي والتنظيمي والتأثير الفكري والثوري متناسبا مع حجم وتاريخ وقدرات تيارات الشعب الحقيقية الصادقة.
من البديهي جدا أن يعترف المنصفون من العلم والإطلاع سواء كانوا من المجتمع الإيراني أو من خارجه من المهتمين والمتابعين والخبراء بالشأن الإيراني أن يعترفوا بأن هذه الثورة هي إمتداد متتابع لثورة 1979 وإن ثقافة رفض استخدام الدين وسيلة للإكراه من أجل السلطة ثقافة مترسخة متأصلة في التاريخ الثوري للشعب الإيراني وأول من بدأ بها نساء وبنات مجاهدي خلق المسلمات المحجبات وفي ذلك رسالة أسقطت شرعية الملالي منذ ذلك اليوم، وأن مظلومية المرأة والمساس بكرامتها أمراً حاضرا على الدوام في أدبيات وأنشطة وتحركات المقاومة الإيرانية على مدار اليوم والساعة.
لم يأتي ثبات الثورة الإيرانية من فراغ فهناك من عمل على كسر حاجز الخوف لدى الشعب وخاصة الشباب، وأطاح بهيبة النظام أمام الشعب في العديد من المواقف وجعله يرمي بمخاوفه خلف ظهره، إنها وحدات المقاومة التي تشكلت وفق مشروع ألف أشرف كتحدٍ لكائنات الملالي الضالة التي أغلقت معسكر أشرف بالعراق من خلال عملائها وساسة الإسترضاء والمهادنة، وهنا كيف تكون الثورة الإيرانية عفوية وبلا قيادة، الثورة الإيرانية ثورة فخر وقائمة حتى النصر.