العرب أخر من يدرك ؛ وأخر من يواجه
ننتقد أنفسنا قبل غيرنا فنحن أولى بالنقد للتصحيح والتقويم السير بخطىً صحيحة واثقة في عالم لا يقبل وسطية اليوم والفارق كبير بين الوسطية وأمة وسطا، وقد دأبنا نحن العرب على نمط من السياسة أضعفنا وأهلكنا وجعلنا أهدافا تطمع بها أدران الأرض، فهل سندرك ما نحن عليه وهل سنواجه بدءا من مواجهة الذات أولا ثم مواجهة التحديات أم سنكون أخر من يدرك وأخر من يواجه.
لسنا ضعافا ولم نكن ولسنا بصدد التطرق إلى التاريخ، ولكننا نمتلك من المقومات المنعة والقدرة ما يؤهلنا لنقول لا في موضعها وبتفاصيلها، ومهما كانت النتائج فختامها سيكون خيرا وعزةً ورفعة، وقول نعم في موضعها وتفاصيلها للحق والخير والصالح العام.. ولم يعد في الصمت خيرٌ، ولا في الخوف نجاةٌ ولا في المسايرة والمجاملات صواب يؤدي إلى الحضور إقليميا ودوليا بشكل كريم مُعز في ظل المتغيرات والتحولات العالمية والإقليمية الجارية.
نظام الملالي وواقعنا المؤلم
يعزف الجميع على أوتار مشاكلنا وأزماتنا لإستثمارها لصالحه والمؤسف أن ذلك يتم بعلمنا ورضانا وعلانية أمام مرأى ومسمع شعوبنا والعالم بأسره ويبتزون أموالنا ويهلكون مقدراتنا دون أدنى ريبة أو حياء وبات الأمر كما يقولون (على عينك يا تاجر) بعد كشف المستور، ولم ولن يقف الأمر عند تسليب مقدراتنا بل وصل وسيصل إلى المساس الكلي التام بسيادتنا وتاريخنا وشؤوننا الداخلية باستخدام ملالي الظلام في طهران كشرطيٍ قبيحٍ بالمنطقة خليفة للشرطي الذي سبقه، وها هو العراق منعة العرب أسيرا بيد الملالي وها هو اليمن، وكذلك سوريا ولبنان؛ أربعة دول عربية أسيرة بيد خفافيش طهران الدموية.
لا ننكر، ولا نغفل عن المواقف والتضحيات العربية الكبيرة الداعمة لليمن ولسوريا لكنها كانت محدودة مع العراق وهو الأهم (العراق منعة العرب) فمنه توجه وسيتوجه الملالي نحو تنفيذ مكائدهم ومخططاتهم الإرهابية، وهنا لا نطلب القادة العرب إعلان حربٍ أو نفير عام بل نقول لهم قامت الثورة الإيرانية ثورة خلاص الشعب الإيراني ودول وشعوب المنطقة وقد دخلت شهرها الثالث على التوالي بوتيرة محتدة متصاعدة، وشئنا أم أبينا لسنا بمعزل عما يجري في إيران والعالم وعندما يكون نجاح هذه الثورة نجاة لدول المنطقة فإن ذلك يترتب عليه بعض الواجبات الداعمة للثورة الإيرانية بشكل أو بآخر والأفضل أن يكون دعما علنيا مباشرا ولتخسأ فئران وصعاليك خامنئي التي لم تتجرأ إلا على العرب.
نعي ونقدر بعض المواقف العربية في هذا الجانب لكنها أقل من حجم العرب ودورهم الذي يجب أن يلعبوه إقليميا وعالميا من باب استراتيجية صناعة المستقبل وإعلاء الشأن وحفظ السيادة، ومن باب دفع الضرر كحد أدنى، فالغرب الذي ساند نظام الملالي منذ سرقة ثورة عام 1979 حتى اليوم ها هي بعض دوله تراجع ملفاتها وتحتد جادة في مواقفها تجاه الملالي فالوقت يتسارع والمتغيرات باتت مؤكدة ومساحة المستقبل فيها نقاط فارغة لذوي المواقف..! والبعض الآخر يراود نفسه ويلوح من بعيد على الرغم من أنهم مستفيدون من وجود الملالي كأزمة تلبى الطموح والمصالح وتُسهم في إنجاح المخططات بمختلف الأشكال والنوايا.
القوى المدنية العربية
القوى المدنية العربية من أهل الرأي والفكر والقلم والثقافة والمجتمع المدني غائبة أيضا عن دعم الثورة الإيرانية الجارية من أجل إسقاط الملالي المتحكمين في إيران علما بأنه من الواجب على هذه القوى القيام بدور أعلى وأكبر من السلطات العربية الرسمية التي قد تتخوف من تصريح ما أو توجه ما أو تكون لديها بعض الحسابات غير الموجودة عند أصحاب الفكر والتوجه والعمل الحر، وبالتالي فإن ما تقوم به لا يخضع الى قيود حكومية محلية ولا دولية لكنها مع الأسف لا تدرك واجباتها ولا قيمة الدور الذي يجب أن تقوم به بالحدين الأقصى والأدنى سواء على صعيد ما يصدر عنها من مواقف وحشد للرأي العام العربي أو ما تنشره على وسائل التواصل، وكذلك الحال بالنسبة لإخوتنا المفكرين والكتاب والإعلاميين الرساليين الذين لا يزال أغلبهم تقليديٌ في نظرته وموقفه والبعض منهم يتجه نحو التشكيك بما يخدم في النهاية نظام الملالي.
الثورة الإيرانية ثورة عربية بإمتياز
الثورة الإيرانية ثورة عربية بإمتياز .. بإمتياز، وليست جهة نظر شخصية اسعى لفرضها وإنما حقيقة أبنيها على الواقع الذي يعيشه العرب وعلى معاناتهم أمنيا واقتصاديا واجتماعيا، وعلى أربعة دول عربية آيلة للإنهيار التام والزوال بسبب إحتلالها من قبل ملالي طهران، هذا بالإضافة إلى شق الصف الفلسطيني وتوفير الحجج والذرائع لتعطيل مشروع قيام الدولة الفلسطينية، وأحد الأسباب المهمة الأخرى هي المستقبل ..وحق الشعب الإيراني الجار الذي يعاني أكثر من الجميع منذ 43 سنة.
فهل سنقف ونساند ثورة الشعب الإيراني من أجل خلاص المنطقة وتحرير اليمن والعراق وسوريا ولبنان وتوفير الأمن والأمان لكافة دول المنطقة أم سنكون أخر من يدرك وأخر من يواجه وأخر وأخر، و…، ولسنا إنفعاليين بل قراءاتنا صحيحة ولله الحمد وننتمي إلى قيمنا وثوابتنا بصدق.