ما الذي يمكننا استنتاجه من تكرار خامنئي لتصريحاته لسبع مرات متتالية
للمرة السابعة منذ بداية الانتفاضة الإيرانية في سبتمبر/ أيلول، هرع المرشد الأعلى لنظام الملالي علي خامنئي إلى مكان الحادث لرفع الروح المعنوية لقوات الباسيج المحبطة التي كانت في مأزق حقيقي نتيجة لإصرار الشعب الذي لا يتزعزع لتغيير النظام.
من تصوير المتظاهرين على أنهم عملاء “أجانب” والتقليل مما يعتبره الكثيرون ثورة ديمقراطية في البلاد، أضطرّ على خامنئي أن يلجأ إلى خطابه البالي في محاولة للسيطرة على الاقتتال الداخلي المتصاعد في نظامه.
وزعم خامنئي أن الاحتجاجات التي عمّت أرجاء البلاد كانت جزءًا من “مؤامرة الغطرسة العالمية الفاشلة”. ومن هنا رفض تقديم حل لما أسماه “شياطين العدو” أو على الأقل توضيح كيف سيطر نظامه على الأوضاع. ومن الجدير بالذكر أنه تفاخر الأسبوع الماضي بإنهاء الانتفاضة في خضمّ انتشار الاحتجاجات في جميع أنحاء البلاد وهتافات المواطنين “الموت لخامنئي”.
ولذلك، يعتبر العديد من المراقبين تصريحات خامنئي المتناقضة يوم السبت علامة واضحة على ديكتاتور يائس يسعى للخروج من مأزق مسدود.
ومع ذلك، حسم خامنئي وضعه مع الفصيل المنافس، الذي يسمى بالإصلاحيين، الذين نصحوه بجدية بالخضوع للضغط المحلي والدولي، ومنحهم نصيبهم من السلطة، وسماع “صوت الشعب”. وكان هذا الفصيل، الذي تورط في جرائم النظام ضد المواطنين لسنوات، يحاول إلقاء اللوم على عنف النظام في الانتفاضة الأخيرة ومشاكل البلاد على “المسؤولين المارقين” بينما يقدم ديكتاتورًا مثل خامنئي على أنه “الأب الراعي للأمة”.
وفي 16 نوفمبر/ تشرين الثاني، كتبت صحيفة اعتماد الحكومية: “لحل المشكلات القائمة بين الشعب والنظام الحاكم، يجب يجب أن تتصرف كأب حنون”.
وصرّح خامنئي في إحدى خطاباته “يكتبون ويقولون بوضوح أننا يجب أن نسمع صوت الشعب ونصفّي حساباتنا مع الولايات المتحدة. مالذي يعنيه هذا؟ هل يجب أن ندفع فدية للشيطان العظيم؟ فبمجرد أن نفعل ذلك، فإنهم سيطلبون المزيد”.
وأضاف خامنئي أن طهران ليست مستعدة بأي حال من الأحوال للتراجع عن طموحاتها النووية، مما يثبت مرة أخرى أن مساعي الحكومات الغربية لإحياء الاتفاق النووي الإيراني الخاطئ لعام 2015 كانت بلا جدوى او قيمة.
وحول “سماع صوت الشعب”، ذكّر خامنئي مسؤولي الفصائل المتنافسة بالانضمام إلى الاحتفالات والمراسم التي ترعاها الدولة، منددًا بالمعارضة المنظمة ومطالبة الشعب بتغيير النظام.
وفي إشارة إلى احتجاجات النظام الفاشلة التي نظمتها الدولة في ذكرى أزمة الرهائن في إيران في 4 نوفمبر/ تشرين الثاني، صرّح خامنئي: “إنهم يتفاخرون بوجود تفاهم سياسي، لكن تحليلاتهم وكلماتهم في بعض الصحف وعلى وسائل التواصل الاجتماعي تخيب أملي حقًا. فهم يطالبون بسماع مطالب الشعب. ماذا عنكم؟ هل سمعتهم مطالبهم أثناء احتجاجات 4 نوفمبر / تشرين الثاني؟ ”
باختصار شديد، سلّطت ملاحظات خامنئي الضوء على أن نظام الملالي الحاكم في إيران أمامه طريق مسدود فيما يتعلق بالثورة الحالية وكيف أن اتخاذ “خطوة واحدة” إلى الوراء يمكن أن يؤدي إلى السقوط الفوري للنظام.
كان ما يسمى بالفصيل “الإصلاحي” يقدّم خدمة كبيرة لخامنئي، حيث كان بمثابة واجهة لهذا النظام الوحشي لخداع العالم. شارك مسؤولو هذا الفصيل بنشاط في جرائم ضد الإنسانية وخنق أي صوت معارضة في العقود الأربعة الماضية. بطبيعة الحال، فإن هدفهم هو الحفاظ على النظام، حيث يرون مصلحتهم في وجود نظام الملالي الحاكم.
لكن خامنئي لا يمكنه قبول أدنى شقاق في نظامه. في أعقاب الاحتجاجات الإيرانية الكبرى في نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، وبعد رؤية دور المعارضة الإيرانية المنظمة – مجاهدي خلق – عقد خامنئي العزم على توطيد السلطة في نظامه. لقد عمل على شلّ حركة البرلمان أولاً، ثم تطهير الفصيل المنافس. في عام 2021، جاء بإبراهيم رئيسي، القاتل عديم الضمير، رئيسًا للبلاد من خلال صناديق الاقتراع. أصبح إبراهيم رئيسي على رأس النظام فقط لدوره في عملية القمع التي يمارسها النظام، ولا سيما دوره الحاسم في مذبحة عام 1988 التي راح ضحيتها أكثر من 30 ألف سجين سياسي، معظمهم من أعضاء منظمة مجاهدي خلق.
الآن، يواجه خامنئي ثورة حقيقية، حيث تلعب شبكة وحدات المقاومة التابعة لمنظمة مجاهدي خلق دورًا رائدًا في تنظيم هذه الاحتجاجات، الأمر الذي أقرّت به سلطات النظام. وكان رده على الانتفاضة الوطنية هو المزيد من العنف.
كما تعهد خامنئي بمواصلة موجة القتل، ويجب على المجتمع الدولي أن يتصرف وفقًا لذلك. واصل الشعب الإيراني احتجاجاته رغم محاولات النظام لقمعه. وسيكون الدعم الوحيد الهادف للثورة الإيرانية هو اعتراف العالم بحق الشعب في الدفاع عن نفسه. وهذا من شأنه بلا شك أن يجعل جهاز خامنئي القمعي أكثر هشاشة.