أين العرب من الانتفاضة الإيرانية؟!
اندلعت الانتفاضة الإيرانية الحالية في السادس عشر من سبتمبر الماضي ويربطها المنتفضون بثورة 1979 ويعدوها استمرارا لها بعد أن اختطفها النظام الإيراني الحالي معتبرين أن الحراك الثوري في إيران قائم والانتفاضات والاحتجاجات والاعتصامات مستمرة منذ ذلك الحين ولم تتوقف.
والثورة ليست ثورة حجاب ولا ثورة لأجل مقتل فتاة ولا ثورة تمرد انفصاليين كما سوقها النظام ولازال ، بل تأججت في هذا الوقت بالذات إثر التراكم التاريخي للظلم والقمع والكبت والإكراه الذي وصل إلى حادثة القتل المريع للشابة الكردية التي كانت برفقة أخيها الشاب الصغير وقد اثار ذلك عاطفة الناس المشحونة أساسا حيث قتلت العديد من النساء قبلها وهنا تصاعدت وتيرة الانتفاضة وارتفعت بسبب ما يعانيه الشعب الإيراني من مشكلات اقتصادية واجتماعية كبيرة وعلى رأسها الفقر والبطالة والغلاء والتضخم وأخرى من مثل القمع وكبت الحريات والتنكيل والتعذيب والقتل بالإضافة للمساس بالأعراض، وتخطى الشعب كل مآسيه ومطالبه ولخصها في مطلب واحد وهو إسقاط النظام الحاكم الذي تعزى إليه أغلب مشكلات إيران ، ومن ناحية قتل الفتاة فقد قتل النظام العشرات، ومن ناحية الحجاب فأغلبية النساء الثائرات منضبطات بالحجاب والثوار رجالا ونساء، ومن ناحية وسم الثورة بثورة متمردين انفصاليين، فلم يصدر أي تبني لمشروع انفصالي بالثورة والكل مجمع على اسقاط النظام، وبالتالي كل تلك المفاهيم التي يسوقها النظام هي من اجل تشويه الثورة وتبرير جرائمه القمعية وانقاذ نفسه من السقوط.
وقد عانى العرب من النظامين الدكتاتوريين الحالي وممن سبقه في إيران معاناة كبيرة من تهديد أمن وسيادة الدول الى لعب دور الشرطي المستبد المستنفذ للموارد والثروات الى نشر الإرهاب والمخدرات وزرع الفتنة واحتلال اربع دول عربية في إطار حملة توسعية همجية أهلكت شعوب المنطقة وبالتالي فإن نجاح ثورة الشعب الإيرانية هي خلاص لكل دول وشعوب المنطقة للتخلص من جرائم النظام الإيراني وارهابه ومشاريعه التوسعية ونشره للمخدرات وتهديده لأمن الدول والشعوب امر واجب ، وكذلك إسناد الشعب الإيراني في ثورته والاعتراف بحقه المشروع بالدفاع عن نفسه بشتى الوسائل الممكنة هو إسناد لكل حر ودعم ضد أي شكل من أشكال الظلم والغطرسة الذي يواجهه بني البشر في اي مكان من العالم ، وقد أبدت العديد من الدول البعيدة أصلا عن إيران وغير المتأثرة مباشرة من سياستها تعاطفها مع انتفاضة الشعب الإيراني مؤيدة حقه في تقرير مصيره وفي مشروعية مطالبه، في حين أن دولا تأثرت من النظام الإيراني ولم تزل تتأذى؛ ولكنها لم تحرك ساكنا تجاه ما يجرى على الساحة الإيرانية غير بث الأخبار ووصف ما يجري هناك ! .
والمتفحص للشأن الإيراني يجد أن الثورة الإيرانية تختلف عن غيرها من ناحية القيادة والتنظيم والأدبيات وقد اتضح ذلك على أرض خلال الأسابيع الماضية من عمر الثورة هذا من جهة، وكذلك من جهة المنظور المستقبلي لما بعد الثورة، فإن البدائل موجودة، ومنها بديل قوي ذو تاريخ نضالي متجذر وحافل في تاريخ إيران وهو المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية باعتباره بديلا وطنيا مستقلا ومنظما مؤهلا وقد قدم قادته خطة مكونة من عشر بنود وهي بمثابة الركائز الأساسية لدولة رصينة ومستقبل زاهر في إيران… وهذا على عكس ما يروج له النظام الحالي الذي يريد ان يظهر أنه لا بديل عند إسقاطه، وان إيران ستتحول إلى أوضاع مثل سوريا او العراق ملوحا بأن البلاد قد تُجر إلى حرب داخلية وما هذه إلا دعايات مغرضة القصد منها إبقاء النظام، متناسين أنهم وجنودهم هم من فعلوا ذلك بالعراق وسوريا واليمن ،وغيرها من دول المنطقة .
دكتور عيد النعيمات – نائب برلماني أردني
المصدر: دنيا الوطن