إيران: القلق من إمكانية فرض عقوبات الإعدام التعسفية في خضم الانتفاضات، يتزايد
لقد مرّ ما يقرب من ثلاثة أسابيع منذ أن أعلن القضاء في نظام الملالي عن أول حكم بالإعدام له فيما يتعلق بالانتفاضة الوطنية التي اندلعت في أعقاب وفاة مهسا أميني البالغة من العمر 22 عامًا على يد “شرطة الآداب” سيئة السمعة في العاصمة طهران.
ولا يوجد حتى الآن أي مؤشر على أن تلك الاحتجاجات تفقد زخمها، ولا تزال التقارير تتسرب إلى وسائل الإعلام الدولية عن حوادث إطلاق نار وضرب قاتلة، فضلاً عن أحكام الإعدام التي صدرت أو قد تصدر في المستقبل القريب. يمكن أن تشكل هذه الدعاية تحديًا كبيرًا آخر لنظام الملالي، بالنظر إلى أن بعض أكبر المظاهرات في الأسابيع الأخيرة قد غذتّها نصب تذكارية لضحايا القمع الحكومي.
وقد حظي هؤلاء الشهداء حتى الآن باهتمام محلي ودولي بسبب الظروف التي أحاطت بمقتلهم.
وجاءت وفاة مهسا أميني في 16 سبتمبر/ ايلول بعد ثلاثة أيام من اعتقاد شرطة الآداب أنها ترتدي الحجاب بشكل غير لائق، وقد تعرّضت للضرب المبرح في طريقها إلى أحد المراكز التعليمية. حيث أشعلت جنازتها الفتيل الأول للاحتجاجات في مسقط رأسها سقز، والتي سرعان ما امتدّت إلى بقية البلاد.
تشير أحدث التقديرات الصادرة عن منظمة مجاهدي خلق الإيرانية، وهي جماعة معارضة رائدة مؤيدة للديمقراطية في البلاد، إلى أن الاحتجاجات تجري الآن في ما يصل إلى 277 مدينة وبلدة، مع مطالبهم الأساسية التي لا تطالب فقط باستعادة حقوق المرأة، ولكن أيضًا الإطاحة بالنظام بأكمله وراء قوانين الحجاب الإجباري و الفصل العنصري بين الجنسين.
رفض العلاج واستهداف الأطباء
وجاءت تقديرات منظمة مجاهدي خلق الإيرانية بأن عدد الشهداء في صفوف المتظاهرين تجاوز 700 متظاهر منذ بدء الانتفاضة، 60 منهم دون سن 18 عامًا. وكان أحد العوامل المساهمة في هذا العدد من القتلى هو الصعوبة التي واجهها المتظاهرون في تلّقي العلاج الطبي. كما تشتهر السجون ومرافق الاحتجاز الإيرانية بحرمانها من الحصول على مثل هذا العلاج، في كثير من الأحيان كإجراء عقابي، وعلى مدار الشهرين الماضيين، قامت السلطات بتدبير المستشفيات والمراكز الطبية وحتى الصيدليات في محاولة لتحديد واعتقال أي شخص يسعى للعلاج. عن الإصابات التي حدثت أثناء الاحتجاجات.
أدّى هذا الوضع إلى قيام عدد من الأطباء الإيرانيين، لا سيما المرتبطين بمنظمة مجاهدي خلق الإيرانية، بإنشاء شبكات مخصصة لإجراء مكالمات منزلية وتقديم العلاج للنشطاء خارج المستشفيات. ومع ذلك، أصبحت هذه الشبكات نفسها أهدافًا لعملية المراقبة التي يقوم بها النظام، ونتيجة لذلك تم اعتقال بعض المهنيين الطبيين. علاوة على ذلك، فقد جعل النظام الأطباء الآن على ما يبدو أهدافًا للملاحقة القضائية على جرائم الإعدام كجزء من محاولة لممارسة القمع.
تم القبض على طبيب يُدعى إبراهيم ريكي في 13 أكتوبر / تشرين الأول واتُهم بـ “قيادة” الاحتجاجات المناهضة للحكومة في مدينة زاهدان وما حولها. وبشكل منفصل، تم اعتقال طبيبن زوجين، حميد وفرزانة أثناء حضورهما مراسم تشييع أحد المتظاهرين الذي قُتل في مدينة كرج. يواجه المعتقلون الثلاثة الآن المحاكمة بتهمة نشر الفساد في الأرض أو العداء لله، بينما ورد أن حميد في حالة حرجة بعد تعرضه للضرب الوحشي أثناء احتجازه.
هذا النوع من العنف والحرمان من الخدمات الطبية التي ربما قدمها حميد بنفسه ليسا سوى عاملين من بين العديد من العوامل المساهمة في تدهور الظروف الصحية للسجناء الإيرانيين. وتشمل العوامل الأخرى انتشار التعذيب الجسدي والنفسي والظروف القاسية بشكل عام للعديد من المنشآت الإيرانية.
الاختفاء والإعدام الوهمي
وردت أنباء حديثة عن إعدام مجهولين في السجون الإيرانية بناء على اتهامات غير معروفة.
حيث تم إعدام معتقل يدعى كيهان شاكر بناهي في سجن كاشان المركزي يوم السبت بعد نقله بشكل مفاجئ من أصفهان، ولم تتمكن أي مصادر من تحديد سبب إعدامه. بالإضافة إلى ذلك، تم إعدام ثلاثة أشخاص بشكل منفصل داخل سجن أصفهان المركزي في نفس اليوم، ولكن تم التعرف على اثنين منهم فقط بالاسم.
ووفقًا للتقارير التي سجلّها مرصد حقوق الإنسان الإيراني (HRM)، تم شنق ما لا يقل عن 539 شخصًا منذ بداية عام 2022.
علاوة على ذلك، تشير التطورات الأخيرة إلى احتمال حدوث ارتفاع حاد آخر في معدل الإعدام خلال شهر ديسمبر/ كانون الأول. لكن من الواضح أن المجتمع الدولي قد اعترف بهذه الأمور، وبناءً عليه، أمر مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في الأسبوع الماضي بإنشاء “بعثة لتقصي الحقائق” فيما يتعلق بقمع الاحتجاجات المتصاعد في جميع أنحاء إيران.
كما سلّطت الرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، السيدة مريم رجوي، الضوء على إدانة الأمم المتحدة رقم 69 لنظام الملالي، “لقد حان الوقت لإحالة الملف الخاص بجرائم النظام إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وتقديم قادته إلى العدالة. ”