أيقونة تبريز طالبة الطب الآذرية الشهيدة آيلار حقي آيلار حقي .. مظلومية كل النساء والأباء والأمهات وذكراها مداداُ للثورة حتى النصر
آيلار حقي طالبة الطب الشابة الآذرية الإيرانية المغدورة ؛ وإحدى ضحايا سفاحي السلطة في إيران الملالي ، بات والدها المكلوم وعشرات المعزين في ذكرى الأربعين لوفاتها أيضا من ضحايا خامنئي وجنوده، وحال هذه الأسرة المنكوبة اليوم بين شهيد ووالدها وأقارب مفقودين
الكل في إيران الملالي اليوم منكوب من شهداء حقبة الشاه ومعوقيها ومشرديها إلى شهداء ثورة 1979 ومعوقيها، إلى شهداء مجازر الإبادة الجماعية في يونيو(خرداد)، إلى شهداء ومعوقي وأرامل وأيتام ومشردي حرب الثماني سنوات، إلى شهداء مجازر الإبادة الجماعية للسجناء السياسيين سنة 1988 وتبعاتها الإجتماعية القاسية إلى شهداء الإنتفاضات وشهداء الحرب في سوريا وضحايا كورونا الإبادية بسبب خامنئي وعصاباته، وشهداء ومعوقي ومعتقلي ومفقودي الإنتفاضة الوطنية الجارية ..الكل اليوم منكوب ومكلوم وموجوع ولم يعد السواد فقط مظهرا للحزن بل خيم الحزن على القلوب والأذهان، وبات كل شهيدٍ اليوم شهيداً وألما لكل الإيرانيين، ولم تعد تقتصر الشهادة على الرجال في ميادين الحروب وباتت النساء اليوم في مقدمة شهداء النضال في إيران حيث تقاتل المرأة الإيرانية وهي أم الشهداء وأخت الشهداء وأرملة الشهداء وأم أبنائهم وجارة الشهداء والمعيلة من بعد الشهداء تقاتل اليوم من حدة الآلام المتراكمة ودفاعا عن وطنها وأبنائها وإخوتها وبيتها وجيرانها وأبناء وطنها التي تقودها الحمية المطلقة نحوهم، حيث فقد الآذريون والأكراد والبلوش والفرس والعرب واللر وكل الإيرانيين بناتهم وأبنائهم والكل موجوع ومكلوم.
لقد كان الإيرانيون إذا ألمت فاجعة موت يخرجون ويهتفون مواسين ومؤازرين بعضهم في مسيرة العزاء بهتافهم المعزي للقلوب: عزاءٌ عزاءٌ اليوم .. اليوم عزاءٌ اليوم، ولكن ماذا أن تعاظم الكوارث والمصائب وانتشر الموت والدم والبغي والإغتصاب وهتك الحرمات ؛ لقد عم البلاء كل أرجاء البلاد فمن يعزي من، لم يعد هناك مجال للعزاء بل للمواساة فقط والثورة هي الحل والخلاص وبعدها يأتي العزاء.
عندما تكون إنسانا ووجدانك لا غبار عليه يزداد إحساسك بالمسؤولية والألم تجاه الأخرين سواء كنت تنتمي إليهم أو لا تنتمي إنه الإحساس الآدمي الذي يقود مشاعرك نحو التفاعل مع الآخرين في آلامهم قبل أفراحهم فبالنهاية نحن جزءا من مجتمعنا البشري الأوسع وتفاعلاتنا الإنسانية واجبة من هذا المنطلق خاصة في عالم التقنية اليوم عالمٌ بلا أقنعة اليوم يتشارك فيه الكل ما لديه من معارف وأحداث وأزمات.
عصرني الألم عندما تلقيت خبر ضرب وخطف الشابة الكردية المغدورة مهسا أميني من أخيها الشاب الصغير المسكين في مخرج محطة المترو بمدينة طهران وهي ديار غربة بالنسبة لهم فهم زوار قادمين من مدينة سقز وزاد ألمي عندما كنت أتخيل ألم أخيها الصغير الذي بحكم الأطفال من الناحية الفسيولوجية والقانونية وهو يركض خلف سيارة عصابة الدولة المسماة بشرطة الآداب عديمة الأدب التي خطفت شقيقته، ويصل إلى مركز إعتقالها ركضا خلفها وينتظر أمام باب المركز لتخرج أخته أمامه مرة أخرى جثة هامدة منقولة إلى المستشفى ليتم تبرير جريمة قتلها هناك كما اعتاد هذا النظام الفاشي، لكن ألمي على والديها بعد وفاتها كان أشد من ألمي عليها ولولا نعمة الصبر والسكينة التي ينزلها العزيز الكريم على عباده في المحن لما احتمل أي منا مثل تلك المحن والإمتحانات.
لم تكن مهسا أميني الأولى فقد سبق أن أعدم النظام فتيات أصغر منها في الشوارع رميا بالرصاص دون الإعتبار لأدنى حقوق لهن وهو حق التعريف الشخصي لهن ولأقرانهن من الشباب الذكور بحقبة ثمانينيات القرن الماضي من حكم هؤلاء الطغاة، ولم يكن حينها لا إنترنت ولا فضائيات وتم قتلهم جميعا في ظل تعتيم إعلامي وتكتم حكومي شديد ولولا فضح المقاومة الإيرانية لتلك الجرائم لبقيت طي الكتمان، وكذلك لم تكن مهسا أميني الأخيرة فقد مات بعدها من هم أصغر منها سنا مات بنات وأطفال ونساء شباب بلوشستان لرستان وكردستان وطهران وبنات الأهواز وشيراز واراك وأصفهان وكل بقعة في إيران وكان القاسم المشترك في قتل الجميع هو القتل العمد والإستخفاف بأرواح البشر.
لقد كان مقتل نيكا شاكرمي الطفلة ذات الـ 17 ربيعا أمرا فظيعا أسضا، إلا أن مقتل آيلار حقي كان من الجرائم البشعة المفجعة التي لا يرتكبها بشر ولا يحتملها بشر إذ لاحقها المجرمون وهي تحتمي في إحدى البنايات من جحيم القمع الدموي في المواجهات بين قوات النظام القمعية والثوار العزل، واقتادوها إلى سطح البناية وألقوها من الأعلى لتسقط على حديد تسليح بناء مزق أحشائها مخترقا بطنها إلى ظهرها والله أعلم بما فعلوا بها قبل إلقائها على هذا النحو، وعلى الأرجح أن هؤلاء المجرمون من قوات وجند خامنئي المخمورين المخدرين الذين يعطونهم أقراصا مخدرة لتخلصوا من جبنهم في المواجهات مع الثوار فارتكاب مثل هذه الجريمة وأمثالها من الجرائم لا يمكن أن تكون من أشخاص طبيعيين ومن المحتمل أن يكونوا قد فعلوا جرائم كثيرة من هذا النوع وتبقى الضحايا مجهولة الهوية خاصة بعد تشويه الجثث، وتُقيد الجرائم ضد مجهول.
لم يكتفي جند خامنئي بقتل الأيقونة الآذرية طالبة الطب الشهيدة آيلار حقي والإجرام بحقها بل راح إعلامهم يزيف الحقائق ليضيع حق تلك الشهيدة المغدورة وحق أهلها، وفي مراسيم إحياء يوم الأربعين لوفاتها كانت كلما أباها مبكية للصخر قبل القلوب، وكان جند فرعون قد أعدوا عدتهم لقمع الحشد الكبير الذي حضر تلك المراسيم منددا بفرعون وهامان وجنودهما وباغتتهم القوات القمعية واعتقلوا الأب غير مبالين بجراحه وآلامه ومعه عشرات المعزين العزل واقتادوهم إلى أماكن غير معلومة وهذا يُعد خطفا، وبذلك تزداد محنة تلك العائلة وتزداد آلام الشعب الإيراني، وهنا أستذكر قول الراحل عدنان مندريس رئيس وزراء تركيا الذي أُعدِم سنة 1961 عندما قال لجلاديه الذين استخفوا بحياته وقد كان على حق تقتلونني ويأتي من بعدي ألف عدنان مندريس، ويقتلون خامنئي وجنوده المخدرين آيلار حقي وغيرها من أبناء الشعب الإيراني ويعتقلون أهلهم وذويهم ولن تطفىء جرائمهم المشينة هذه نيران الإنتفاضة ولن تنجيهم من السقوط والمحاكمة والزوال وكل قطرة دم أُريقت بالباطل هي حبل مشنقة يُلف حول عنق الجناة حتى يوم النصر والحساب.
ساندوا الشعب الإيراني في ثورته ضد الرجعية…