السفينة التي إنتهى عهدها
أفضل تسمية يمکن إطلاقها على إنتفاضة 16 سبتمبر2022، التي لم تربك نظام الملالي فقط بل وحتى قلبت حساباتهم رأسا على عقب، هي تسمية”فجر إيران الجديد”، ذلك لأنها تمهد بحق للتغيير الجذري الکبير الذي ينتظره ليس الشعب الايراني لوحده منذ 43 عاما فقط، بل وحتى العالم کله!
إستمرار الانتفاضة الشعبية غير المسبوقة هذه وتمکنها من تحطيم کبرياء وجبروت النظام الکهنوتي الحاکم في إيران ونجاحها في الاستمرار على الرغم من إن النظام مارس الى جانب ممارساته القمعية الدموية في مواجهة هذه الانتفاضة، کل خدعه وحيله وأحابيله وهو أشبه مايکون بالدجال الذي إفتضح أمره وإنکشفت أکاذيبه وخدعه ويحاول جاهدا لکي يسترد إعتباره ولکن من دون جدوى فقد قضي الامر! إستمرار الانتفاضة هذه لوحدها تعتبر أکبر إنتصار من نوعه للشعب والمقاومة الايرانية ضد النظام، ولاسيما بعد أن أعطت الانتفاضة إنطباعا کاملا بأن على العالم أن ينتظر نهاية النظام وليس الانتفاضة کما يروج النظام عبثا ومن دون طائل.
طوال 43 عاما من حکم هذا النظام عمل المستحيل من أجل القضاء على منظمة مجاهدي خلق”العمود الفقري للمقاومة الايرانية ويدها الضاربة”، وقد قام بتوظيف إمکانيات هائلة من أجل ذلك علما بأنه قد قام وفي بداية تأسيس النظام ببذل مساع جبارة بهذا الصدد ترهيبا وترغيبا، وحتى إن خميني مٶسس النظام بنفسه قد قال بخصوص سعي النظام من أجل إبرام إتفاق يمکن من خلاله ضمان تخلي المنظمة عن مواجهتها وصراعها ضد الاستبداد والدکتاتورية عندما قال في مايو 1981:” لو اني اتوقع واحدا بالألف بأنكم ستكفون عما تريدون فعله، لكنت مستعدا للمجيء اليكم والتفاهم معكم لا أن تأتوا أنتم إلي”! وهذا يدل على إن المنظمة هي من کانت ترفض الاتفاق والجلوس مع النظام طالما أصر الاخير على نهجه الاستبدادي القمعي.
بطبيعة الحال، فإن خوف النظام من منظمة مجاهدي خلق کان ولازال بسبب من أفکارها التقدمية التحررية التي ترفض الاستبداد والدکتاتورية وبسبب شعبيتها وتقبل مختلف الشرائح الاجتماعية لأفکارها ومبادئها وبشکل خاص الشباب والنساء، لکن هذه الانتفاضة أثبتت ليس فشل النظام في القضاء على المنظمة وعزلها عن الشعب الايراني وحجب أفکارها، بل وحتى هزيمة النظام شر هزيمة وإنتصار مجاهدي خلق بقيمها ومبادئها وبتواصلها وتلاحمها مع الشعب الايراني.
هذه الانتفاضة التي جاءت لتٶکد حقانية ومصداقية القيم والافکار والمبادئ التي تعتنقها منظمة مجاهدي خلق وتدعو إليها، وإن فکرا يدعو للحرية والکرامة الانسانية هو فکر لايمکن أبدا حجبه والقضاء عليه، وإن من يقف بوجه هکذا أفکار فإن نهايته ستکون نفس نهاية نظام الشاه وکذلك نهاية هذا النظام الذي أصبح قاب قوسين أو أدنى من السقوط، وکيف لا وإن نظام الملالي وبعد 43 عاما من الصراع والمواجهة مع منظمـة مجاهدي خلق قد أصبح في نهاية المطاف مثل تلك السفينة التي إنتهى عهدها ولايمکنها مرة أخرى الابحار ولايمکن الاستفادة منها إلا بتفکيکها وتذويبها!