ميليشيا الحرس الثوري على قائم التنظيمات الإرهابية للإتحاد الأوربي
صادق البرلمان الأوربي في اجتماع رسمي له في الخميس 19 يناير 2023 على قرار يُدرج بموجبه ميليشيا ما يسمى بـ الحرس الثوري الإيراني وهو عمود خيمة خامنئي في قائمة الإرهاب الأوربية.
بالطبع لم يكن وصول هذا القرار الأوربي إلى هذا المستوى من الجرأة والإقدام من منطلق قيم ودوافع على الإطلاق فقد أهلك العديد من النواب والقادة الأوروبيين أنفسهم من أجل إستحصال مواقف يدافعون فيها عن شرف مبادئهم وكانت تلك الحكومات تضع أمام أفواههم أُذنً من طين وأخرى من عجين، وعلى الرغم من قوة هذا القرار الذي أخرجه المشرعون إلى العلن سريعا، واستحصل على أغلبية كبيرة جدا أمام وضع كوضع ملالي إيران، وفي الوقت ذاته لفت الإنتباه إلى حجم المؤيدين لنظام الملالي دول الإتحاد الأوروبي، ولذلك يثير هذا الموقف الأوروبي العديد من التساؤلات لدى الكثيرين ومن هذه التساؤلات/
هل خرج هذا القرار لدواعي أخلاقية كتلك التي يدعي بها الأوروبيون أم أنه لذر الرماد في العيون والتغطية على تخاذلهم أمام معاناة الشعب الإيراني الذي تبطش به سكين المُلا الجزار في الشوارع والسجون ومقاصل الإعدام، أو تخاذلهم أمام ما حدث ويحدث في العراق منذ عقود ويكملون مواقفهم إلى الآن؟
هل خرج هذا القرار بدافع الإنحياز لما يجري في أوكرانيا وما يقدمه الملالي من صواريخ وطائرات معممة تبطش بالمدنيين في أوكرانيا المعاناة الأوربية الداخلية وما وصلوا إليه اليوم وماضون فيه بتدهور بسببه؟
هل كان القرار بدافع الضغوط التي مارستها المقاومة الإيرانية وقوى أوروبا الحرة والقوى الإنسانية الدولية الصادقة ونضج الرؤيا فظهر للعلن؟
هل يصب القرار في مصلحة أوروبا؟
هل سيصادق الوزراء الأوروبيون على هذا القرار وإن لم يصادقوا عليه فما الذي يمنعهم من ذلك؟
لم يكن لقرار الأغلبية في البرلمان الأوروبي بوضع ميليشيا ما يسمى بالحرس الثوري في إيران على قائمة إرهاب دول الإتحاد الأوربي بالأمر الناتج عن الإيمان بقيم بل نتيجة عدة عوامل منها الضغوط التي مارستها المقاومة الإيرانية لعقود متواصلة بالتعاون مع قوى وشخصيات أوروبا الحرة الذين لا يُنكر دورهم، وكذلك دور القوى والمؤسسات الإنسانية الأوروبية والدولية الصادقة، كذلك كان القرار بحجم تأييده غير المتوقع في أوروبا التي انتهجت سياسة الإسترضاء مع ملالي طهران كنهج ثابت مثيرا للتعجب لكنه جاء في جانب منه نتيجة الإنحياز لما يجري من كوارث وهزائم للغرب في أوكرانيا، ونتيجة لما يقدمه الملالي من صواريخ وطائرات معممة تلعب دورا كبيرا في أوكرانيا على المديين القريب والبعيد في حال الإستمرار وذلك لرخص تكلفة الأسلحة لدى نظام الملالي قياسا بتكلفتها داخل روسيا وبالتالي قد يؤدي ذلك إلى ترجيح كفة الحرب لصالح روسيا وبذلك تتفاقم المعاناة الأوربية على مختلف الأصعدة الخارجية والداخلية وصولا إلى التهديد الشامل لأمن دول الإتحاد الأورب، وهنا قد تكون إحدى الأسباب والدوافع الحماسية للقرار هي ما وصلوا إليه من حالٍ اليوم وماضون فيه بتدهور، وعليه فإن القرار وما يتبعه من قرارات ومواقف لاحقة تؤدي إلى إسقاط نظام طهران ما سيؤدي بدوره إلى نزع بعض القدرات التي تستعين بها روسيا في حربها مع الغرب، وهنا يعض القرار تكتيكي أو كمن يضرب عدة عصافير بحجر واحد، ووفق هذه الرؤيا فإن القرار يصب في مصلحة دول الإتحاد الأوروبي بل ويحفظ لها هيبتها وماء وجها على المديين القريب والبعيد أيضا.
أما مصادقة حكومات دول الإتحاد الأوروبي الأوروبي على القرار فهي أمر سابق لأوانه لكن المراقب للسياسات الرسمية في هذه الدول يمكنه القول بأن دول غلب عليها طابع الإسترضاء مع نظام الملالي لعقود عديدة ولها مصالح في ذلك تتعلق بالأوضاع السياسية بالمنطقة التي لابد من وجود صانع أزمات فيها ولا يوجد أفضل من الملالي في هذه المهمة كخلفاء للشاه .. كل هذا سيجعل من مصادقة تلك الحكومات على القرار بالإجماع أمرا صعبا لكن تشريع القرار والتصويت عليه بهذه القوة كان بمثابة مطرقة كونية وقعت على هذه الدول أن تلقتها كما ينبغي وكما رسم المشرعون نجت وإن بقيت على نهجها وسابق عهدها تصدعت وتهلهلت وزادت الأحوال سوءا أكثر مما هي عليه، ومن يعول من الغرب على هزيمة روسيا في أوكرانيا وإنتصار الغرب وعودة المياه إلى مجاريها الطبيعية مخطأ ففي كلا الحالتين هزيمة روسيا في أوكرانيا أو انتصارها ستخرج أوكرانيا رمادا وتهلهل أوروبا وستحدث فيها متغيرات كثيرة.
الحلول تبدأ من الشرق الأوسط .. تبدأ بالتغيير في إيران والعراق وعودة الإستقرار لسوريا ولبنان واليمن والإعتراف بحق الشعب الفلسطيني صاحب الأرض بأرضه وقيام دولته وحق عودة أبنائه، وفي الجانب الآخر يكون التفكير في إعادة صياغة مفاهيم العلاقات الدولية بين المعسكرين المتصارعين حيث لا يزال هناك معسكرين شاء من شاء وأبى من أبى، الحلول تبدأ من إيران بإزاحة الملالي واعتقال صواريهم وغربانهم المعممة ليأمن العالم والمنطقة من شرها وقيام إيران جديدة وفق رؤية الشعب الإيراني ومقاومته التي لا يمكن لأحد أن ينكر دورها منذ عقود منذرة بالمخاطر، وقد كانت الأساس في صنع قرار البرلمان الأوربي القاضي بوضع ميليشيا حرس خامنئي على قائمة الإرهاب، وكذلك كانت الأساس في خلق ثقافة وفكر مواجهة ضد نظام الملالي في أوروبا والعالم.
في الحقيقة لا يمثل القيم الإنسانية في أوروبا إلا الشعوب وبعض الأحرار داخل سلطات هذه الدول، وعلى الرغم من أن مواقف حكومات هذه الدول ليست بجديدة إلا أنها باتت اليوم أكثر إفتضاحا وهزالا من ذي قبل وهذا ما سيعرضها لمخاطر عديدة شديدة في المسقبل القريب.