الاتحاد من أجل الحرية والديمقراطية والمساواة​

ثورة 1979 الإيرانية المناهضة لنظام الشاه لم تنتهِ أبدًا

انضموا إلى الحركة العالمية

ثورة 1979 الإيرانية المناهضة لنظام الشاه لم تنتهِ أبدًا

ثورة 1979 الإيرانية المناهضة لنظام الشاه لم تنتهِ أبدًا

ثورة 1979 الإيرانية المناهضة لنظام الشاه لم تنتهِ أبدًا 

  يصادف اليوم الحادي عشر من فبراير/ شباط  الذكرى السنوية للثورة الإيرانية المناهضة لنظام الشاه. وبعد أقل من نصف قرن، ها هي ثورة أخرى في طور التكوين في إيران، حيث يرفض الشعب الإيراني أي شكل من أشكال الديكتاتورية. 

في عام 1979، نزل ملايين الإيرانيين إلى الشوارع، مطالبين بإسقاط ديكتاتورية الشاه. كانوا ينادون بالديمقراطية والحرية. ولكن للأسف الشديد، قفز روح الله خميني على الثورة وبدأ عهد جديد من الإرهاب بقمع أولئك الذين قدّموا الدماء والدموع من أجل الثورة. كان الخميني هو الوريث الحقيقي للشاه والنتيجة الحتمية لنظام الحزب الواحد الذي قام بسجن وتعذيب وإعدام المعارضين السياسيين من أصحاب التطلعات الديمقراطية. 

صعد محمد رضا بهلوي إلى العرش بمساعدة القوى الأجنبية التي أطاحت بوالده رضا خان (الذي أطلق عليه الشعب الإيراني رضا خان البلطجي)، من السلطة لتعاطفه مع ألمانيا النازية. تولى محمد رضا، المعروف أيضًا باسم شاه، السلطة مع ضمان المصالح الاقتصادية للقوى العالمية، وخاصة بريطانيا في ذلك الوقت، التي كانت تسيطر على الموارد الإيرانية الهائلة من النفط والغاز. 

عمل الاحتلال الأجنبي أدى إلى تغذية فكرة القومية الإيرانية، ممّا أسفر عن احتجاجات قوية ضد احتكار الثروة الوطنية للبلاد. تحت ضغط الرأي العام، اضطرّ الشاه إلى اختيار الدكتور محمد مصدّق رئيساً للوزراء. وبمجرد توليه منصبه، أطلق الزعيم القومي العظيم صراعًا قانونيًا محليًا ودوليًا فيما بعد ضد الاحتلال الأجنبي الظالم وتمكن من تأميم النفط الإيراني. 

في عام 1952، أطاح الشاه بمصدّق من السلطة، ليواجه انتفاضة غير مسبوقة في طهران ومدن أخرى، أجبرته على الفرار من البلاد. وبمجرد عودته، اضطرّ إلى ترشيح الدكتور مصدق لمنصب رئيس الوزراء. ومع ذلك، بعد عام، في انقلاب بقيادة الولايات المتحدة بدعم وتنفيذ من قبل المتعصبين الدينيين مثل آية الله أبو القاسم كاشاني وخميني، أطاح الشاه بمصدّق من السلطة. 

قام الشاه بما يسمى بـ “الثورة البيضاء”، مدًعيًا أنه سيوزع الأراضي على المزارعين. ومع ذلك، جاءت الخطة بمجموعة جديدة من المزارعين التجاريين الأكثر قوة ليحلّوا محلّ نخب الطبقة الحاكمة وإقطاعيي الأراضي الزراعية، وقد نالت عائلة بهلوي نصيب الأسد. على عكس ادعاء الشاه، أدّى هذا الإصلاح، في الواقع، إلى خفض الصادرات الزراعية الإيرانية. في الفترة بين عامي 1972 إلى 1973، استوردت إيران، التي اعتادت على تصدير السلع الزراعية، ما قيمته مليار دولار من المنتجات الزراعية. 

في عام 1972، أفادت السفارة الأمريكية أن الإيرانيين يعانون من ارتفاع نسب التضخم. في الوقت الذي كانت الأسعار فيه في ازدياد مستمر، ظلّت الأجور منخفضة. ولكن بعد ذلك اندلعت الحرب العربية الإسرائيلية عام 1973، مما أدى إلى ارتفاع أسعار النفط. شهدت عائدات النفط الإيرانية ارتفاعًا غير مسبوق. وبما أن البلاد لم يكن لديها بنية تحتية حقيقية، وكانت ديكتاتورية الشاه مجردة من أي خطة ذات مغزى لاستخدام هذه الثروة، فقد أهدرت في بناء الجيش واستيراد البضائع، مما أدى إلى زيادة معدل البطالة وانخفاض الإنتاج الوطني. كما أدى ضخ عائدات النفط في السوق إلى زيادة السيولة، ونظرًا لانخفاض الإنتاج ومعدلات البطالة المرتفعة، فقد ارتفعت نسب التضخم بشكل أكبر. 

اسد الله علم 

كتب أمير أسد الله علم، رئيس وزراء الشاه، في ذكرياته: “ندّعي أننا ساعدنا إيران في الوصول إلى أبواب حضارة مجيدة، لكن البلاد تعاني باستمرار من نقص الكهرباء. فلا يمكننا حتى توفير الماء والكهرباء في العاصمة”. 

عندما انخفضت أسعار النفط في عام 1975، تراجعت ثروة البلاد بشكل سريع، بينما استمرّت الكوارث المالية في الازدياد. باختصار، على الرغم من الادعاءات الزائفة من قبل فلول نظام الشاه المخلوع، لم تحقق ديكتاتورية الشاه شيئًا سوى البؤس للإيرانيين العاديين. الوحيدون الذي استفادوا من “إصلاحات” الشاه هم النخب الحاكمة. 

قام الشاه بقمع أي شكل من أشكال المعارضة، وحلّ جميع الأحزاب السياسية، على الرغم من ولائهم لنظامه، وحظر أي أنشطة سياسية أو تفكير نقدي. ولكن بعد فترة وجيزة من “الثورة البيضاء”، أسس الشاه حزب رستاخيز، وأعلن أنه الحزب السياسي الوحيد في إيران، مما أدى فعليًا إلى تحويل البلاد إلى دولة ذات حزب واحد. بعبارة أخرى، أغلق أي طريق للإصلاح. 

في أوائل فترة الستينيات، بدأت مجموعات المعارضة في التكون. لم يكونوا يسعون إلى أي إصلاح واعتبروا أن سقوط النظام هو الحل الوحيد للأزمات الإيرانية. وكان من بينهم منظمة مجاهدي خلق الإيرانية ومنظمة فدائيي خلق الإيرانية. 

واجهت ديكتاتورية الشاه موجة متزايدة من المعارضة ثم لاحقًا اتجاه متزايد من الشباب للانضمام إلى صفوف منظمة مجاهدي خلق ومنظمة فدائيي خلق الإيرانية. وبالتالي، كان هدف الشاه الأول هو إنشاء جهاز أمني للسيطرة على المواطنين. وفي عام 1958، بمساعدة الولايات المتحدة، شكلّ الشاه شرطته السرية المعروفة باسم السافاك سيئة السمعة وبدأ حملة قمع قاسية على حركات المعارضة، مع ظهور وصعود شبح الإسلاميين المتطرفين مثل الخميني. 

نتيجة لذلك، تم إعدام أو سجن القادة الحقيقيين لثورة الشعب الإيراني. فقد تم إعدام مؤسسي منظمة مجاهدي خلق الإيرانية، وكان كبار مسؤولي التنظيم – بمن فيهم مسعود رجوي، الذي أصبح فيما بعد زعيم المقاومة الإيرانية في عهد خميني – في السجن حتى الأيام الأخيرة من الثورة. 

وهكذا، فإن روح الله خميني وشبكته من رجال الدين والأصوليين هم الذين قفزوا على الثورة وسرقوها. 

الاستبداد الديني الحاكم في إيران 

بدأ الخميني موجة القتل بعد ثورة 1979 بقليل. حيث تم القبض على الآلاف وإعدامهم، وكانت الثمانينيات من القرن الماضي أكثر عقد دموية من القمع الوحشي من قبل النظام. في صيف عام 1988 وحده، تم إعدام أكثر من 30000 سجين سياسي، معظمهم من أعضاء منظمة مجاهدي خلق. لم يوقف نظام الملالي أبدا جرائمه ضد الإنسانية. إيران، في ظل نظام الملالي، أصبحت صاحبة أعلى معدل إعدام للفرد في العالم. خلال احتجاجات نوفمبر 2019، قتلت قوات الأمن بالرصاص أكثر من 1500 متظاهر، وخلال الانتفاضة الأخيرة، قتلوا أكثر من 750 مواطنًا كانوا يطالبون بحقوقهم.  

  

لكن جرائم النظام لا تقتصر على انتهاكات حقوق الإنسان. فمن خلال تبديد ثروات الشعب على أنشطته الإرهابية وبرنامج الأسلحة النووية والفساد، ترك نظام الملالي واحدة من أغنى دول العالم في فقر مدقع. تبلغ نسبة البطالة الرسمية 8.9 بالمئة، لكن الرقم الحقيقي يحوم فوق 25 بالمئة. يزداد معدل التضخم باستمرار، حيث يرى العديد من الخبراء أنه أعلى من 60 بالمئة. يعيش غالبية الإيرانيين تحت خط الفقر. وفي غضون ذلك، أهدر النظام مليارات الدولارات على برنامجه النووي. تعاني النساء بشكل هائل من حكم الملالي المعادي للمرأة، وقد تم قمع الأقليات العرقية والدينية بوحشية. 

لذلك، حولت عقود من الفساد والقمع المجتمع الإيراني إلى برميل بارود. قبل أسابيع قليلة من اندلاع الانتفاضة الحالية في إيران، نشرت الجامعة العليا للدفاع الوطني التابعة للنظام دراستين تقر فيهما أن “ثلاثة من أربعة إيرانيين يشاركون في الاحتجاجات” ومدى عدم استقرار النظام. 

إحدى هذه الدراسات، بعنوان “إيران بعد [العام الفارسي] 1400″، أحصت العديد من الكوارث الاقتصادية وأكدّت أن “كل هذه العوامل غيرّت تمامًا جوانب المجتمع الإيراني، جنبًا إلى جنب مع موجتي الاحتجاج في يناير/ كانون الثاني 2018 ونوفمبر/ تشرين الثاني 2019، وقد تعززّت الشكوك في أن المجتمع الإيراني على أعتاب الانهيار السياسي “. ويختتم هذا البحث بتحذير مسؤولي النظام من أنهم لا يستطيعون أبدًا تجاهل “خطر تمرّد جماهيري غير منظّم ولا يمكن التنبؤ به وعنيف وبلا قيادة” في المجتمع الإيراني. 

على الرغم من أن جرائم نظام الشاه تصبح لا شىء مقارنة بجرائم نظام الملالي، إلا أن النمط والنظام هو نفسه: نظام استبدادي يحاول السيطرة على السلطة بكل الوسائل الممكنة. يشبه الوضع في إيران إلى حد بعيد ما كان قبل ثورة 1979. لكن هناك مانع رئيسي واحد: وجود معارضة منظمة. 

مسعود رجوي 

  

عندما بدأ خميني في قمع المعارضين، لا سيما بعد أن أمر قوات حرس نظام الملالي بفتح النار على احتجاج منظمة مجاهدي خلق في العاصمة طهران في يونيو/ حزيران 1981، شكلّ مسعود رجوي المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، وهو تحالف من مجموعات معارضة إيرانية ديمقراطية وأفراد بارزين، بعد شهر واحد في طهران. كان المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية ومنظمة مجاهدي خلق يناضلان باستمرار ضد النظام ويدفعان ثمن هذا الصراع. كانت المقاومة الإيرانية هي أول من فضح برنامج السلاح النووي للنظام وأنشطته الإرهابية في جميع أنحاء العالم وانتهاكاته لحقوق الإنسان. وتلعب منظمة مجاهدي خلق، من خلال شبكة وحدات المقاومة التابعة لها، دورًا رائدًا في الانتفاضات الأخيرة في إيران، حيث تنشر رسالة الأمل والمقاومة ضد الاستبداد من خلال ممارسة أنشطتها اليومية تحت أنظار نظام مراقبة العملاء السري والعلني للنظام. كما عقدت المقاومة الإيرانية العديد من القمم والفعاليات، بحضور سياسيين بارزين من كلا جانبي الأطلسي، للتوعية بالوضع الحالي في إيران، وكذلك لتعبئة المجتمع الدولي ضد نظام الملالي الإرهابي. 

نتيجة لذلك، حاولت طهران القضاء على بديلها القابل للتطبيق من خلال الإرهاب وحملة شيطنة واسعة النطاق. في يوليو/ تمّوز 2018، تم القبض على الدبلوماسي الإرهابي التابع لنظام الملالي، أسد الله أسدي، أثناء محاولته تفجير المؤتمر السنوي لإيران الحرة التي يعقدها المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية بالقرب من باريس. 

بالتوازي مع أنشطته الإرهابية، كان نظام الملالي يدفع بحملة شيطنة واسعة النطاق ضد منظمة مجاهدي خلق في الدول الغربية. 

في الأشهر الأخيرة، ومع رؤية السقوط الوشيك في الأفق، حاول الملالي اختلاق “بدائل” في محاولة للتغلب على الشعبية المتزايدة للمجلس الوطني للمقاومة ومجاهدي خلق داخل إيران. 

لسنوات عديدة، تمكنّ نظام الملالي من خداع المجتمع الدولي بالحديث عن “الإصلاح” و “الاعتدال”. للأسف، اتبعت الديمقراطيات الغربية سراب الإصلاح وأسطورة الاعتدال. وبعد سنوات، خلال انتفاضات 2018 على الصعيد الوطني، هتف الشعب الإيراني، “إصلاحي، متشدد، انتهت اللعبة”. 

لذلك بدأ نظام الملالي في تشكيل بديل جديد: نجل الشاه رضا بهلوي. يعيش رضا حياة مترفة منذ أن فرّت أسرة شاه من إيران بينما كانت تسرق مليارات الدولارات من ثروة الشعب الإيراني. تتكون الحياة السياسية الكاملة لرضا بهلوي من نشر تغريدات متفرقة ومناسبة سياسياً ومنشورات على منصّة فيسبوك و إنستجرام، والمشاركة في مقابلات تلفزيونية للترويج الذاتي، والإشادة بقوات حرس نظام الملالي. 

فهو محروم من أي حل للأزمات الإيرانية وأي موطئ قدم اجتماعي وسياسي في إيران – بخلاف علاقته الأسرية بديكتاتور وخاصة اتخاذ موقف ضد المقاومة الرئيسية والمنظمة الوحيدة ضد الملالي في الـ 42 عامًا الماضية. ولكن يعتبر ابن الشاه هو الخيار الأمثل للنظام وشخصية معارضة “غير ضارة”. 

بينما كانت وسائل الإعلام الناطقة بالفارسية والجيش السيبراني التابع لقوات حرس نظام الملالي يروّجون لابن الشاه، أظهرت الحملة الأخيرة “لمنح توكيل رسمي” الفشل المطلق في تسويق نظام الشاه المخلوع. 

بدأت هذه الحملة بعد مقابلة رضا بهلوي مع قناة “من و تو” التليفزيونية، وهي قناة تلفزيونية مثيرة للجدل، مع بعض المشاهير الذين كانوا نشطين داخل إيران حتى الأشهر القليلة الماضية، حيث منحت “توكيلًا رسميًا” لرضا بهلوي على منصات التواصل الاجتماعي. كما أطلقوا استفتاء لإظهار القاعدة الشعبية لنظام الشاه داخل إيران اعتمادًا على ملايين المتابعين على وسائل التواصل الاجتماعي. ومع ذلك، كان هذا مجرّد ضجة كبيرة حول سراب، حيث جمعت العريضة أقل من 500000 توقيع. هذا بينما كان يمكن لأي شخص أن يوقّع على العريضة قدر استطاعته باستخدام أسماء ورسائل بريد إلكتروني مختلفة. 

الاستنتاج 

هناك ثورة في طور التكوين داخل إيران، وأيام النظام أصبحت معدودة. يتمسك خامنئي كالغريق بأي شيء وأي شخص لإنقاذ نظامه، ومن هو أفضل من فلول نظام الشاه المخلوع الذي يشارك نظام الملالي في العديد من الأفكار الأساسية؟ 

ومع ذلك، بالنسبة للإيرانيين، فهم يختارون بين أخف الضررين. إن العودة إلى نظام الشاه في إيران أمر مستحيل تاريخيًا، وقد رفض الشعب الإيراني كلاً من الشاه ونظام الملالي من خلال ترديد هتاف “الموت للظالم سواء كان الشاه أو المرشد الأعلى”. 

تتماشى الثورة الحالية في إيران مع ثورة 1979 وتشترك في نفس الأهداف المتمثلة في إقامة إيران ديمقراطية وعلمانية. لقد حافظت المقاومة الإيرانية على قيم هذه الثورة على مرّ السنين رغم ثمنها الباهظ. إنّ الشعب الإيراني ومقاومته المنظمة مستعدون لتحقيق هدفهم في إقامة جمهورية ديمقراطية علمانية تمثيلية تحترم حقوق الإنسان وحقوق المرأة والأقليات. 

Verified by MonsterInsights