رؤية عربية لمستقبل إيران ومنطقتهم على ضوء مؤتمر ميونيخ
على الرغم من أن مؤتمر ميونيخ للأمن ليس جزءا من المؤسسات الدولية التابعة للأمم المتحدة ولا يمثل وجهة نظر رسمية دولية إلا أنه لا يمكن إغفال الأحداث التي تندرج في وقائعه والرسائل السياسية المستنبطة منه كحدث سنوي بات عالميا اليوم وترعاه قوى صانعة أو موجهة للمسارات السياسية الدولية ويجب أن تؤخذ كل اشارات هذا المحفل بعين الإعتبار.
وبالرغم من أن المؤتمر قد لا يمثل وجهة نظر رسمية دولية أو ألمانية وأن توصياته غير مُلزِمة إلا أنه يمثل وجهة نظر النخبة الغربية ومن يلتف حولها وبالتالي يمكن اعتبار أن كل ما يحدث فيه ويصدر عنه هو رؤية سياسية واضحة أكثر من كونه مجرد وجهة نظر تعبيرية أو موجهة، وقد صدرت عن المؤتمر بعد الإشارات أو الرسائل الإيجابية التي تستحق الإشادة بها خاصة أنه مؤتمر للأمن ومنها عدم دعوة النظام الإيراني لحضور المؤتمر، وأخرى لا يمكن إعتبارها بـ البريئة ومنها عدم شفافية الدعوة الموجهة للمعارضة الإيرانية والتي تم التلميح بها دون إفصاح قبل إنعقاد المؤتمر واتضحت عند عقده وبهذا يمكن تفسير هذا الإجراء على أنه توجه غير منصف وغير محايد مقصود ومخطط له ويتنافى مع الأفكار التي تأسس عليها هذا المحفل كمحاربة النازية والعنصرية ويتنافى كذلك مع إهتماماته بحقوق الإنسان والقيم الديمقراطية ومفاهيم الأمن والسلام ومع ثقافة الغرب التي يروج لها، فدعوة ابن شاه إيران الذي هرب من إيران مرتين مؤاثراً نفسه على بلده وفي الأولى أعاده الغرب إلى إيران ومع ذلك زاد عداؤه للشعب الذي خلعه في ثورة عام 1979هي بالتالي دعوة لإحياء بقايا نظاما دكتاتوريا عنصريا أُسقطت شرعيته بثورة شعبية تاريخية ولا تزال آثار هذا النظام باقية على ضحاياه على الرغم من مرور 44 عاما زواله، ولا يُنكر ابن الشاه واتباعه ذلك ولم يدينه ويعتذر عنه إن راد العودة إلى إيران كمواطن يمكنه ممارسة حياة سياسية جديدة بل بقي يعتز بتاريخ ابيه وجده ويمارس هو وأتباعه نفس النمطية والفكر والسلوك ويطعن بثورة الشعب وشرعيتها وفي نفس الوقت يدعي أو يريد تمثيل الشعب، وعلى الجانب الآخر لدعوة القائمين على مؤتمر ميونيخ لـ ابن شاه إيران المخلوع لحضور المؤتمر لا تعد هذه الدعوة في مسار مناهض وعلى النقيض من نظام طهران بل هي في خدمة نظام طهران الذي يدعم الترويج لتحركات ابن الشاه بقصد دحر الثورة الإيرانية القائمة وحرف مسارها بحسب ظنهم ذلك لأنهم شركاء في الفكر ولم يقم ابن الشاه بإدانة نظام الملالي أو إعلان العداء له لا بل يعتبر قوى وأركان النظام جزءا من المستقبل الذي يدعو له وبالتالي هو متحالف معه كما أن بعض المشاركين معه وهم أحد أدوات ما يسمونهم بالإصلاحيين داخل نظام الملالي استغربوا عدم دعوة طهران للمشاركة في المؤتمر وفي الوقت ذاته يطعنون في شرعية أكبر كيان شرعي أصيل داخل المعارضة الإيرانية الحقيقية وهو المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية ولم يكتفوا بالطعن في شرعيته بل واعتدوا على أفراده بالضرب حتى الإغماء عليه ونقله إلى المستشفى ولم تكن تلك الحادثة الأولى المعبرة عن نهج بقايا فلول الشاه فما تنشره وسائل التواصل الإجتماعي عن خروقاتهم حتى في منفاهم خارج إيران ليست بالقليلة وتتماشى مع رغبات وتوجهات نظام الملالي.
بنظرة متفحصة بسيطة لما يجري من أحداث داخل إيران وخارجها، وعدم دعوة القائمين على مؤتمر ميونيخ لنظام الملالي ودعوتهم لـ ابن الشاه نجد أن ابن الشاه وفريقه كانوا حاضرين أصالة عن أنفسهم ونيابة نظام الملالي، ونستنتج أن تيار ما يسمونهم بـ (الإصلاحيين) يوجهون تيار المهادنة والإسترضاء في الغرب باتجاه كسر الثورة الإيرانية المطالبة بالحرية والديمقراطية والعدالة والمساواة ودولة غير نووية مسالمة تحترم الجوار ومبدأ الأمن والسلم الدوليين، ولن يرحب الشعب الإيراني المنتفض بهكذا زواج بين الملالي الحاكمين وبقايا فلول الشاه المخلوع لأن ذلك يعني نهاية الشعب الإيراني والدخول في مرحلة جديدة من الجحيم في إيران وتواصل حالة الدمار وعدم الإستقرار بمنطقة الشرق الأوسط ، وتتفق وجهة النظر العربية في هذا الجانب مع مطالب الشعب الإيراني وتوجهات قواه الوطنية الأصيلة فإيران حرة وديمقراطية غير عنصرية وغير نووية تحترم مبادئ حسن الجوار مطلب عربي بالإضافة إلى كون ذلك مطلبٌ للشعب الإيراني والمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية.
كعرب لا نتدخل في الشؤون الداخلية لأحد ولا نملي فرضياتنا على أحد ولكن عندما يتعلق الأمر بالمساس بأمننا واستقرارنا سنتعامل بحرص ويقظة وبالطرق التي تحمينا وتحمي مصالحنا، ومصلحتنا مع الوقوف إلى جانب مطالب الشعب الإيراني الثائر.
د.عيد النعيمات / نائب برلماني أردني