أمسية رمضانية في باريس تُعلي شأن المرأة
من باريس الإسلام يكرم المرأة ولا إكراه في الدين
أمسية رمضانية في باريس تُعلي شأن المرأة
عُقِدت في باريس أول أمس الـ 26 من مارس/ آذار 2023 أمسية رمضانية مميزة أقامتها المقاومة الإيرانية من أجل دعم إنتفاضة الشعب الإيراني المتواصلة والتي تأججت من أجل كرامة المرأة المهدورة على يد القوى الرجعية الظلامية المتسلطة على رقاب الشعب في إيران، كما لم تسلم نساء دول وشعوب الشرق الأوسط من الفكر الهمجي الإرهابي الذي يسوقه نظام الملالي المدعي باسم الإسلام والولاية لآل البيت في إيران ولا صلة ولا سلوك ولا عقيدة تربطهم بالإسلام ولا بآل البيت الطيبين الأطهار، وهنا يحضرني بعض قول الشاعر مظفر النواب في قصيدة قديمة نشرها بعنوان وتريات ليلية في الحوار المتمدن ( أنبيك عليا.. لو جئت اليوم، لحاربك الداعون إليك، وسموك شيوعية) وتنطبق أبيات هذه القصيدة تماما على ملالي الشوم والإدعاء اليوم هم وأترابهم البائسة السفيهة في العراق ولبنان وسوريا واليمن وفي كل مكان حيث الجهل والرذيلة والفساد والخراب والدمار والموت والجوع والتشرد والبؤس والإضطهاد والعنف والإرهاب، وقد حكموا بإسم الشيعة ولم يرحموا سُنةً ولا شيعة ولا غيرهم من البشر وسائر الكائنات.
لقد كان عقد هذه الأمسية مقررا بشكل مسبق ليتم التهيئة لها وتقرر عقدها يوم 26 آذار / مارس 2023 إلا أنها وبمحض الصدفة جاءت متزامنة مع تصريحات لأحد ملالي النظام الإيراني في مؤتمر صحفي حول إبتكار خطط وحيل جديدة بشأن الحجاب لقمع النساء في إيران وتنص هذه الخطط الإجرامية على غرامات مالية ثقيلة تبدأ من نصف مليون إلى 3 ملايين تومان وإلغاء جوازات السفر ورخص القيادة، والحرمان من استخدام الإنترنت وعقوبات أخرى مؤكدا أنها ستكون مهينة للنساء، وسبحان الله وكأنما جاءت هذه الأمسية بالأمس ردا على تلك التصريحات في صيغة مقارنة بين الدعوة والإبتكار من أجل المرأة على يد النظام المتسلط على رقاب العباد وبين النضال المرير للمقاومة الإيرانية من أجل العدالة والمساواة وتحرير المرأة وإقامة جمهورية ديمقراطية شعبية غير نووية تعزل بين الدين والحكومة تقوم على أُسس المواطنة العادلة وسيادة قانون عادل ودولة تحترم الجوار، وقد كانت المرأة والإنتفاضة الإيرانية والمستقبل السياسي في إيران محورا أساسيا في تلك الأمسية.
المميز في تلك الأمسية كان الحضور والمشاركون، ونوع الخطاب، كان الحضور والمشاركون من قادة المجتمع الإسلامي الفرنسي، ومفتي القدس الشريف، ووزراء وبرلمانيين وقادة سياسيين وشخصيات مرموقة عربية وأجنبية وإيرانية معارضة، وشخصيات دينية غير مسلمة، وشخصيات نسوية مرموقة، وقد أجمع الحضور إسلاميين وعلمانيين على أنه لا صلة للنظام المتحكم في إيران بالإسلام وقيمه السمحاء إذ أن الخطاب العدواني والنهج الإرهابي اللذان يعتمدهما ذلك النظام لا علاقة لهما بأي نظام ديني على الإطلاق وليس الإسلام فحسب، كما لا علاقة له أيضا بأي نظام سياسيٍ إنساني، وأما الخطاب الموجه في تلك الأمسية فكان خطابا حضاريا يقر بأن الإسلام كرم المرأة ورفع من مكانتها حقا وعدلاً لكن خطاب الإدعاء الديني الظلامي المتطرف أنكر حقوقها فأهانها وسجنها وأعدمها ونفاها وشردها وبذلك يكون قد هدم المجتمع وأهانه، ولم يقتصر ظلم ملالي طهران على ظلم المرأة والمجتمع الإيراني فحسب بل طال دول المنطقة وخاصة العراق واليمن وسوريا ولبنان وأمعنت في الهدم الإجتماعي والإقتصادي بهذه الدول، وتمددت معاول الملالي نحو الهدم في في بلدان المغرب العربي وأفريقيا.
يبدو أن ملالي طهران قد نال منهم الرعب والخوف من دور المرأة في المعارضة الإيرانية ودورها الريادي البارز في قيادة المقاومة الإيرانية والإقرار بها شعبيا وإقليميا وعالميا كما هو الحال للسيدة مريم رجوي التي تريد مساواةً كاملةً للمرأة في إيران والشرق الأوسط متحدية سلطة الملالي الذكورية وهي دائما ما تقول إن الغلبة في المستقبل ستكون لأولئك النسوة المستضعفات بالأمس واليوم، ويأتي هذا بالإضافة إلى رعب النظام من دور المرأة وتضحياتها البارزة في قيادة الإنتفاضة الإيرانية وتحديها للنظام على الرغم من النهج القمعي الوحشي للنظام، ومرور سبعة أشهر من التضحيات المتواصلة للانتفاضة الإيرانية هي أكبر دليل على أن نهضة المرأة الإيرانية ليست نهضة من أجل مطالب آنية أو معيشية وإنما من أجل الخلاص من نهج ومفاهيم ووجود الدكتاتورية واقتلاعها من جذورها.
كان من أهم ما جاء في كلمة السيدة مريم رجوي كإمرأة سياسية مناضلة تقود أكبر كيان سياسي إيراني معارض من أجل غد إيران وغد النساء في إيران هو أن الشعب الإيراني المنتفض بقيادة النساء واعٍ لكل المؤامرات التي يحيكها النظام وحلفائه إذ حاولوا في بادىء الأمر التسويق للإنتفاضة الإيرانية على أنها إنتفاضة ضد الحجاب ليسهل على النظام بعد ذلك قمعها وتشويهها وقد فوتت المرأة بقيادتها للانتفاضة الفرصة على النظام وحلفائه وأثبتت أن الإنتفاضة الإيرانية لا تنحصر في هذا المطلب أو ذاك وإنما هي من أجل إسقاط النظام برمته وقد رفعت النساء الثائرات شعار بحجاب وبدون حجاب سنمضي قدما نحو الثورة وذلك ردا على تلك الحاولات الدنيئة، وأضافت السيدة قائلة حول ما تتعرض له الانتفاضة الإيرانية من مؤامرات: لقد واجهنا مثل كل الثورات في العالم حيلتين من قبل النظام وحلفائه، وقد تجسدت الحيلة الأولى في محاولة النظام وحلفائه الأجانب أن يصوروا بأن المنتفضين يريدون العودة إلى نظام الشاه، وكان الهدف من ذلك تحويل مسار الانتفاضة، إنهم يريدون القول بأنه لا سبيل للمضي قدما بالإنتفاضة الوطنية الإيرانية الجارية إلى الأمام، يريدون أن يوحوا بأن الديمقراطية غير ممكنة في إيران وأن الثوار أمامهم خيارين فقط، إما القبول بالوضع الحالي أو العودة إلى الدكتاتورية السابقة، وقد رد الإيرانيون في إيران وخارجها بحزم على هذه الحيل والمؤامرات، بشعار الموت للظالم سواء كان الشاه أو الزعيم (خامنئي)!، وأهم ما جاء في الأمسية هو تأكيد علماء الدين الإسلامي وجميع المشاركين على تكريم المرأة وأنه لا إكراه في الدين، وتُعد هذه الأمسية ثاني فعالية كبيرة ونخبوية تُقام من أجل نهضة المرأة في شهر آذار/ مارس وكذلك رسالةٌ يُعاد تأكيدها مراراً وتكراراً كبيان عهدٍ من أجل حقوق المرأة في إيران والمنطقة.
د.محمد الموسوي / كاتب عراقي