لماذا فشل النظام الإيراني في حشد الشعب لحملته لإثارة الحرب في المنطقة
بعد أسابيع من الحرب المدمرة في غزة، ظل النظام الإيراني يستخدم الحرب كأداة لصرف الانتباه عن أزماته وإظهار نفسه على أنه الحامي الوحيد للشعب المسلم. ومن المفارقات أن المكان الوحيد الذي كان لدعاية النظام فيه أقل تأثير هو داخل إيران.
وفي 3 تشرين الثاني/نوفمبر، أثناء صلاة الجمعة في أراك، قال قربان علي دري نجف آبادي، ممثل علي خامنئي في المحافظة المركزية ووزير المخابرات السابق: “بعد صلاة الجمعة، نسير 10 خطوات من مدخل المسجد، 100 متر، 200 متر، وهم يهتفون: الموت لإسرائيل، الموت لأمريكا. هذا عمل عفوي دون أي تكلفة!
وفي 4 تشرين الثاني/نوفمبر، نقلت صحيفة اعتماد الحكومية عن عباس عبدي، وهو صحفي وعضو بارز في ما يسمى بالفصيل “الإصلاحي”، قوله: “بينما في معظم دول العالم، وخاصة الدول العربية والإسلامية، كانت هناك احتجاجات شعبية ضد الجرائم التي ترتكبها إسرائيل، والتي شارك في بعضها مئات الآلاف من الأشخاص، هنا في إيران، فشلت المجموعات التي تدعي الدفاع عن هذا النضال حتى في تنظيم تجمع لبضع مئات من الأشخاص. وهذا ليس مجرد فشل؛ إنه انحلال كامل”.
وفي 16 أكتوبر/تشرين الأول، نقلت شبكة “أفق” التابعة للدولة عن الصحفي محمد قوجاني قوله: “أشعر بالذهول من الاحتجاجات والمسيرات التي تجري حول العالم ومقارنتها بإيران”. وقال في تحليله: “أشعر أن قضية فلسطين لم تعد أولوية بالنسبة لشعبنا”.
لكن بعض المحللين داخل النظام يعزون رد الفعل هذا إلى “تحدي” الشعب للنظام ويقولون: “الشعب ليس لديه مشكلة مع غزة ولبنان؛ لديهم مشكلة مع النظام. إنهم يريدون تحدي النظام”.
وفي صحيفة اعتماد، في 2 تشرين الثاني/نوفمبر، أشار علي ربيعي، وهو شخصية استخباراتية وعضو في حكومة روحاني، إلى هذا الرفض الشعبي الواسع النطاق بأنه “عناد وطني”.
ويريد مسؤولو النظام والمحللون تشويه هذا الواقع السياسي والاجتماعي للمجتمع الإيراني. ويتظاهرون بأن هذه الظاهرة مرتبطة بـ”تغير عقلية الشعب الإيراني تجاه القضية الفلسطينية” أو إعطاء الأولوية لقضاياه المعيشية وما شابه ذلك. ومع ذلك، فإن رد الفعل الوطني هذا يدل على أن الشعب الإيراني يدرك تماما التكتيكات الخادعة للنظام ولن يسمح له بتجنيدهم لأغراضه الشريرة.
إن هذا الوعي بالأهداف التدميرية لنظام الملالي يمتد إلى ما هو أبعد من الشعب الإيراني، وقد أصبح واضحا للآخرين أيضا. وكتب محلل عربي في صحيفة العرب بتاريخ 19 تشرين الأول/أكتوبر: “تاريخياً، لم يُظهر النظام الإيراني أي اهتمام حقيقي بالقضية الفلسطينية ولم يُظهر أبداً أي مساعدة لبقاء أو لجوء فلسطيني”.
ويعلم الشعب الإيراني أن هذه الخدع المثيرة للحرب هي مجرد غطاء للصراع الرئيسي، الذي يدور بين الشعب الإيراني بأكمله والنظام الديكتاتوري الحاكم في إيران. ووعي الشعب مسموع منذ سنوات في مختلف الاحتجاجات والانتفاضات في مختلف أنحاء البلاد، حيث يرددون شعار: “عدونا هنا…”.