الاختلاسات الفلكي في نظام الملالي
صادق بهروزي
يُحيي يوم السادس عشر من آذر سنة 1332 شمسي الموافق لـ 7 ديسمبر 1953 ميلادي ذكرى استشهاد ثلاثة طلاب من جامعة طهران وهم: شريعت رضوي، وقند جي وبزرك نيا الذين نالوا الشهادة (استشهدوا) برصاص عناصر الشاه القمعيين قبل 70 عاما بالضبط في مظاهرة في طهران ضد سياسات محمد رضا شاه المناهضة للشعب، ومنذ ذلك الحين يُطلق على ذلك اليوم إسم يوم العلماء، وفي كل عام يتم تكريم ذكراهم ويقوم طلاب الجامعات بمظاهرات ضد قمع الحكام المستبدين سواء كان الشاه أو الملا، ويجددون العهد مع جميع شهداء طريق الحرية، ويسعى نظام الملالي أيضا إلى إقامة هذه المناسبة بشكل يخلو أساساً من محتوى ومضمون استشهادهم، ويمر على هذه القضية بمراسيم شكلية فقط، لكن الشعب الإيراني يحول هذه المناسبة حتى إلى احتجاجات ويهتف مندداً بلصوص هذا النظام الذين هم أكثر من نظام الشاه خراباً للبيوت بألف مرة.
هذا العام ومع بلوغ المظاهرات والاحتجاجات أوجها في مختلف المدن، اندلعت أيضا احتجاجات واسعة النطاق ضد صفقة نهب فلكية، واحتج الناس أيضا على هذا الاختلاس الفلكي من خلال تكريم وإحياء ذكرى دماء شهداء طريق حرية واستقلال إيران.
لكن ما هي قصة هذا الاختلاس الفلكي؟ حصلت إحدى الشركات التابعة لمسؤولي النظام والمقربة من ما يسمى بـ الحرس الثوري على 3.7 مليار دولار من العملات الأجنبية بالسعر الحكومي لاستيراد الشاي من الخارج، لكنها اختلستها، وهذا المشروع برمته مليء بالفساد ونهب ممتلكات الشعب الإيراني، ولا تقيم هذه الشركة اعتباراً لأحد.
وجه فضح فساد بقيمة 3.7 مليار دولار من قبل شركات تابعة للنظام أصابع الاتهام نحو رئيس جمهورية النظام إبراهيم رئيسي، وبدأت موجة جديدة من الهجمات ضد جلاد مجازر الإبادة الجماعية هذا المدعوم من خامنئي.
يُذكر أن الرئيس الحالي إبراهيم رئيسي كان عضوا في لجنة الموت في أحداث مجزرة الإبادة الجماعية لـ 30 ألف سجين سياسي في إيران سنة 1988، تلك اللجنة التي تم تشكيلها بأمر من خميني من أجل قتل السجناء السياسيين، وقد كانت الأغلبية المطلقة من هؤلاء السجناء تنتمي إلى منظمة مجاهدي خلق.
كتبت صحيفة هم ميهن الحكومية بتاريخ (5 ديسمبر 2023) مقال بعنوان “إصبع الاتهام تجاه من يدعون محاربة الفساد” كتبت تقول: “عملية فضح فساد بقيمة 3.7 مليار دولار في الحكومة الـ13 (الحكومة الحالية برئاسة المُلا إبراهيم رئيسي) وكأن الأمر كان بمثابة طلقة خلاص من أجل أن يُودع انتظار تحقق هذا الشعار في غياهب النسيان إلى الأبد”.
صحيفة ستاره صبح الحكومية (5 ديسمبر 2023) في مقال بعنوان “تنانين الفساد ذو الرؤوس السبعة على سفرة الشعب كتبت أيضاً تقول”: “عندما وصلت حكومة رئيسي إلى سدة السلطة بشعار الجراحة الاقتصادية وإزالة السلع الأساسية من عملة الدولة فتسببت في تضخم متسارع، وأجرت الحكومة عملية جراحية حتى نسي في النهاية خياطة معدة المريض كما يقول المثل المعروف”.
وعلى هذا النحو حوصِر رئيسي الجلاد الذي جاء بشعار الجراحة الاقتصادية لشحذ سكين النظام على رقاب الجياع وأولئك الذين انتفضوا على النظام، ويريد خامنئي شراء الوقت لولايته بالجراحة وبتر أعضاء النظام، لكن سلامة نظامه باتت مع تقدم الانتفاضة والمقاومة معرضة لخطر الإنهيار والزوال، وقد قال أحد الخبراء الحكوميين في بداية العام: “لقد فشلت هذه السلطة وعلى الجمهورية الإسلامية أن تقبل بهذا الفشل قبل أن يفوت الأوان ” (حسين مرعشي – اقتصاد نيوز 29 مارس 2023).
وكتبت صحيفة ابتكار الحكومية (5 ديسمبر 2023): “لكي نفهم رقم ثلاثة مليارات و370 مليون دولار قد يكون من الضروري الإشارة إلى طلب إيران من كوريا الجنوبية، فهذه الدولة كانت مدينة لإيران بسبعة مليارات دولار، وقد حدثت جلسات وقلاقل كثيرة في السنوات الأخيرة بشأن هذا الدين، وفي ظل هذه الأجواء وفي ظل ظروف أزمة العملة بلغ حجم فساد الشاي 3 مليارات و370 مليون دولار”.
ويقول عضو سابق في غرفة التجارة، ومطلعٌ أيضاً على منعطفات الفساد الحكومي وعلاقات المافيا بالعملاء المحسوبين على “بيت خامنئي” يقول: “لا يمكن تخصيص مثل هكذا مبلغ ضخم دون تعاون وتنسيق واسع وتصاريح خاصة وموافقة مسؤولين رفيعي المستوى، ولا يمكن بيع كل هذه العملات في السوق الحرة دون شبكة واسعة، ولم يكن ذلك في إطار الفساد فحسب بل انتقل إلى حدود التواطؤ” (موقع جماران الحكومي – 3 ديسمبر 2023).
وبعد انتفاضة الجياع ضد الفقر والفساد والغلاء عام 2017 قال خامنئي خليفة الرجعية من خلال الاعتراف بمافيا الفساد ذات الرؤوس السبعة في سلطة الحكم وذلك في خطاب استعراضي: «لا بد من محاربة الفساد والظلم، الأمر صعب للغاية بالطبع، والفساد مثل تنين الأساطير ذو الرؤوس السبعة عندما تضرب أحد رؤوسه فإنه يتحرك بستة رؤوس أخرى وليس من السهل إزالته، ومن الصعب للغاية التعامل مع المستفيدين من الفساد” (موقع خامنئي – 8 فبراير 2018).
لكن أصبح من الواضح جيدا للشعب الإيراني طيلة السنوات الأخيرة أن تنانين الفساد ذات الرؤوس السبعة التي يتحدث عنها خامنئي هي نفس المؤسسات والشركات التابعة له ولما يسمى بـ الحرس الثوري التي تسيطر على أكثر من 60% من اقتصاد إيران تحت تصرفهم، ولا تُقيم اعتباراً لأحد، ولا يدفعون الضرائب، وأياديهم مطلقة لأي نوع من أنواع الفساد والسرقة.
التنانين ذوي الرؤوس السبعة هي ذاتها الأفعى المروجة للحروب مخربة البيوت القابعة في بيت عنكبوت خامنئي، والطريقة الوحيدة للتعامل معها هي تحطيم وسحق رأسها بصخرة المقاومة النارية للشعب الإيراني.