أزمة هبوط الأراضي تهدد الملايين في إيران
تواجه إيران أزمة حادة في هبوط الأراضي، حيث تؤثر المعدلات المثيرة للقلق على جزء كبير من سكان البلاد والبنية التحتية. وتحدث هذه الظاهرة عندما ينخفض مستوى الأرض بشكل مطرد بسبب عوامل مختلفة، مما يشكل تحديات بيئية واقتصادية كبيرة.
التقارير الرسمية ترسم صورة مثيرة للقلق. ويقدر نائب وزير شؤون الطاقة والمياه أن الهبوط يؤثر على 359 سهلًا مذهلًا في جميع أنحاء إيران. علاوة على ذلك، يقيم ما يقرب من نصف سكان إيران (49٪) في المناطق التي تعاني من الهبوط أو المتاخمة لها، وفقًا لوزارة الطرق والتنمية الحضرية. وهذا يترجم إلى ملايين الأشخاص الذين يحتمل أن يكونوا معرضين للخطر.
ويشير الخبراء إلى تفشي حفر الآبار غير المصرح بها والإفراط في استخراج المياه بشكل يتجاوز الحدود المسموح بها كمساهمين رئيسيين في الأزمة. ويؤكد محمد جافانباخت، نائب وزير شؤون الطاقة والمياه، على الأثر الضار لمثل هذه الممارسات على إدارة المياه الجوفية، مما يؤدي إلى عواقب لا يمكن إصلاحها.
وليست المراكز الحضرية ذات الكثافة السكانية العالية محصنة ضد الهبوط. وتواجه أصفهان وطهران، إلى جانب المدن الكبرى الأخرى مثل مشهد وشيراز وكرمان، تهديدًا كبيرًا. ويحذر علي بيت اللهي، عضو البرلمان، من أن هذه المدن تقع بشكل مباشر “في نطاق الهبوط”.
وتقدم مدينة أصفهان التاريخية مثالاً صارخًا على الوضع المزري. ويسلط عباس مقتدى، ممثل المجلس النظام، الضوء على المعدل المقلق للهبوط الذي يهدد المباني التاريخية الشهيرة في المدينة. وارتفعت حوادث هبوط الأراضي في أصفهان بشكل كبير، حيث وثقت التقارير 12 حالة مسجلة في الشهر الأول من عام 2024 وحده، مقارنة بـ 30 حالة في العام السابق بأكمله.
ويشكل هذا تهديدًا خطيرًا لسكان المدينة الذين يزيد عددهم عن 2.7 مليون نسمة. ويحذر المسؤولون من أن الزلزال، إلى جانب الهبوط الحالي، يمكن أن يسبب دمارًا واسع النطاق، مما يؤدي إلى خسائر بشرية ومالية كبيرة.
ويتم التأكيد بشكل أكبر على معدل الهبوط المثير للقلق في أصفهان من خلال حقيقة أنه تضاعف المتوسط العالمي أربع مرات تقريبًا بين عامي 2021 و 2022. وحذر خبراء من مركز أبحاث الطرق والتنمية الحضرية سابقًا من أنه حتى زلزال بسيط يمكن أن يؤدي إلى انهيار المباني و”مأساة كبيرة” في المدينة.
وتمتد الأزمة إلى ما هو أبعد من المراكز الحضرية، مما يهدد البنية التحتية الحيوية مثل شبكات النقل. وفي ديسمبر/كانون الأول 2023، كشفت الملاحظات عن هبوط “خطير للغاية” على خط سكة حديد طهران-مشهد بالقرب من ورامين ونيشابور، مما أثار مخاوف بشأن سلامة رابط النقل الحيوي هذا.
وبينما تشير التقارير الرسمية إلى أن أكثر من 35% من السكان معرضون للخطر، يعتقد خبراء مثل مهدي زارح من المعهد الدولي لأبحاث الزلازل وهندسة الزلازل أن الوضع أسوأ. ويقدرون أن سبع مقاطعات و200 مدينة تعاني بالفعل من “وضع أزمة”.
ويسلط هذا التناقض الضوء على التهوين المحتمل من النطاق الحقيقي للمشكلة
وتتفاقم العواقب المحتملة للهبوط بسبب التهديد الذي يلوح في الأفق بحدوث زلازل في إيران. ويحذر الخبراء من أن الهبوط يمكن أن يؤدي إلى تفاقم الأضرار الناجمة عن الزلازل، مما يعرض 380 مدينة إضافية و9200 قرية للخطر في جميع أنحاء البلاد.
الأسباب الأساسية: قضية معقدة
تم تحديد بناء العديد من السدود دون تقييمات كافية للأثر البيئي والإفراط في استخراج موارد المياه الجوفية على أنها العوامل الأساسية التي تؤدي إلى أزمة هبوط الأراضي.
ومع ذلك، فإن سياسات الحكومة الإيرانية التي تعطي الأولوية للاكتفاء الذاتي في الإنتاج الزراعي والنمو السكاني تتناقض بشكل صارخ مع الحاجة إلى ممارسات الإدارة المستدامة للمياه. ويؤدي هذا النهج، إلى جانب مزاعم قمع المعلومات، إلى تفاقم الأزمة.
وتواجه إيران منعطفا حاسماً. إن معالجة أزمة هبوط الأراضي تتطلب تحركاً فورياً وشاملاً. إن تنفيذ لوائح أكثر صرامة بشأن استخدام المياه، واستكشاف مصادر المياه البديلة، وإعطاء الأولوية للتنمية المستدامة هي خطوات حاسمة. وفي الوقت نفسه، تعد الشفافية والتثقيف العام ضروريتين لحشد الدعم للتغييرات الضرورية.
ويشكل هبوط الأراضي المتصاعد تهديدًا كبيرًا للبيئة والبنية التحتية والسكان في إيران. هناك حاجة إلى نهج متعدد الجوانب للتخفيف من هذه الأزمة وضمان رفاهية الأمة على المدى الطويل.