جفاف كامل لبحيرة أرومية: أزمة بيئية خطيرة تتفاقم
في يوم الأربعاء، 18 سبتمبر 2024، أفادت صحيفة “اعتماد” الحکومیة بأن بحيرة أرومية، التي كانت في يوم من الأيام أكبر بحيرة مالحة في الشرق الأوسط، قد جفت بالكامل. يشكل هذا الحدث الكارثي تصعيدًا كبيرًا في الأزمة البيئية الطويلة الأمد التي تعاني منها المنطقة، مما يهدد صحة وحياة أكثر من 5 ملايين شخص يعيشون حول البحيرة. كانت البحيرة تحتوي على أكثر من مليار متر مكعب من المياه خلال مواسم الربيع والشتاء، لكنها تبخرت تمامًا هذا العام، مما يكشف عن حجم الكارثة البيئية التي تواجهها المنطقة.
وعلى الرغم من تعرض بحيرة أرومية للجفاف الموسمي في السابق، فإن جفافها الكامل هذا العام يمثل نقطة تحول جديدة في تاريخها. كانت البحيرة قد جفت تقريبًا بالكامل في سبتمبر 2022، إلا أن التبخر الكامل لمياهها في عام 2024 يعكس تزايد هشاشة المنطقة أمام التدهور البيئي. ومع انهيار النظم البيئية المحلية، ازداد خطر العواصف الترابية بشكل حاد، مما يشكل تهديدًا خطيرًا على صحة سكان المنطقة.
كما عانت الحياة البرية خسائر مدمرة، حيث تضاءلت أعداد بعض الأنواع مثل الروبيان الملحي “أرتيميا” والطيور الفلامنجو. بالإضافة إلى ذلك، تأثرت قطاعات الزراعة والسياحة بشكل حاد، مما زاد من تعقيد الأزمة على الاقتصاد المحلي.
اضطرابات النظام البيئي وتغيرات جغرافية
جفاف بحيرة أرومية قد أدى إلى تغييرات جغرافية كبيرة في المنطقة. من بين هذه التغييرات اندماج أربع جزر جنوبية في البحيرة، مما أدى إلى إنشاء جسور برية تهدد بقاء بعض الحيوانات التي كانت تعيش في عزلة، مثل الغزلان الإيرانية والأغنام البرية الأرمينية. هذه التغييرات الجغرافية سرعت من انهيار النظم البيئية المحلية، مما زاد من تفاقم الوضع السيئ للحياة البرية والتنوع البيولوجي.
وفي انتقاد حاد لجهود استعادة بحيرة أرومية، قدم مهدي زارع، رئيس قسم الجيولوجيا في أكاديمية العلوم، صوراً بالأقمار الصناعية تظهر أن المناطق الشمالية والجنوبية من البحيرة قد جفت بالكامل بحلول أوائل سبتمبر. في مقاله بعنوان “ضرورة استعادة بحيرة أرومية”، أشار زارع إلى وجود قشور ملحية تغطي الأرض كدليل على التدهور الحاد للبحيرة.
وأشارزارع إلى أن الجهود التي بدأت في عام 2013 خلال إدارة حسن روحاني الأولى لاستعادة البحيرة كانت غير فعالة وفي بعض الأحيان أدت إلى نتائج عكسية. ووصف هذه التدابير بأنها “شعبوية”، مؤكداً أنها فشلت في معالجة الأسباب الجذرية لجفاف البحيرة. ووفقاً لزارع، فإن سوء إدارة الموارد المائية، والاستخدام غير القانوني للمياه، وبناء السدود، والجدل حول طريق “كلانتري” كانت كلها عوامل مساهمة في الكارثة البيئية. كما أن الانخفاض في معدلات الأمطار والجفاف وتغير المناخ زاد من تفاقم الوضع.
أحد أكثر النقاط الخلافية في أزمة بحيرة أرومية هو إنشاء طريق “كلانتري”، وهو طريق بطول 1250 مترًا يمر عبر البحيرة. كان زارع منتقداً بشدة لهذا الطريق، مشيراً إلى أنه يزعزع التوازن الطبيعي للبحيرة ويزيد من مشاكلها البيئية. وفقاً له، أدى الطريق إلى زيادة ملوحة المياه، وزيادة معدلات التبخر، وتعزيز الانفصال بين الجزءين الشمالي والجنوبي للبحيرة. هذه التغييرات ساهمت بشكل مباشر في تسريع جفاف البحيرة وتدهورها البيئي.
أحد النتائج غير المتوقعة لتقلب مستويات المياه في البحيرة هو زيادة النشاط الزلزالي في المنطقة. ووفقاً لزارع، تشير الدراسات الجيولوجية إلى وجود صلة بين دورات امتلاء وتجفيف البحيرة وحدوث الزلازل في المناطق المجاورة. على سبيل المثال، بعد إعادة ملء جزئي للبحيرة في عام 2019، ضربت زلزالان بقوة 6 درجات تقريباً على مقياس ريختر مدينتي سلماس وسرو في محافظة أذربيجان الغربية. وبالمثل، تزامنت سلسلة من الزلازل بين عامي 2022 و2024 مع آخر مرحلة من جفاف البحيرة، مما يعزز الفرضية بأن هذه الأنشطة الزلزالية مرتبطة بالتغيرات الدراماتيكية في مستويات المياه.
جفاف بحيرة أرومية بالكامل في عام 2024 يمثل كارثة بيئية خطيرة ذات عواقب واسعة النطاق. الأزمة لا تهدد فقط الحياة البرية المحلية وسبل عيش الملايين، بل تزيد أيضًا من خطر العواصف الترابية والزلازل. على الرغم من المحاولات العديدة لاستعادة البحيرة، فإن الفشل في معالجة الأسباب الجذرية للجفاف قد ترك المنطقة في حالة من الضعف المتزايد. ومع تفاقم الوضع، تزداد الحاجة إلى حلول أكثر فعالية واستدامة لمنع حدوث أضرار لا يمكن إصلاحها للنظم البيئية والمجتمعات في المنطقة.