أزمة الغاز في إيران: تحذيرات من نقص حاد واستمرار الاضطرابات الصناعية
تواجه إيران أزمة طاقة متفاقمة مع اقتراب فصل الشتاء، حيث أصدرت شركة “توانير” الوطنية للكهرباء تحذيرًا بشأن نقص الغاز المتوقع ودعت المواطنين إلى ترشيد استهلاك الطاقة. يأتي هذا الإعلان في وقت تزداد فيه الضغوط على شبكة الطاقة الإيرانية بسبب انخفاض درجات الحرارة في شمال البلاد، مما أدى إلى زيادة كبيرة في استهلاك الغاز الطبيعي.
وأشارت “توانير” إلى أن إدارة استهلاك الطاقة، سواء الكهرباء أو الغاز، أمر بالغ الأهمية للحفاظ على مخزون الوقود في محطات الطاقة. وتعتمد غالبية إنتاج الكهرباء في إيران على الغاز الطبيعي المستخدم في المحطات الحرارية، مما يجعل البلاد تعتمد بشكل كبير على هذا المصدر من الطاقة. وأكدت الشركة أن استقرار إمدادات الكهرباء يعتمد على تعاون المواطنين في ترشيد الاستخدام وتحسين كفاءة إدارة الطاقة.
وتعاني إيران من تحديات كبيرة في قطاع الطاقة، إذ يرتفع استهلاك الغاز في فصل الصيف لتلبية احتياجات الكهرباء، بينما يتصاعد في الشتاء بسبب الحاجة للتدفئة. لكن البنية التحتية للطاقة في البلاد تفتقر إلى الاستثمارات اللازمة، كما أن غياب التكنولوجيا الحديثة أدى إلى انخفاض قدرة إيران على الإنتاج، مما أجبر الصناعات والمحطات على الإغلاق نتيجة لنقص الغاز.
كما أن عدم تطوير الطاقات المتجددة وعدم تنفيذ سياسات مستدامة في مجال الطاقة زاد من تفاقم الأزمة، حيث تواجه كل من الأسر والصناعات اضطرابات متزايدة.
ورغم كون إيران ثالث أكبر منتج للغاز الطبيعي في العالم، إلا أن الإنتاج لا يلبي احتياجاتها المحلية بشكل كافٍ، ويرجع ذلك بشكل أساسي إلى تراجع الإنتاج في حقل “بارس الجنوبي”، الذي يمثل حوالي 75% من إنتاج البلاد. ومع نقص الاستثمارات في تطوير الحقول الجديدة وصيانة الحقول القائمة، استمر هذا التراجع.
وأظهرت تقارير برلمانية لعام 2022 أن متوسط العجز في إمدادات الغاز خلال أشهر الشتاء الباردة وصل إلى 227 مليون متر مكعب يوميًا، بينما ارتفع إلى 315 مليون متر مكعب في فبراير. كما أن التقديرات تشير إلى أن الفجوة بين العرض والطلب ستزداد سوءًا في المستقبل القريب.
وفي سبتمبر 2024، أكد سعيد توکلي، الرئيس التنفيذي لشركة الغاز الوطنية الإيرانية، أن التحدي الحالي يتجاوز مجرد اختلال التوازن في إمدادات الغاز ليصبح نقصًا فعليًا. ودعا إلى ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة للحد من استهلاك الغاز وزيادة الاستثمارات في البنية التحتية للطاقة وتطوير التقنيات الجديدة.
مع استمرار محدودية الاستثمار في الطاقة المتجددة وقطاع الغاز، يبدو أن مستقبل الطاقة في إيران مهدد بمزيد من الاضطرابات والصعوبات.