إيران تواجه موجة تجميد: اضطرابات متصاعدة تنذر بانفجار شامل
منذ 12 ديسمبر 2024، تعاني إيران من اضطرابات واسعة النطاق نتيجة البرد القارس، ونقص الطاقة، وسوء الإدارة. لأكثر من عشرة أيام، عاشت 23 محافظة حالة إغلاق كامل، بينما كانت المحافظات الأخرى شبه مشلولة بسبب نقص الوقود، وانقطاع الكهرباء، والتلوث الشديد.
ما زالت المدارس والمؤسسات الحكومية مغلقة في العديد من المناطق، والسبب الرسمي المعلن هو الطقس السيئ والتلوث. ومع ذلك، فإن السبب الحقيقي يعود إلى نقص حاد في الوقود وانقطاعات متكررة للكهرباء. وحتى الجامعات اضطرت إلى تحويل الدراسة إلى التعليم عن بُعد حتى نهاية الفصل الدراسي، مما يعكس عمق الأزمة.
رئيس غرفة التجارة في طهران أصدر تعليمات بإغلاق المزيد من الأنشطة التجارية، قائلاً: «يجب على المتاجر الكبرى التي تبيع السلع غير الضرورية أن تظل مغلقة»، محذرًا من أن أي مخالفة ستُواجه بالإغلاق القسري (وكالة تسنيم الحکومیة، 16 ديسمبر 2024).
وبدأت انقطاعات الكهرباء الدورية في المدن الكبرى، بما في ذلك طهران وتبريز ومشهد وأراك والبرز، منذ 13 ديسمبر 2024. في البداية، ادعى المسؤولون أن هذه الخطوة تهدف إلى الحد من استخدام الوقود الثقيل (المازوت) في محطات الطاقة لتقليل التلوث. ولكن تقارير أكدت أن المازوت يُستخدم بالفعل، مما يزيد من مستويات التلوث الخطيرة. وتشير مصادر رسمية إلى أن عدد الوفيات الناجمة عن التلوث الجوي في إيران يصل إلى 50 ألف حالة سنويًا. وأشارت تقارير طبية نُشرت في 14 ديسمبر 2024 إلى أن العودة لاستخدام المازوت كانت بمثابة «إصدار أمر علني بالإعدام».
العبء الاقتصادي لهذه الإغلاقات وانقطاعات الكهرباء يقع بشكل أساسي على العمال وأصحاب المشاريع الصغيرة والطبقات الكادحة. ومع إغلاق الأعمال وانعدام الدخل، يواجه كثيرون صعوبات في تأمين احتياجاتهم الأساسية. ويظهر الغضب الشعبي بشكل واضح في النقاشات العامة داخل الحافلات والطوابير الطويلة والأماكن العامة.
وحاول قادة النظام إظهار تعاطفهم مع الأزمة، لكن دون جدوى. قال رئيس البرلمان للنظام محمد باقر قاليباف: «كيف يمكن لدولة تمتلك أكبر احتياطيات النفط والغاز في العالم أن تواجه مثل هذه الظروف؟ لماذا لا نستطيع إصلاح هذا الوضع؟» (التلفزيون الرسمي، 21 ديسمبر 2024). ومن جانبه، أعرب مسعود بزشكيان عن أسفه قائلًا: «بعد 40 عامًا، لا ينبغي أن نكون في وضع نعجز فيه عن توفير الخدمات لكثير من أجزاء البلاد». لكن هذه التصريحات، التي تتخللها إشادات تقليدية بالقيادة، لم تخفف من الغضب الشعبي.
ويتجه النقد إلى أعلى مستويات السلطة، ولا سيما خامنئي. يلاحظ المراقبون أن الموارد الوطنية تُخصص لتمويل الحروب والأنشطة الإرهابية والقمع الداخلي، بينما تُترك البنية التحتية الأساسية في حالة إهمال. ووفقًا لوسائل إعلام رسمية (17 ديسمبر 2024)، تعد إيران من أكبر مصدري الكهرباء في المنطقة، حيث تزود العراق بأكثر من 40% من احتياجاته من الكهرباء، بينما يعاني المواطن الإيراني من انقطاع مستمر.
وفي الوقت نفسه، يفاقم تهريب الوقود استنزاف الموارد الوطنية. وتشير التقارير إلى أن 20-30 مليون لتر من الوقود تُهرب يوميًا، ويتم ذلك إلى حد كبير عبر حرس النظام الإيراني. كما أن مزارع العملات المشفرة، التي يحتكرها حرس النظام، تستهلك كميات كبيرة من الكهرباء.
تتفاقم هشاشة النظام بسبب أزمات داخلية وانتكاسات جيوسياسية، مثل اقتراب انهيار حليفه نظام الأسد في سوريا. مزيج الصعوبات الاقتصادية والغضب الشعبي المتزايد يشير إلى أن “الجمود” الحالي في إيران ليس إلا واجهة لموجة غضب متصاعدة.
هذا التداخل بين سوء الإدارة والعزلة الدولية والاضطرابات الداخلية يجعل الوضع في إيران في حالة قابلة للانفجار. “النار تحت الرماد” قد تشتعل قريبًا، مما قد يغير مسار الأحداث بشكل جذري.