النظام الإيراني يفقد قبضته في العراق
في 15 يناير 2025، نشرت صحيفة “ستاره صبح” الحكومية مقالاً بعنوان “الفرص في الأيام الخطرة”، ناقش التحولات في “الجغرافيا السياسية” و”الجيواستراتيجية” و”الجيواقتصاد” في المنطقة، التي أثارها هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023. وزعمت أن هذا الحدث مهد الطريق لإسرائيل وحلفائها لبدء تحقيق تطلعاتهم طويلة الأمد. وحدد المقال خمس خرائط طريق أو خطط للشرق الأوسط: الخطة أ غزة، الخطة ب لبنان، الخطة ج سوريا، الخطة د العراق، والخطة هـ إيران.
وحذرت الصحيفة من أنه من بين هذه الخطط الخمس، تم بالفعل تحقيق الخطط الثلاث الأولى – الدمار والقتل في غزة، وتدمير البنية التحتية لحزب الله في لبنان، وإسقاط بشار الأسد – تاركةً الخطتين المتبقيتين ليتم تنفيذهما.
وتعترف بعض الصحف التابعة للنظام الإيراني ضمناً أو صراحةً بأن نفوذ النظام في العراق يقترب من نهايته. ففي 5 يناير 2025، نشرت صحيفة “هم ميهن” الحكومية مقالاً بعنوان “العراق، آخر معقل لإيران”، جاء فيه: “لقد خسرت إيران سوريا بالكامل، وأصبح حزب الله ضعيفاً بشدة… وفي الوقت الحالي، تتمتع إيران بنفوذ ضئيل، وإذا تحرك ترامب نحو تنفيذ سياسة الضغط الأقصى، فسوف تواجه إيران ضغوطاً أكبر من ذي قبل”.
وأضافت الصحيفة بخوف: “إذا امتد الوضع الهش في سوريا إلى العراق، فإن إيران تواجه التهديد الوجودي المتمثل في انهيار استراتيجيتها الأمنية الوطنية بأكملها، التي تم تطويرها على مدى السنوات الأربعين الماضية. والواقع أن العراق أصبح الآن آخر معقل لإيران”.
كما طغت التأثيرات المتتالية للاضطرابات في سوريا على العراق على الزيارة الأخيرة التي قام بها رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إلى طهران. وبحسب قناة “العربية” التلفزيونية في 9 يناير 2025، “حمل السوداني رسالة إلى طهران مفادها أن إيران يجب أن تراجع سياساتها تجاه القوات بالوكالة، وأنه لم يعد هناك مكان لأسلحة النظام الإيراني في العراق”.
التقى السوداني بالولي الفقیة للنظام علي خامنئي خلال زيارته لطهران. وفي كلمته أمام رئيس الوزراء العراقي، قال خامنئي: “إن قوات الحشد الشعبي هي أحد المكونات الرئيسية للسلطة في العراق، ويجب إعطاء الأولوية للحفاظ عليها وتعزيزها” (تلفزيون النظام – 8 يناير 2025).
من الواضح أنه بعد شل حركة حزب الله في لبنان، وسقوط دكتاتورية بشار الأسد، وانهيار العمق الاستراتيجي للنظام الإيراني في سوريا، يبذل خامنئي كل ما في وسعه للحفاظ على العراق باعتباره “معقله الأخير” والحفاظ على قوات الحشد الشعبي كأداة نفوذ أساسية له في العراق. في هذا السياق، قبل زيارة السوداني إلى طهران، أرسل خامنئي قائد فيلق القدس التابع لحرس النظام الإيراني إسماعيل قاآني في رحلة غير معلنة إلى العراق. وبحسب وسائل إعلام كردستان العراق، “في ظل الضغوط الأمريكية، ركزت مفاوضات قاآني على إخفاء الميليشيات الموالية لإيران مؤقتاً لإيجاد طرق لإعادة بناء المحور المنهار” (كردستان ووتش – 5 يناير 2025).
وفي وقت سابق، في 18 ديسمبر 2024، نقلت صحيفة “الشرق الأوسط” عن إبراهيم الصميدعي، مستشار رئيس الوزراء العراقي، قوله: “إذا لم نبادر إلى حل الفصائل فسيحلها الآخرون بالقوة”.وأضاف: «بصراحة، علينا أن نذهب إلى مراجعة؛ فلا يمكن للعراق أن يبقى نصلاً لمحور المقاومة بعد سقوط نظام الأسد وتراجع (حزب الله) في لبنان. علينا اليوم، ومن منطلق مسؤوليتنا الذاتية، مع الأخوة في الفصائل، أن نعيد التفكير في مسألة المبادرة إلى حل الفصائل ودمجها في الوضع السياسي»
يصور خامنئي وحلفاؤه قوات الحشد الشعبي على أنها ركيزة من ركائز قوتهم في العراق. ولكن القوة الحقيقية في العراق تكمن في شعبه، سواء كانوا شيعة أو سنة أو شباب العراق الثائر. ولم يدخر خامنئي، من خلال قائده الإرهابي قاسم سليماني وعملائه الآخرين، أي قسوة أو وحشية في قمعهم. ومع ذلك، تظل هذه القوة الشعبية في المجتمع العراقي مثل الجمر تحت الرماد، حيث هزت مراراً وتكراراً، بما في ذلك خلال “ثورة أكتوبر”، الأرض تحت أقدام النظام الإيراني ووكلائه.