حملة «ثلاثاء لا للإعدامات»: عام من المقاومة ضد القمع في إيران
أكملت حملة «ثلاثاء لا للإعدامات» عامها الأول كرمز للتحدي في وجه سياسات النظام الإيراني القمعية. بدأت هذه الحملة، التي انطلقت من داخل السجون الإيرانية، كمبادرة احتجاجية تحولت إلى حركة واسعة ضد تزايد الإعدامات التي يستخدمها النظام كأداة للسيطرة والردع.
وصل اعتماد النظام الإيراني على الإعدامات إلى مستويات غير مسبوقة. ووفقًا لتقرير المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية (NCRI)، تم تنفيذ ما لا يقل عن 1000 حالة إعدام في عام 2024، وهو رقم لم يُسجل منذ أكثر من ثلاثة عقود. تعكس هذه الأرقام المروعة اعتماد النظام المتزايد على العنف كوسيلة لإخماد الاحتجاجات، في ظل شعوره المتزايد بفقدان الشرعية والخوف من السقوط.
ومع ذلك، فشلت هذه السياسة الوحشية في كبح مشاعر الثورة. بل على العكس، أثارت موجة من الغضب الشعبي، وعززت الروح المقاومة في مجتمع يعيش على حافة الانفجار.
لقد تجاوز المجتمع الإيراني الخوف الذي كان يصاحب عقوبة الإعدام. لم تعد هذه الوسيلة القمعية الوحشية فعالة في ردع الشعب، بل أصبحت تُغذي الغضب الجماعي وتقوي تماسك المقاومة. النظام الذي كان يتفاخر سابقًا بنفوذه في سوريا والعراق ولبنان، أصبح الآن يخوض معركة من أجل البقاء داخل حدوده، محاصرًا بين انتفاضات الشوارع ومعارضة مستمرة حتى داخل سجونه.
وبدأت حملة «ثلاثاء لا للإعدامات» في 30 يناير 2024 بإضراب عن الطعام نظمه 10 من السجناء السياسيين في سجن قزلحصار. جاء هذا الإضراب مصحوبًا ببيان طالب بوقف آلة الإعدام للنظام، داعيًا الشعب الإيراني والمجتمع الدولي إلى التحرك.
وتوسعت الحملة بسرعة عندما انضمت السجينات في جناح النساء بسجن إيفين إلى الإضراب الأسبوعي، مما أضاف زخمًا كبيرًا للحركة. اختيار يوم الثلاثاء للاحتجاج لم يكن اعتباطيًا، إذ يرتبط هذا اليوم بموعد تنفيذ العديد من الإعدامات في إيران، مما يعكس رسالة رمزية عميقة.
وبمرور الوقت، امتدت الحملة إلى 34 سجنًا في أنحاء البلاد، منها سجون إيفين، قزلحصار، وسجن كرج المركزي. هذه المشاركة الواسعة تعكس عمق التضامن بين السجناء السياسيين وتصميمهم على مقاومة السياسات القمعية للنظام.
ولم تتوقف الحملة عند حدود السجون، بل وجدت صدىً واسعًا بين عائلات السجناء السياسيين، ونشطاء حقوق الإنسان، وحتى النقابات العمالية. وأصدرت منظمات مثل المجلس التنسيقي لنقابات المعلمين بيانات دعم، مما رفع الحملة إلى مستوى وطني ودولي.
وحظيت الحملة باهتمام دولي واسع، حيث أدانت منظمات مثل العفو الدولية تزايد الإعدامات في إيران ودعت إلى تحرك عالمي. وطالبت هذه المنظمات بمحاسبة المسؤولين الإيرانيين على الجرائم ضد الإنسانية، وفق مبدأ الولاية القضائية العالمية.
مع دخولها عامها الثاني، تُعد حملة «ثلاثاء لا للإعدامات» شهادة حية على صمود الشعب الإيراني. لعب السجناء السياسيون، بمن فيهم النساء وناشطو حقبة الثمانينات، دورًا محوريًا في استمرار الحملة. وأثبتت شجاعتهم، رغم القمع، أنها قادرة على توحيد الأجيال وتعزيز مشاعر التضامن التاريخي.
تمثل هذه الحملة إمكانيات التضامن والعمل الجماعي لمواجهة الاستبداد. إن احتفالها بالذكرى السنوية الأولى ليس مجرد تخليد لعام من المقاومة، بل هو تأكيد على إصرار الشعب الإيراني على تحقيق العدالة والحرية. ومع تزايد الدعم الداخلي والدولي، تظل هذه الحملة رمزًا للأمل في مستقبل خالٍ من القمع والإعدامات في إيران.