خطاب خامنئي: دعاية زائفة تكشف انهيار نظام على حافة السقوط
في 23 يناير 2025، ألقى الوليالفقیة الإيراني، علي خامنئي، خطابًا وصفه موقعه الرسمي بأنه موجّه إلى «المنتجين ونشطاء القطاع الاقتصادي الخاص». ومع ذلك، كشفت كلماته المليئة بالإنكار وإلقاء اللوم على الآخرين عن تعمّق الأزمة داخل نظامه بدلًا من تقديم حلول حقيقية للمشكلات المتزايدة التي تواجه إيران.
وخلال خطابه، تحدث خامنئي عن «أجواء يائسة» يتم، حسب زعمه، نشرها بين الشباب والأكاديميين من قِبل «أعداء ذوي أهداف خاصة». وبينما حاول إلقاء مسؤولية الإحباط المتفشي في المجتمع على التأثيرات الخارجية، فإن الحقيقة تكمن في إخفاقات النظام نفسه. حالة اليأس والخوف السائدة هي نتيجة مباشرة للأزمات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي تسبب فيها النظام بسياساته الفاشلة وفساده العميق.
ادعاءات خامنئي حول «التقدم» و«الحركة نحو الأمام» بدت فارغة مقارنةً بالواقع المتدهور الذي تعيشه البلاد. المعارض التي أشار إليها باعتبارها دليلًا على تطور القطاع الخاص لا تعدو كونها حملة دعائية تهدف إلى التعتيم على الأزمات العميقة. في الواقع، يعاني الاقتصاد الإيراني من فساد منهجي وهيمنة أشبه بالمافيا، مما يجعل الحديث عن تقدم حقيقي أمرًا غير واقعي.
تأكيد خامنئي على دعم القطاع الخاص، مع الإشارة إلى المادة 44 من الدستور الإيراني، ليس سوى واجهة لمواصلة إثراء الكيانات المرتبطة بالنظام على حساب الشعب. فعلى مدى السنوات الماضية، تم بيع العديد من المصانع والمؤسسات المملوكة للدولة، بما في ذلك تلك المصادرة من أنصار نظام الشاه، بأسعار زهيدة إلى مؤسسات وشخصيات تابعة للنظام.
ومن أبرز المستفيدين من هذه السياسات المضللة ما يُعرف بحرس النظام الإيراني (IRGC)، بالإضافة إلى الكيانات المرتبطة بمكتب خامنئي مثل «هيئة تنفيذ أمرخمیني» و«مؤسسة المستضعفين» و«مؤسسة الشهيد». هذه الكيانات تهيمن على المشهد الاقتصادي في إيران، مما يترك مجالًا ضئيلًا جدًا لوجود قطاع خاص مستقل. أما المؤسسات التي لا تزال مستقلة، فهي بالكاد قادرة على البقاء وسط هذه البيئة العدائية.
وانتقد خامنئي أيضًا الاعتماد على الدولار الأميركي، ودعا إلى استبداله بنظام مالي يعتمد على «البريكس». ورغم أن فكرة تقليل الاعتماد على الدولار قد تبدو جذابة ظاهريًا، فإن تصريحاته تفتقر إلى الواقعية. نظام البريكس المالي لا يزال في مراحله الأولية ولا يُعتبر بديلًا قابلًا لحل المشاكل الهيكلية التي يعاني منها الاقتصاد الإيراني. علاوةً على ذلك، من غير المحتمل أن تقدم الدول الأعضاء في مجموعة البريكس دعمًا كبيرًا لإيران بسبب الضغوط السياسية والاقتصادية.
تصريحات خامنئي بشأن التخلص من الدولار ليست سوى شعارات سياسية تهدف إلى تهدئة الأوضاع الداخلية وإعطاء دفعة معنوية لعناصر النظام، دون تقديم أي استراتيجية حقيقية لمعالجة المشكلات الأساسية.
في جزء آخر من خطابه، أشاد خامنئي بـ«المقاومة» في غزة واعتبرها انتصارًا كبيرًا للنظام. ومع ذلك، فإن التطورات الأخيرة، بما في ذلك مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة والخسائر الاستراتيجية في سوريا ولبنان، تكشف عكس ذلك. هذه الأحداث تشير بوضوح إلى تراجع نفوذ إيران الإقليمي.
محاولات خامنئي لتصوير النظام بأنه قوي ومتقدم ليست سوى تكرار لما يفعله الدكتاتوريون الآخرون الذين يلجأون إلى الدعاية والأوهام عند مواجهة الانهيار. ادعاءاته بالإنجازات والتقدم ما هي إلا واجهة تخفي فشل النظام. ومع تفاقم الأزمات الاجتماعية والاقتصادية، تفقد هذه الروايات مصداقيتها بشكل متزايد بين الشعب.
كان خطاب علي خامنئي في 23 يناير 2025 مزيجًا من الإنكار والدعاية والوعود غير الواقعية. من خلال إلقاء اللوم على قوى خارجية وتضخيم إنجازات وهمية، فشل في معالجة الأسباب الجذرية لتحديات إيران. عدم قدرة النظام على الإصلاح أو التكيّف يعكس فقط تزايد أزماته، تاركًا الشعب الإيراني يعاني من تبعات إخفاقاته.