الاتحاد من أجل الحرية والديمقراطية والمساواة​

الاقتصاد الإيراني: أزمة هيكلية لا يمكن إصلاحها في ظل النظام الحالي 

انضموا إلى الحركة العالمية

الاقتصاد الإيراني: أزمة هيكلية لا يمكن إصلاحها في ظل النظام الحالي 

الاقتصاد الإيراني: أزمة هيكلية لا يمكن إصلاحها في ظل النظام الحالي 

الاقتصاد الإيراني: أزمة هيكلية لا يمكن إصلاحها في ظل النظام الحالي 

على مدار العقدين الماضيين، واجه الاقتصاد الإيراني تحديات مدمرة، ويمكن ملاحظة هذه التحديات بوضوح عند تقييم التحولات الاقتصادية في ثلاث محطات رئيسية: 2005، 2014، و2023. وعلى الرغم من التغيرات السياسية والاجتماعية والدولية، فإن حجم وهيكل الاقتصاد الإيراني لم يشهدا تحولًا جوهريًا، مما يعكس فشلًا منهجيًا وأزمة اقتصادية متجذرة. 

غياب التحولات الجذرية في الاقتصاد الإيراني 

في 25 يناير، نقلت وكالة “شفقنا” عن الخبير الاقتصادي فرشاد مومني قوله: “حجم الاقتصاد الإيراني ظل ثابتًا تقريبًا عند نقاط التحول في 2005، 2014، و2023. وهذا يعني أنه، حتى لو وصل سعر النفط إلى 140 دولارًا للبرميل، فلن يتحسن وضعنا، ولا الاتفاق النووي (JCPOA) ولا الانسحاب منه أو المواقف المتطرفة تجاهه ستغير شيئًا في الأداء الاقتصادي.” 

وأضاف: “إذا انحرفنا عن الهدف، فلن يفيدنا حتى الانضمام إلى مجموعة العمل المالي (FATF).” 

اقتصاد قائم على المصالح الشخصية 

يعترف هذا الخبير الاقتصادي بأن الاقتصاد في ظل النظام الإيراني يركز على تعظيم المكاسب الشخصية على حساب المصلحة الوطنية، مما أدى إلى تفاقم الاختلالات الهيكلية وتعميق الأزمات الاقتصادية. ما يحاول مومني التعبير عنه بلهجة حذرة، كي لا يستفز المرشد الأعلى علي خامنئي، هو أن الفساد المنهجي والهيكلي يهيمن على الاقتصاد الإيراني. 

ومن المفارقات أن خامنئي نفسه، في محاولة للتنصل من المسؤولية، وصف هذا الفساد بأنه “تنين بسبعة رؤوس”. 

يقول مومني: “من منظور الاقتصاد السياسي التنموي، نحن عالقون في فخ الركود والخلل الهيكلي. الحل الوحيد هو تغيير المسار الذي أوصلنا إلى هذا الوضع، لأن الاستمرار في السياسات السابقة لن يجلب الحلول.” 

هذا ليس سوى محاولة لتخفيف حدة الأزمة وإخفاء حقيقتها المروعة. ففي جوهر كلامه، يعترف بأنه لا يوجد مخرج إلا بإجراء تغيير جذري في النهج الاقتصادي والتخلي عن السياسات الفاشلة السابقة. 

التضخم والسياسات الاقتصادية غير المستقرة 

من أبرز المشكلات المستمرة في الاقتصاد الإيراني سياسات التضخم التي تفاقم عدم الاستقرار. ويشير مومني إلى أن هذه السياسات تحمل ظلماً كبيراً للفئات الاجتماعية المختلفة، حيث تؤدي إلى تقويض الإنتاج والابتكار، وتقلل من الحوافز للاستثمار وريادة الأعمال، بينما يستفيد منها المضاربون والانتهازيون. 

ويضيف: “السياسات التضخمية ظالمة؛ فهي تثري المتنفذين وتضر بالكادحين… ومن المفارقات المريرة أن هذه السياسات تم تنفيذها على مدار العقود الثلاثة الماضية تحت شعار العدالة، والأسوأ من ذلك أن تقارير البنك المركزي السنوية تظهر أنه مع كل ارتفاع بنسبة 1% في سعر الصرف، تنخفض الحوافز الاستثمارية بنسبة 24%.” 

مفارقة “الشركات المعرفية” وانخفاض الإنتاج بنسبة 34% 

تشير التقارير الرسمية إلى أنه خلال العقد الماضي، بلغ معدل نمو الشركات القائمة على المعرفة 12,700%، بينما انخفض معدل الإنتاج الفردي بنسبة 34%. 

يعلق مومني على هذه الظاهرة قائلاً: “العرض الإعلامي الفارغ والدعاية الكاذبة لن تحل المشكلات. عندما نتحدث عن الذكاء الاصطناعي، علينا أن ندرك أنه يحتاج إلى طاقة كهربائية توازي استهلاك مدينة بأكملها. أما بيئة الأعمال، فيجب أن نكون حذرين من تكرار الفشل الذي شهدناه تحت شعار ‘الشركات المعرفية’.” 

ويضيف: “الإنتاج الصناعي في إيران يمر بواحدة من أحلك مراحله التاريخية. في مشروع ميزانية 2025، تم تهميش القطاع الخاص المنتج، وأصبحت الفرص المالية للشركات الصناعية أكثر صعوبة. وفي السياسات الضريبية، تم إلغاء ما تبقى من دعم ضئيل للأنشطة الإنتاجية، والتفاصيل في هذا الصدد مذهلة.” 

الفساد المصرفي ودوره في الأزمة الاقتصادية 

ويتابع مومني حديثه بالإشارة إلى تقرير مركز أبحاث البرلمان الإيراني، الذي كشف أن أحد البنوك وحده كان مسؤولًا عن 57% من النمو في القاعدة النقدية عام 2023 بسبب فساده، ومع ذلك لم يتم اتخاذ أي إجراء ضده. 

ويطرح تساؤلًا مهمًا حول تقرير آخر صادر في نوفمبر 2024، قائلاً: “السلطة النقدية لا تتجاهل فقط البنوك الفاسدة التي تزعزع الاستقرار الاقتصادي من خلال الأنشطة المضاربية، بل إن البيانات الرقابية التي تنشرها حول هذه البنوك يتم التلاعب بها بشكل صارخ.” 

اقتصاد محكوم عليه بالفشل في ظل النظام الإيراني 

هذه الحقائق الصادمة لا تحتاج إلى مزيد من التفسير؛ فهي مجرد قمة جبل الجليد للفساد المستشري في النظام الإيراني. 

من الواضح أن الأزمات الاقتصادية المتفاقمة والمشاكل الهيكلية المستعصية لا يمكن حلها بالنصائح أو المناشدات أو الخطب الفارغة. إذ يكفي إلقاء نظرة على الواقع الاقتصادي لمعرفة أن هذا النظام عاجز عن إيجاد أي حلول حقيقية. 

إصلاح الاقتصاد الإيراني أو تحسين معيشة الشعب ليسا أمرين ممكنين ما دام هذا النظام القمعي قائمًا. فكما هو الحال في بقية المجالات، يظل الاقتصاد انعكاسًا لطبيعة النظام السياسي الحاكم، وما دام هذا النظام القائم على الأزمات والفساد والنهب موجودًا، فإن أي حديث عن الإصلاح الاقتصادي أو تحسين ظروف الشعب الإيراني لا يعدو كونه سرابًا لا يمكن تحقيقه. 

Verified by MonsterInsights