السيولة النقدية بيد الشعب… والطمع المزمن لخامنئي
كيف يحاول خامنئي التهرب من المسؤولية بينما يمدّ يده إلى ما تبقى من مدّخرات الشعب؟
في إيران اليوم، لم تَعُد الأزمة الاقتصادية مجرد أرقام… بل تحوّلت إلى خنجر يومي يغوص في حياة كل مواطن. الغلاء الفاحش، وتدهور المعيشة، وغياب الأمل في المستقبل، كلها مظاهر مأساوية تطحن الشعب الإيراني بلا رحمة.
في هذا السياق، لم يجد الولي الفقيه للنظام الإيراني وزعيم مافيا الفساد ذات الرؤوس السبعة بُدًّا من الإقرار بالأمر الواقع. ففي خطابه بمناسبة بداية العام الإيراني الجديد، بتاريخ 20 مارس 2025، اعترف بأنّ “المشاكل الاقتصادية تحاصر المواطنين”، مؤكدًا أن شعار العام الماضي “لم يُنفّذ”. وهكذا تحوّلت عروض النظام السنوية إلى مهزلة مكرّرة، تعكس إفلاس سياساته.
هذا الاعتراف الذي بدا صادمًا للبعض، ليس غريبًا على شعب يعيش تفاصيل هذه المأساة يومًا بيوم. وسائل الإعلام التابعة للنظام لم تعد قادرة على إنكار الواقع، فتصدّرت عناوينها صرخات المجتمع: “الأسواق تحت وطأة الغلاء”، “الغلاء يجتاح كل شيء”، “الشعب يصارع الأسعار عشية العيد”، و”استعدوا لموجة جديدة من الغلاء!” (خبر أونلاين).
ولكن ما بدا في الظاهر اعترافًا نادرًا، لم يكن سوى خدعة جديدة من خامنئي، الذي حاول بدهاء أن يُلقي باللوم على الحكومة، قائلاً: “القيادة لا تتدخل في التخطيط الاقتصادي… هذه من مهام الحكومة!” وكأنّه ليس الحاكم الفعلي، وصاحب الكلمة الأولى والأخيرة في شؤون البلاد كافة.
وفي هذا السياق، سبقه الرئيس المعين من قبل خامنئي، بزشكيان، بتصريح مثير للشفقة قال فيه: “لا أعلم مَن يتحمّل مسؤولية هذا الغلاء!” (13 مارس). وهكذا يتنصّل الجميع، بينما الضحية الوحيدة هو المواطن الإيراني.
الحقيقة أن خامنئي لا يسعى لتبرئة نفسه فحسب، بل يهيّئ المسرح لعملية نهب جديدة لما تبقّى في جيوب الإيرانيين. ففي إطار شعار العام الجديد – “الاستثمار من أجل الإنتاج” – قال بصراحة: “الإنتاج بحاجة إلى استثمار… والمقصود ليس الاستثمار الأجنبي، بل استثمار أبناء الوطن”. ثم كشف الهدف الحقيقي بقوله: “إن السيولة الموجودة بيد المواطنين… لو وُظّفت في الإنتاج، لتقدّم البلد!”
وبعبارة أوضح، وبعد أن سلب النظام أموال الشعب عبر التلاعب بأسعار العملة، وسوق البورصة، والعقارات، والسيارات، والضرائب، يعود اليوم ليطمع في مدّخرات المواطنين، طالبًا منهم أن يسلموا ما تبقّى لديهم من أموال إلى وحش الفساد المتعطّش.
ولم يلبث خامنئي أن حرّك أذرعه المحلية، أئمة الجمعة في المحافظات والمدن، ليكرّروا نفس الدعوة الوقحة، ويحثوا الناس على “تقديم أموالهم وذهبهم لخدمة الوطن” – أي في الحقيقة: خدمة مافيا خامنئي ومؤسساته الناهبة.
إنها حملة منظمة، تُستخدم فيها الشعارات الوطنية كغطاء، بينما الهدف الحقيقي هو سدّ عجز نظام مفلس، على حساب شعب منكوب.
فهل يُعقل أن تكون “الاستثمار في الإنتاج” مجرّد ذريعة جديدة للنهب؟
أم أنّ الشعب الإيراني، الذي خبر كذب هذا النظام لعقود، سيتصدى هذه المرّة لمحاولة السطو على آخر ما تبقّى من قدرته المعيشية؟