تقرير رسمي للنظام الإيراني إلى الأمم المتحدة: إنكار للقمع وتبرئة للجناة
في محاولة جديدة للتهرّب من المحاسبة الدولية، قدّمت اللجنة الخاصة التي شكّلها الرئيس المعين من قبل خامنئي، بزشکيان، تقريرها الثاني بشأن قمع الانتفاضة الشعبية في عام 2022 إلى المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة بتاريخ 21 مارس 2025. التقرير، الذي أُعلن عنه في 26 مارس، يتضمّن سلسلة من المزاعم التي تسعى إلى تبرئة النظام من الانتهاكات الواسعة لحقوق الإنسان، بما في ذلك إنكار استخدام التعذيب، وتحميل أطراف خارجية مسؤولية الاضطرابات.
ومن أبرز ما ورد فيه، القول بأن “استخدام الأسلحة النارية على نطاق أوسع” كان كفيلًا بإنهاء الاحتجاجات بسرعة، ما يعكس طبيعة العقلية القمعية الحاكمة. كما يستمر التقرير في الادعاء بأن وفاة مهسا أميني كانت نتيجة “مرض سابق”، متجاهلًا شهادات الطب الشرعي وتقارير مستقلة.
بدلًا من معالجة الأسباب السياسية والاجتماعية للاحتجاجات، مثل قمع الحريات وحقوق النساء، يُرجع التقرير أسبابها إلى العقوبات الأميركية والصعوبات الاقتصادية.
اللجنة تزعم تلقي 1,148 شكوى من الضحايا، وتحدثت عن تقديم تعويضات بقيمة 73.9 مليار تومان. غير أن تقارير منظمات حقوق الإنسان، وعلى رأسها منظمة العفو الدولية، تشير إلى استمرار الضغط الأمني على عائلات الضحايا وحرمانهم من العلاج، مع استمرار الاعتقالات والملاحقات.
في تعارض مباشر مع مضمون التقرير، أكدت لجنة تقصي الحقائق المستقلة التابعة للأمم المتحدة بشأن إيران في ديسمبر 2024 أن الناجين “بحاجة ماسة للحقيقة والعدالة والمحاسبة”، مشددة على وجود أدلة على ارتكاب جرائم ضد الإنسانية.
أما بشأن عدد القتلى، فيزعم التقرير أن العدد الإجمالي بلغ 281 شخصًا، في حين اعترف قائد قوات الجو-فضاء في حرس النظام الإيراني، أمير علي حاجي زاده، في نوفمبر 2022، بمقتل أكثر من 300 متظاهر.
التقرير أيضًا ينفي وقوع العنف الجنسي ضد المعتقلين، ويقلل من شأن تسميم الطالبات خلال الاحتجاجات، مدعيًا أن ذلك نتج عن “عناصر معادية” استخدمت الغاز والمواد الكيماوية.
ويتّهم النظام من خلال هذا التقرير عدة دول أجنبية—منها الولايات المتحدة، ألمانيا، فرنسا، والنرويج—بـ”التحريض” على التظاهرات، ويكرر روايته الرسمية عن مجزرة زاهدان، رغم تقارير شهود العيان والمنظمات المستقلة التي تؤكد مقتل أكثر من 100 مدني على يد القناصة والقوات الأمنية.
ختامًا، يشكّل هذا التقرير الرسمي محاولة مفضوحة لتبرئة النظام الإيراني من جرائم القمع والتعذيب، لكنه يصطدم بحقائق دامغة موثقة من قبل منظمات حقوق الإنسان، وتقارير ضحايا وشهادات مباشرة تكشف حجم الانتهاكات المرتكبة خلال انتفاضة 2022.