«مقامرة بالحياة من أجل لقمة الخبز»
من الفقر إلى حبل المشنقة: مأساة م. إسماعيلي نموذجٌ لفجائع الاستبداد في إيران
في واحدة من أبشع صور الظلم الاجتماعي والتمييز القضائي، أقدمت سلطات النظام الإيراني يوم 14 أبريل 2025 على تنفيذ حكم الإعدام بحق امرأة تُدعى م. إسماعيلي، تبلغ من العمر 39 عامًا، في سجن قزوين، بتهمة حيازة 600 غرام من المواد المخدّرة، مقابل مبلغ زهيد لم يتجاوز 10 ملايين تومان (حوالي 100 دولار)..
م. إسماعيلي، وهي أمّ لطفلة متبنّاة تُدعى “سودا”، كانت ضحية نموذجية للفقر البنيوي الذي يدفع آلاف النساء في إيران إلى حافة الهاوية. لم يكن لها محامٍ يدافع عنها، ولا دعم أسري أو اجتماعي، وحُكم عليها بالموت على يد القاضي “أسدي”، المعروف بإصداره أحكامًا متكرّرة بالإعدام.
عندما يكون الفقر حُكمًا بالموت
وفقًا لمصادر حقوقية، عاشت م. إسماعيلي في ظروف معيشية قاسية جعلتها توافق على نقل كمية صغيرة من المخدرات، بحثًا عن لقمة العيش. تمّ اعتقالها، وسُجنت دون محاكمة عادلة، في ظل غياب الدفاع القانوني والرعاية القضائية، إلى أن انتهى بها المطاف على المشنقة. ولم يحضر استلام جثمانها إلا ابنتها بالتبني، سودا، وهي كل ما تبقّى من عائلتها.
إنّ هذا الإعدام لا يمكن عزله عن واقع اقتصادي واجتماعي مأزوم تعيشه شريحة واسعة من الإيرانيين، حيث ينهار الاقتصاد تحت وطأة الفساد والإنفاق العسكري، فيما يُترك المواطن لمصيره المظلم بين الجوع أو الجريمة أو الحبل.
ميزانيات القمع والمغامرات النووية بدلًا من الخبز
في الوقت الذي تُعدم فيه النساء الفقيرات بسبب جرائم ناتجة عن البؤس، يضخّ النظام الإيراني مليارات الدولارات في مشاريعه النووية ويواصل تمويل ميليشياته الإقليمية مثل حزب الله في لبنان وميليشيات الحوثيين في اليمن. كما تستنزف سياسات التدخّل الخارجي ثروات البلاد على حساب المواطنين الذين يئنّون تحت خط الفقر، دون خدمات، ودون ضمان اجتماعي، ودون أمل.
إنّ م. إسماعيلي لم تكن إلا رقمًا في قائمة طويلة من النساء اللواتي تُسلب أرواحهنّ بسبب انعدام العدالة وتحوّل المحاكم إلى أدوات قتل بإمرة السلطة. بينما يُهدر النظام موارده في مغامرات سياسية خارجية، تُترك النساء في الداخل يواجهن مصيرهنّ وحدهنّ.
حقوق الإنسان غائبة تحت حُكم الولي الفقيه
إنّ تنفيذ الإعدام بهذه الطريقة يتنافى بشكل صارخ مع المادة الثالثة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تضمن حق كل إنسان في الحياة والأمان، كما أن حرمان المرضى والفقراء من الدفاع القانوني، وتنفيذ الأحكام دون مراجعة قضائية عادلة، يضع النظام الإيراني في موقع الاتهام الدولي بانتهاك منهجي لحقوق الإنسان.
إنّ مأساة م. إسماعيلي ليست حادثًا فرديًا، بل جزء من منظومة قمعٍ مركّبة، تُديرها السلطة الدينية القائمة على التمييز والفساد والوحشية القانونية، في حين تنهب ثروات البلاد لصالح مشاريع أيديولوجية وعسكرية، وتُزهق أرواح الأبرياء بلا مساءلة.