حياة مريم أكبري منفرد في خطر: صوت المقاومة خلف القضبان يتحدى وحشية النظام الإيراني
تواجه مريم أكبري منفرد، السجينة السياسية التي أمضت أكثر من 16 عامًا في سجون النظام الإيراني، أزمة صحية خطيرة تهدد حياتها في سجن قرچك بمدينة ورامين. ورغم حالتها الحرجة، لا تزال سلطات السجن والقضاء في النظام الإيراني ترفض تقديم العلاج الطبي العاجل لها، في تجسيدٍ فاضح لنهج ممنهج من الإهمال والانتهاك ضد السجناء السياسيين.
وبحسب مصادر مقرّبة من عائلتها، فإن مريم تعاني من قصور في الغدة الدرقية، اضطرابات في الكبد، وآلام مزمنة في الظهر والركبة. وأكّد خمسة أطباء متخصصين، من بينهم جراح أعصاب وأخصائي عظام وخبراء في الطب الشرعي، على ضرورة خضوعها لعمليات جراحية عاجلة في الظهر والركبة.
لكن، وحتى هذه اللحظة، لم تُتخذ أي خطوات علاجية، ولم تُقدَّم أي استجابة قانونية من قبل السلطات لطلبات محاميها المتكررة. أحد المصادر أوضح:
“في الأشهر الأخيرة، عانت مريم من خدر في القدمين وضعف في وظيفة الركبة، وقد حذر الأطباء من احتمال تعرضها لأضرار في الحبل الشوكي، بل وفقدان السيطرة على وظائف الجسم إذا استمر الإهمال.”
تُعتبر مريم السجينة السياسية الوحيدة في سجن قرچك، حيث تُحتجز بشكل غير قانوني إلى جانب سجناء من أصحاب الجرائم الجنائية، في انتهاك صارخ لمبدأ فصل السجناء حسب نوع التهمة، وهو أحد المعايير الأساسية لحقوق الإنسان.
رغم أن حكمها الأصلي بالسجن لمدة 15 عامًا قد انتهى، فتح النظام قضية جديدة ضدها بتهم فضفاضة مثل “نشر الأكاذيب” و”الدعاية ضد النظام”، وهي تُهم شائعة تُستخدم لإسكات الأصوات المعارضة.
وما يزيد من الظلم، هو أن السلطات اشترطت حصول المحامين على “موافقة قضائية خاصة” لزيارتها، وهو إجراء تعسفي يُفرض فقط على السجناء السياسيين.
ورغم كل هذا القمع، تواصل مريم رفع صوتها من خلف القضبان. ففي رسالة مؤثرة كتبتها في 28 نوفمبر 2021 من سجن سمنان، قالت:
“إن سألتني كيف صمدت وسط ظلمات التعذيب ووطأة الزمن، سأقول إن شعلة الإيمان الثائرة في قلبي هي من أبقتني واقفة.”
وأضافت:
“هذه الشعلة التي يسعى الجلادون لإطفائها منذ لحظة الاعتقال، لأجل أن يتجمد الروح وينحني الجسد، لكنني حافظت عليها مشتعلة لثلاثة عشر عامًا. لأن المقاومة في قلوبنا.”
وفي ذكرى مجزرة عام 1988، كتبت مريم في 6 أغسطس 2022:
“لا مهرب من العدالة. عاهدت نفسي أن لا أصمت بينما القتلة أحرار. جراحنا لا تزال نازفة وكأن المذبحة وقعت اليوم. نحن نقاوم لنضمن ألا تُفجع عائلة أخرى.”
من هي مريم أكبري منفرد؟
اعتُقلت مريم في 31 كانون الأول/ديسمبر 2009 عقب احتجاجات عاشوراء، وفي حزيران/يونيو 2010 حكمت عليها المحكمة الثورية برئاسة القاضي سيء السمعة أبو القاسم صلواتي بالسجن 15 عامًا بتهمة “محاربة الله”، فقط لأنها طالبت بالعدالة لإخوتها الذين أُعدموا.
وقد دفعت عائلتها ثمناً باهظًا؛ إذ أُعدم غلامرضا وعلي رضا في الثمانينيات، بينما أُعدم عبد الرضا ورُقيّة خلال مجزرة عام 1988. جريمتها؟ المطالبة بالعدالة من أجلهم.
مريم أكبري منفرد لم تتراجع يومًا عن مطلبها بمحاكمة القتلة. لقد تحولت إلى رمزٍ للمقاومة في وجه الظلم والاستبداد. كلماتها، شجاعتها، ومعاناتها أصبحت صوت كل من يرفض الخضوع لنظام القتل باسم الدين.
النظام الإيراني قد حبسها، لكنه عاجز عن إسكاتها.
صوتها لا يزال يُدوّي.
فلنُصغِ إليه.
ولنقل: لا للصمت… لا للإعدام.