الاتحاد من أجل الحرية والديمقراطية والمساواة​

الجيل المنتفض… ومأزق فاشية الملالي في المدارس الإيرانية 

انضموا إلى الحركة العالمية

الجيل المنتفض… ومأزق فاشية الملالي في المدارس الإيرانية 

الجيل المنتفض… ومأزق فاشية الملالي في المدارس الإيرانية 

الجيل المنتفض… ومأزق فاشية الملالي في المدارس الإيرانية 

في مرحلة تُعدّ من أكثر الفترات هشاشة في عمر النظام الإيراني، يُعيد النظام الفاشي الديني الحاكم في طهران استهدافه للشباب وطلاب المدارس، في محاولة يائسة لكبح جماح جيل لم يعد يقبل بالخضوع، ولا بالصمت، ولا بالتلقين الرسمي. 

ففي ظل مخاوف عميقة من تجدّد شرارات الغضب الشعبي، لجأ النظام إلى خطة قمعية جديدة تهدف إلى إخضاع المدارس عبر نشر قوات الشرطة داخلها، في ما يُعدّ دليلاً صارخًا على مدى فوبيا النظام من دور وتأثير الجيل الجديد، الذي وُلد من بين رماد القمع والتحريف الثقافي، ليقف اليوم على أعتاب تاريخ ثوري جديد. 

وفي مشهد يُعيد إلى الأذهان أدبيات الأنظمة العسكرية الشمولية، أعلن وزير التعليم في حكومة بزشكيان، علیرضا كاظمي، خلال جلسة مشتركة مع قائد قوى الأمن الداخلي، أحمد رضا رادان، قائلاً: 

“أنا جندي في خدمة القائد رادان… نحن جنودكم، وكل مهمة ترون أننا قادرون على تنفيذها، نحن في خدمتكم.” 

هذه التصريحات، التي تعكس انصهار الوزير في مشروع أمني لا تربوي، تُفرغ وزارة التعليم من مضمونها وتُحولها إلى ذراع أمنية في منظومة تهدف إلى تطويع الجيل الجديد. 

ولم يكتفِ كاظمي بتلك الكلمات، بل تحدث عن تعاونه في مواجهة ما سماه “الآفات الاجتماعية”، دون أن يُدرك أن الآفة الحقيقية هي تحويل المدارس إلى ساحات عسكرية تحت سلطة القمع. 

بدوره، قال رادان: “يجب عدم التساهل مع مافيا اختطاف عقول الطلاب.”، في إشارة إلى تأثيرات المعارضة، لا سيما المجاهدين، ووحدات الانتفاضة، وقوى التغيير، الذين يرى النظام أنهم يستهدفون عقول الطلاب عبر الفضاء الإلكتروني. 

لكن في الواقع، هذه التصريحات تعكس إقرارًا صريحًا بدور الطلاب المحوري في الانتفاضات، ووعي النظام بمدى خطورة جيل لم يعد يرى في السلطة مرجعية أخلاقية أو وطنية. 

الهوس بالسيطرة الثقافية… والهروب إلى الأمام 

لطالما اعتبر علي خامنئي أن الجبهة الثقافية أخطر من التهديد العسكري. ففي خطابه في 26 سبتمبر 2024، شدد على ضرورة “مراقبة” المؤسسات التعليمية والثقافية، ودعا وزارات التربية، الإعلام، التعليم العالي، والصحة، إلى الوقوف في وجه ما سماه “النفوذ الثقافي ونمط الحياة الغربي”. 

وخلال عقود، أعاد النظام الإيراني كتابة المناهج الدراسية بما يخدم تسويق ولاية الفقيه كقدر تاريخي، محاولًا احتكار الرواية عن الثورة والهوية، ومحو كل ما يمتّ إلى التعددية أو الذاكرة الحية للشعب الإيراني بصلة. 

إلا أن هذا المشروع، رغم حجم موارده، فشل في ترسيخ سرديته داخل وجدان الجيل الجديد، الذي يُعيد تأويل تاريخه بعيون نقدية، ويبحث عن مستقبله خارج أطر الماضي المزوّر. 

مدارس إيران بين الإنتاج الأمني والمقاومة الناشئة 

سعى النظام إلى تحويل المدارس إلى مصانع لصناعة “البسيجيين الجدد”، عبر مناهج تعبوية، وهيكلية شبه عسكرية، وبيئة تُجرّم التفكير الحر. 

لكن هذا الجهد فشل، وأنتج جيلًا تمرّديًا من داخل النظام نفسه؛ جيلًا وُلد في ظله، لكنه لم يرَ نفسه يومًا جزءًا منه. 

في انتفاضة عام 2022، كان الطلاب في طليعة الشوارع، يُسائلون كل المسلّمات، ويُحطّمون رموز السلطة في شعاراتهم وسلوكهم. 

ولم تعد المدارس بيئة للتهذيب الرسمي، بل نقاط انطلاق لروح الرفض. 

وباتت الذاكرة الجمعية الجديدة تصنع من المدرسة، لا مقرًّا للحفظ الطوعي، بل مسرحًا للمقاومة الهادئة. 

جيل اليوم لا يتبنّى رموز النظام ولا روايته، بل يُفككها، ويرفض العودة إلى الوراء. 

الطلاب ضحايا قديماً وحديثاً: من جبهات الحرب إلى ميادين القمع 

ذاكرة الشعب الإيراني لا تنسى أن الطلاب كانوا أول ضحايا المغامرات الدموية. 

في حرب الثماني سنوات، زُجّ بآلاف الأطفال في الجبهات، واعتبرهم القادة العسكريون “جنودًا للاستعمال مرة واحدة”. 

وقد اعترف رفسنجاني في عام 1997 أن أكثر من 36 ألف طالب قُتلوا في تلك الحرب. 

اليوم، النظام نفسه يُعيد إنتاج الجريمة، ولكن بأشكال جديدة. 

الطالب الذي كان يُساق إلى حقل الألغام، يُساق اليوم إلى الفصل تحت أعين الشرطة، ويُهدّد بالاعتقال، لا لشيء سوى لأنه يحلم بمستقبلٍ يليق به. 

لطالما لعب الطلاب دور الشرارة الأولى في الثورات. 

في 4 نوفمبر 1978، تحوّلت تظاهرة طلابية أمام جامعة طهران إلى مفصل تاريخي، أدى إلى إعلان الأحكام العرفية، وسقوط حكومة الشاه. 

واليوم، يُمكن للطلاب أنفسهم، أن يُعيدوا صياغة المعادلة، وأن يُطلقوا من جديد موجة الثورة الديمقراطية المنتظرة، بالتلاحم مع شباب المدن المنتفضة. 

لجنة التعليم في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، أطلقت نداءً إلى النقابات الطلابية، والهيئات التعليمية، والمنظمات الحقوقية الدولية لإدانة هذه الإجراءات القمعية. 

وأكّدت في بيانها أن الجيل الجديد لن يرضخ لا لخامنئي، ولا لرادان، ولا لقواتهم القمعية. 

جيل اليوم، مثل نابض مكبوت، سينفجر يومًا بكل طاقاته المكظومة. 

إنه لا يطلب الإذن، ولا ينتظر الإصلاح، بل يصنع قدره ويكتب تاريخه بدمه وصوته وشجاعته. 

Verified by MonsterInsights