مؤتمر الدولي لإيران الحرة ٢٠٢٥: تطلعات نحو جمهورية ديمقراطية ودعم عالمي متزايد
شكل “المؤتمر الثاني لإيران الحرة ٢٠٢٥“، الذي انعقد مؤخراً في باريس، محطة بارزة جمعت حشداً من البرلمانيين والوزراء السابقين وشخصيات دولية من مختلف القارات، بهدف رئيسي هو إعلان التضامن مع نضال الشعب الإيراني من أجل الحرية والديمقراطية. وفي قلب هذا الحدث، قدمت السيدة مريم رجوي، رئيسة الجمهورية المنتخبة من قبل المقاومة الإيرانية، رؤيتها للمستقبل عبر “خطة السيدة مريم رجوي ذات النقاط العشر”، والتي لاقت ترحيباً واسعاً كخارطة طريق عملية نحو تأسيس جمهورية برلمانية تعددية في إيران.
كلمة السيدة مريم رجوي: حتمية التغيير الديمقراطي في مواجهة نظام على حافة الهاوية
في خطابها الرئيسي، قدمت السيدة مريم رجوي تحليلاً معمقاً للأوضاع الراهنة في إيران، مؤكدةً أن النظام الحاكم يواجه أزمات متلاحقة على كافة الأصعدة، وأن الحل الوحيد لإنهاء معاناة الشعب الإيراني ووضع حد لبرامج النظام النووية المزعزعة للاستقرار الإقليمي، يكمن في تغييره الجذري على أيدي الشعب والمقاومة المنظمة. وأوضحت كيف أن الدلائل تشير إلى تآكل قوة النظام داخلياً وخارجياً، من انهيار نفوذه في سوريا وضربات موجعة لوكلائه في المنطقة، إلى تصاعد الغضب الشعبي والتوترات السياسية والاقتصادية والاجتماعية العميقة التي تجلت في مقاطعة واسعة للانتخابات الصورية.
واستعرضت السيدة رجوي تفاصيل الوضع الاقتصادي المنهار، حيث الفساد المستشري ونهب ثروات البلاد لتمويل مشاريع القمع والتدخلات الإقليمية، مما أدى إلى فقر مدقع، وتضخم جامح، وبطالة واسعة، وحرمان ملايين الإيرانيين من أبسط مقومات الحياة الكريمة، لا سيما النساء والأطفال. وأشارت إلى أن النظام، الذي أنفق أكثر من ألفي مليار دولار على مشروعه النووي، يعجز عن توفير الخدمات الأساسية لمواطنيه.
ورغم القمع الوحشي، بما في ذلك حملات الإعدام المروعة وملايين الاعتقالات السنوية، أكدت السيدة رجوي على استمرار وتصاعد الاحتجاجات والإضرابات في مختلف القطاعات، من عمال النفط والغاز إلى المعلمين والمتقاعدين وسائقي الشاحنات، مشيدةً بشجاعة السجناء السياسيين في حملتهم “لا للإعدام”. وشددت على أن المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، بما يمتلكه من رؤية واضحة وقاعدة شعبية وتنظيم متجذر تقوده وحدات الانتفاضة، يمثل البديل الديمقراطي الجاهز لقيادة إيران نحو مستقبل أفضل. وحول البرنامج النووي، أكدت أن النظام وصل إلى مفترق طرق حاسم بين التخلي عن القنبلة، مما يعني تسريع سقوطه، أو المضي قدماً نحوها، وهو ما وصفته بالانتحار السياسي. ودعت المجتمع الدولي، وخاصة أوروبا، إلى اتخاذ موقف حازم عبر تصنيف حرس النظام الإيراني منظمة إرهابية، والاعتراف بشرعية نضال الشعب الإيراني ووحداته المقاومة لإسقاط هذا النظام، مؤكدة أن حرية إيران هي الضمان الحقيقي للسلام والأمن في المنطقة والعالم.
مداخلات برلمانية دولية: تأييد واسع لخطة النقاط العشر ودعوات لسياسة حازمة تجاه طهران
عكست كلمات العديد من البرلمانيين والشخصيات الدولية المشاركة في المؤتمر إجماعاً متزايداً على ضرورة دعم تطلعات الشعب الإيراني نحو الديمقراطية وإنهاء سياسة الاسترضاء مع النظام الحاكم.
أكد مشرعون من دول الشمال الأوروبي على الدعم القوي من برلماناتهم لخطة السيدة مريم رجوي والمقاومة الإيرانية. فمن آيسلندا، أشار رئيس الوزراء السابق، السيد جير هيلمار هاردي، إلى قلقه العميق إزاء أزمة حقوق الإنسان في إيران ودعا الاتحاد الأوروبي إلى إدراج حرس النظام الإيراني كمنظمة إرهابية وإنهاء سياسة الاسترضاء. ومن النرويج، تحدث السيد لارس ریسه عن الإجماع الدولي المتنامي لدعم وحدات الانتفاضة وخطة النقاط العشر، بينما أكد السيد أولا إلفستن، الوزير السابق، على أن أغلبية البرلمان النرويجي تدعم المقاومة الإيرانية، ودعا الديمقراطيات للاتحاد ضد الديكتاتوريات المتعاونة. كما شدد السيد راسموس هانسون على أهمية خطة النقاط العشر كضمان لمستقبل ديمقراطي، فيما سلطت السيدة ديليا ميست إينارسدوتير من آيسلندا الضوء على الدور المحوري للمرأة في المقاومة الإيرانية.
الوفود البرلمانية الإيطالية والألمانية كانت حاضرة بقوة أيضاً. من إيطاليا، أعربت السيدة نايكه غروبيوني عن دعم عدد كبير من النواب الإيطاليين لخطة السيدة رجوي، بينما أكد السيد إيمانويل بوتسولو أن نظام الملالي ينهار وأن البديل الوحيد هو المقاومة الإيرانية. السيدة جيانا غانسيا دعت أوروبا لتكون في طليعة الداعمين لإيران حرة، فيما طالب السيناتور السابق روبرتو رامبي بحماية سكان أشرف وتغيير النظام وفق خطة النقاط العشر. وأكد السيناتور السابق أنطونيو راتسي على ضرورة إنهاء عقود الاسترضاء. من ألمانيا، شدد السيد كارستن مولر على ضرورة إدراج حرس النظام الإيراني كمنظمة إرهابية، بينما أكد السيد سردار يوكسل أن النظام في أضعف حالاته. السيدة ستيفاني بونغ دعت لدعم السجناء السياسيين وتصنيف حرس النظام، وأشار السيد كريستيان كالديروني إلى أن النظام لا مستقبل له. السيد ليو داوتسنبرغ أكد أن النظام يواجه تحدياً من وحدات الانتفاضة، فيما دعت السيدة نادين روف لدعم نضال المرأة الإيرانية. وقال السيد توماس لوتسه إنه لا مزيد من التسويات مع نظام يدعم الإرهاب.
الشخصيات البريطانية والإيرلندية والأوروبية الأخرى عبرت عن مواقف مشابهة. البارونة سانديب فيرما من مجلس اللوردات البريطاني دعت لمحاكمة المسؤولين عن الجرائم ضد الإنسانية، بينما أكد السير آلان ميل، الوزير البريطاني السابق، أن الاسترضاء فشل ويجب تطبيق خطة النقاط العشر. السير ديفيد كروسبي، النائب البريطاني السابق، شدد على أن إيران ستكون حرة بإرادة شعبها. السيد ستروان ستيفنسون من اسكتلندا حذر من البدائل الوهمية مؤكداً أن منظمة مجاهدي خلق هي من يسعى لجمهورية ديمقراطية. السيد بن أوني أرديليان من رومانيا قارن الوضع بسقوط تشاوشيسكو، داعياً لعدم الخوف من النظام. السيد باولو كاساكا من البرتغال حذر من خداع النظام، والسيد ديرك يان إيبينك من هولندا أشار إلى إرهاب النظام الذي وصل أوروبا. ومن إيرلندا، أكد السيد جون بول فيلان، الوزير السابق، على عدالة قضية الشعب الإيراني، فيما شدد السيد جيم هيغينز، الوزير والسيناتور السابق، على أن الشعب هو من سيصنع التغيير وأن الهدف هو طهران الحرة.
بشكل عام، أجمعت المداخلات على أن النظام الإيراني يمثل تهديدًا لشعبه وللسلام والأمن الدوليين، وأن دعم المقاومة الإيرانية وخطة السيدة مريم رجوي الديمقراطية هو الطريق الأمثل نحو مستقبل أفضل لإيران والمنطقة.
مؤتمر “إيران الحرة ۲۰۲۵” كان بمثابة شهادة قوية على حيوية النضال من أجل الحرية في إيران وعلى اتساع نطاق الدعم الدولي لهذا النضال. التأكيد المتكرر على دعم المقاومة الإيرانية المنظمة وبرنامج السيدة مريم رجوي ذي النقاط العشر، يعكس إدراكاً دولياً متزايداً بأن التغيير الديمقراطي في إيران ليس فقط هدفاً نبيلاً، بل هو ضرورة استراتيجية للسلام والاستقرار الإقليمي والعالمي. وكما أكد العديد من المتحدثين، فإن مستقبل إيران سيقرره شعبها الشجاع، وعلى المجتمع الدولي أن يقف بصلابة إلى جانبه في هذه اللحظة التاريخية.