تصريحات الجلاد مصطفى بور محمدي الأخيرة تكشف خوف النظام الإيراني المتزايد من الشعب
أدلى مصطفى بور محمدي، وهو شخصية سيئة السمعة في الجهاز القضائي والمخابراتي للنظام الإيراني وعضو رئيسي في “لجان الموت” المسؤولة عن مجزرة عام 1988 بحق السجناء السياسيين، مؤخراً بسلسلة من التصريحات التي، بعيداً عن تبرئته أو تبرئة النظام، تكشف بشكل أكبر عن الوحشية المتأصلة والذعر الحالي داخل المؤسسة الدينية الحاكمة في إيران. تقدم هذه التصريحات لمحة تقشعر لها الأبدان عن العقلية التي دبرت واحدة من أبشع الجرائم ضد الإنسانية في التاريخ الحديث، بينما تسلط الضوء أيضاً على يأس النظام المتزايد في مواجهة الضغوط الداخلية والدولية.
شهدت مجزرة عام 1988 الإعدام بإجراءات موجزة لما يقدر بنحو 30 ألف سجين سياسي في جميع أنحاء إيران. كانت الغالبية العظمى من الضحايا أعضاء وأنصار منظمة مجاهدي خلق الإيرانية. نُفذت عمليات القتل بناءً على فتوى أصدرها خميني، الذي أمر بإبادة جميع سجناء منظمة مجاهدي خلق الذين ظلوا صامدين في معارضتهم للنظام. كان بور محمدي، الذي شغل مناصب رفيعة المستوى مختلفة بما في ذلك وزير الداخلية في عهد محمود أحمدي نجاد ووزير العدل في عهد حسن روحاني، شخصية مركزية في تنفيذ هذا المرسوم، حيث عمل في “لجان الموت” التي أرسلت الآلاف إلى حتفهم بعد محاكمات صورية استمرت دقائق معدودة.
تصريحاته الأخيرة ليست أعمال ندم، بل هي “اعترافات حتمية” فرضها نظام يترنح تحت وطأة جرائمه وتزايد الدعوات للمساءلة.
“الاعترافات” القديمة والجديدة: نمط ثابت لتبرير القتل الجماعي
في تصريحاته الأخيرة، حدد بور محمدي صراحة منظمة مجاهدي خلق كهدف رئيسي ومستمر لآلة القمع التابعة للنظام. وقال: “أهم جماعة أثارت الضجيج دائماً في البلاد ولا تزال مدعومة من أعداء إيران حتى يومنا هذا هي هؤلاء المجاهدين أنفسهم”، محاولاً تصوير المجزرة على أنها رد على تهديد مستمر. كما وصف الأجواء المرعبة التي زرعها النظام عمداً خلال الثمانينيات، معترفاً: “تأثر العديد من الأفراد بشدة بالأجواء العامة… كانوا يقولون: يا سيدي، أعدِم فلاناً، أعدِم! … كانوا يقولون يجب إعدام الجميع”. هذا الاعتراف المروع من تصريحاته الأخيرة يتردد صداه مع التبريرات التي قدمها في مقابلة سابقة قبل حوالي عام. في ذلك الحوار السابق، كشف بور محمدي عن الأساس القانوني والديني البارد للنظام لعمليات القتل، قائلاً: “الحكم القانوني والقضائي والشرعي لمن يثبتون على مواقفهم هو الإعدام”. وهذا يعكس بشكل مباشر فتوى الخميني، مؤكداً أن الدعم الثابت لمنظمة مجاهدي خلق كان، في حد ذاته، حكماً بالإعدام.
في نفس المقابلة السابقة، سلط بور محمدي الضوء عن غير قصد على الشجاعة التي لا تتزعزع لسجناء منظمة مجاهدي خلق. وروى عن استجوابات حيث أكد السجناء بتحدٍ التزامهم بمنظمة مجاهدي خلق وزعيمها مسعود رجوي، حتى بعد إخبارهم بأن موقفهم يعني الإعدام. “توسلنا إليهم قائلين… ‘لو كان مسعود رجوي في طهران الآن وفتح باب السجن، هل ستقاتلون؟’ كانوا يقولون: ‘نعم، سأقاتل!’ ماذا كان عليّ (بور محمدي) أن أفعل؟!”. هذا لا يكشف فقط عن بطولة السجناء ولكن أيضاً عن رواية بور محمدي الثابتة، وإن كانت تخدم مصالحه الشخصية.
وعلى الرغم من هذه الاعترافات الجزئية، فإن تصريحات بور محمدي الأخيرة مليئة بمحاولات تشويه التاريخ وتشتيت اللوم. لقد حاول بشكل شائن التقليل من حجم الفظائع بالإشارة إلى أن: “نحن أنفسنا نقبل أنه ربما ارتكبت خمسة أخطاء أيضًا… نقبل أننا في حالات قليلة في الثمانينيات لم نتصرف بشكل صحيح”. هذا الاستخفاف بمجزرة ممنهجة ومخطط لها مسبقًا استهدفت الآلاف، والتي اعترفت بها هيئات دولية مثل مقرر الأمم المتحدة الخاص البروفيسور جاويد رحمن على أنها تشكل إبادة جماعية وجرائم فظيعة، هو إهانة عميقة للضحايا وعائلاتهم. علاوة على ذلك، يواصل بور محمدي محاولات النظام اليائسة لإعفاء مؤسسه، الخميني، من المسؤولية المباشرة. ادعاؤه الأخير بأن “الإمام [الخميني] لم يلجأ قط إلى السلوك العنيف!” هو كذبة صارخة، تتناقض بشكل مباشر مع فتوى الخميني الصريحة التي أمرت بإعدام سجناء منظمة مجاهدي خلق دون مراعاة الأصول القانونية أو محاكمة أو دفاع.
الأسباب الكامنة: نظام محاصر – غطرسة الماضي مقابل الخوف الحالي
إن التحول في لهجة بور محمدي، عند مقارنتها بتصريحاته السابقة، له دلالة. ففي 25 يوليو 2019، صرح بغطرسة على شاشة التلفزيون الحكومي: “لم نسوِّ حساباتنا بعد مع [منظمة مجاهدي خلق]. يجب أن نسوّي الحسابات مع كل واحد منهم… لقد تكبدنا العديد من الخسائر بسبب [منظمة مجاهدي خلق]، لقد هُزمنا… هل يجب أن آتي وأقدم إجابة قانونية؟!”. يتناقض هذا العداء بشكل حاد مع “دفاعه الخائف” الأخير. هذا التغيير يشير إلى نظام محاصر بشكل متزايد بسبب الجهود الدؤوبة لحركة العدالة لضحايا مجزرة عام 1988، وتزايد التدقيق الدولي، والسخط الداخلي العميق، لا سيما بين جيل الشباب الذي يرفض روايات النظام التاريخية المزيفة. كان وعيه باشمئزاز الرأي العام واضحاً بالفعل في المقابلة السابقة، حيث أعرب عن أسفه لتصور مسؤولي الأمن قائلاً: “أنتم تفسرون رجل الأمن وكأنه خرقة قذرة يجب التخلص منها”. هذا الاعتراف بأنه يُنظر إليه على أنه “خرقة قذرة” من قبل المجتمع يؤكد الكراهية العميقة لمرتكبي مثل هذه الجرائم، وهو شعور لم يزدد إلا حدة مع انتشار حقيقة فظائع النظام على نطاق أوسع.
الحقيقة تتكشف وحتمية العدالة
تصريحات مصطفى بور محمدي الأخيرة، مثل محاولاته السابقة لتبرير ما لا يمكن تبريره، لا تؤدي إلا إلى زيادة توريط نفسه والنظام الإيراني. إنها تذكير صارخ بالطبيعة الممنهجة لـ مجزرة عام 1988، وهي جريمة ضد الإنسانية استهدفت بشكل خاص منظمة مجاهدي خلق وجميع الذين تاقوا إلى إيران حرة. هذه “الاعترافات”، المنتزعة تحت ضغط رواية متداعية وإدانة عالمية متزايدة، تسلط الضوء على الإفلاس الأخلاقي العميق للنظام ومحاولته اليائسة والفاشلة للتهرب من الحقيقة التاريخية. إن دماء شهداء عام 1988 لا تزال تصرخ مطالبة بالعدالة، وتظل منظمة مجاهدي خلق الإيرانية ثابتة في التزامها بضمان محاسبة جميع مرتكبي هذه الجرائم المروعة أمام الشعب الإيراني والعالم. إن يوم الحساب، كما توحي كلمات بور محمدي الخائفة، يقترب.