الاتحاد من أجل الحرية والديمقراطية والمساواة​

على حافة الهاوية:لماذا يمثل الخيار الثالث في بروكسل المخرج الوحيد من كارثة الفصل السابع في إيران عندما يصل المجتمع الدولي إلى مرحلة التفكيرفي تفعيل الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، فهذا يعني أن كل السبل الدبلوماسية قد استنفدت، وأن العالم يقف على حافة الهاوية.

على حافة الهاوية: لماذا يمثل الخيار الثالث في بروكسل المخرج الوحيد من كارثة الفصل السابع في إيران

على حافة الهاوية: لماذا يمثل الخيار الثالث في بروكسل المخرج الوحيد من كارثة الفصل السابع في إيران

عندما يصل المجتمع الدولي إلى مرحلة التفكير في تفعيل الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، فهذا يعني أن كل السبل الدبلوماسية قد استنفدت، وأن العالم يقف على حافة الهاوية. إن هذا الفصل، بأدواته التي تتراوح من العقوبات الشاملة إلى التدخل العسكري، ليس مجرد أداة قانونية، بل هو أشبه بصندوق باندورا؛ بمجرد فتحه، تخرج منه أهوال لا يمكن السيطرة عليها. والتفكير في تطبيقه على إيران اليوم، في ظل تهديدها النووي وإرهابها الإقليمي، يبدو للكثيرين خياراً ضرورياً. لكن التاريخ، وهو المعلم الأكثر قسوة، يقدم لنا دروساً دامية تحذر من أن هذا الطريق غالباً ما يؤدي إلى كوارث أكبر من المشكلة الأصلية. إن تجارب العراق وليبيا وكوريا الشمالية والسودان ليست مجرد حواشٍ في كتب التاريخ، بل هي إنذارات حية بأن الحلول المفروضة من الخارج، دون وجود بديل داخلي منظم، لا تجلب سوى الفوضى والمجاعة والحرب الأهلية. وفي مواجهة هذا الطريق المسدود، تأتي مظاهرة السادس من سبتمبر في بروكسل لتقدم للعالم ما كان مفقوداً في كل تلك التجارب: الخيار الثالث، المخرج الآمن من هذه الهاوية.

الدروس الدامية لصندوق باندورا: من الفوضى في العراق وليبيا إلى المأساة في السودان وكوريا الشمالية

لكي نفهم حجم الكارثة المحتملة في إيران، يكفي أن ننظر إلى الخرائط التي رسمها الفصل السابع في دول أخرى. في العراق، أدت العقوبات إلى تدمير جيل كامل، وأدى الغزو الذي تم تبريره جزئياً بقرارات أممية إلى إسقاط ديكتاتور، لكنه فتح أبواب الجحيم على مصراعيها، وأطلق العنان لحرب أهلية طائفية، وأدى في النهاية إلى صعود تنظيم داعش الإرهابي. وفي ليبيا، أطاح التدخل العسكري بمعمر القذافي، لكنه ترك وراءه بلداً ممزقاً، غارقاً في صراعات قبلية وميليشياوية لا تزال مستعرة حتى اليوم، مع مئات الآلاف من النازحين. لقد أثبتت هاتان التجربتان حقيقة مرعبة: إزالة الطاغية سهلة، لكن بناء الديمقراطية مستحيل في ظل الفراغ السياسي.

وإذا كان التدخل العسكري يؤدي إلى الفوضى، فإن العقوبات الشاملة وحدها لا تقل كارثية. ففي كوريا الشمالية، لم تؤدِ العقوبات القاسية إلى تغيير سلوك النظام النووي، بل أدت إلى مجاعة مزمنة يعاني منها 43% من الأطفال، وتركت الشعب محاصراً بين مطرقة النظام وسندان العقوبات الدولية. وفي السودان، أدت العقوبات إلى تفاقم الأزمة الإنسانية، مع نزوح تسعة ملايين شخص وانتشار المجاعة في دارفور، دون أن تنجح في إنهاء الصراع الأهلي. الدرس هنا واضح: العقوبات غالباً ما تعاقب الشعب، وليس الجلاد.

إيران: لماذا سيكون السيناريو أسوأ؟

إن تطبيق أي من هذين السيناريوهين على إيران، وهي دولة بحجمها وتنوعها العرقي وموقعها الاستراتيجي، لن يؤدي إلى تكرار مأساة العراق أو ليبيا، بل سيؤدي إلى كارثة أكبر بكثير. فالتدخل العسكري سيشعل حرباً إقليمية لا يمكن التنبؤ بنهايتها، والعقوبات الشاملة ستدمر ما تبقى من الطبقة الوسطى وتدفع الملايين إلى فقر مدقع، مما قد يمنح النظام ذريعة لزيادة قمعه تحت شعار “مقاومة الحصار”. إن العالم يجد نفسه أمام خيارين أحلاهما مر: إما فوضى ما بعد التدخل، أو مأساة إنسانية تحت الحصار.

بروكسل 6 سبتمبر: تقديم الحلقة المفقودة

لكن هذه الثنائية الكاذبة تتجاهل وجود خيار ثالث، خيار لا يأتي من الخارج، بل ينبع من الداخل. هذا الخيار هو ما ستقدمه مظاهرة السادس من سبتمبر في بروكسل للعالم. إن هذا الحدث ليس مجرد احتجاج، بل هو العرض العملي للحلقة المفقودة في كل تجارب الفصل السابع السابقة: وجود بديل ديمقراطي، منظم، وذو مصداقية، جاهز لملء الفراغ ومنع الانزلاق نحو الفوضى.

إن المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، الذي ينظم هذه المظاهرة، لا يطالب بتدخل عسكري، ولا يرى في العقوبات غاية بحد ذاتها. بل إنه يقدم رؤية واضحة لإيران المستقبل، رؤية تتجسد في خطة السيدة مريم رجوي ذات العشر نقاط. هذه الخجرةطة هي الضمانة الحقيقية لتجنب سيناريو العراق وليبيا. إنها تقدم التزاماً بجمهورية برلمانية تقوم على فصل الدين عن الدولة، والمساواة بين الجنسين، واحترام حقوق القوميات، وإيران غير نووية.

الرسالة التي ستنطلق من بروكسل موجهة بشكل مباشر إلى مجلس الأمن والقوى العالمية: قبل أن تفتحوا صندوق باندورا الذي لا يمكن إغلاقه، انظروا إلى البديل الموجود. بدلاً من فرض حلول خارجية أثبتت فشلها، اعترفوا بحق الشعب الإيراني في تقرير مصيره، وقدموا الدعم السياسي للمقاومة المنظمة التي تمثل تطلعاته. إن دعم هذا الخيار ليس مجرد موقف أخلاقي، بل هو الاستراتيجية الوحيدة القادرة على إزالة التهديد الإيراني دون إغراق المنطقة والعالم في بحر من الدماء والفوضى.

المحاميعبد الرزاق الزرزور –  ناشط حقوقي وسياسي سوري