مظاهرة بروكسل الكبرى: عرض قوة المقاومة الإيرانية في قلب أوروبا
في يوم السبت الموافق 6 سبتمبر 2025، تحولت ساحة أتوميوم في بروكسل إلى مسرح تاريخي لم يكن مجرد مظاهرة احتجاجية، بل رمزًا للإرادة الجماعية للشعب الإيراني في السعي نحو الحرية. هذا الحدث، الذي أُقيم بمناسبة الذكرى الستين لتأسيس منظمة مجاهدي خلق الإيرانية، تجاوز كونه تجمعًا عاديًا؛ بل كان برلمانًا شعبيًا في الهواء الطلق، جمع عشرات الآلاف من الإيرانيين من جميع أنحاء العالم ليرسلوا رسالة حاسمة إلى العالم: المقاومة الإيرانية، بتكوينها المنظم وشرعيتها ودعمها الشعبي الواسع، هي البديل الديمقراطي الوحيد لنظام الملالي الديكتاتوري.
روعة الوحدة وتنوع الإنسانية
كانت المظاهرة عرضًا مبهرًا لوحدة الأجيال. من الرواد الذين قاوموا على مدى عقود ضد ديكتاتوريتي الشاه والملالي، إلى الشباب الذين وُلدوا في المنفى لكن قلوبهم تنبض من أجل إيران، كلهم حضروا في هذه الساحة. رايات إيران الثلاثية الألوان، الشعارات القوية، والأناشيد الحرية، خلقت أجواء مشحونة بالغضب ضد قمع النظام والأمل بمستقبل حر. هذا المشهد، الذي غطته وسائل إعلام دولية مثل رويترز وأسوشيتد برس، كان بمثابة استفتاء حي في قلب أوروبا، عبر عن رغبة الشعب الإيراني في التغيير الديمقراطي.
خطاب مريم رجوي: خارطة طريق الحرية
في قلب الحدث، كان خطاب السيدة مريم رجوي، رئيسة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية المُنتخبة. وأشارت في خطابها إلى ستين عامًا من النضال المتواصل لمنظمة مجاهدي خلق، مؤكدة على صمود هذه الحركة في مواجهة أشرس الديكتاتوريات. وقدمت رجوي “الحل الثالث” – لا العودة إلى ديكتاتورية الشاه ولا استمرار نظام الملالي، بل التغيير الديمقراطي بأيدي الشعب والمقاومة المنظمة – وكشفت عن إفلاس سياسة المهادنة الغربية. ووصفت “الوحدات الثورية” بأنها القوة الدافعة للانتفاضة، مؤكدة أن هذه القوى أشعلت شعلة الحرية في جميع أنحاء إيران وسوف تجبر النظام على الركوع.
الدعم الدولي: استيقاظ الضمير العالمي
أضاف حضور شخصيات دولية بارزة، مثل مايك بنس، نائب الرئيس الأمريكي السابق، وشخصيات أوروبية مثل غاي فيرهوفستات، رئيس وزراء بلجيكا السابق، وجون بيركو، رئيس البرلمان البريطاني السابق، زخمًا استراتيجيًا للمظاهرة. وأكد بنس أن “أكبر تهديد للنظام هو الشعب الإيراني ومقاومته المنظمة”، مما عزز شرعية المقاومة على المستوى العالمي. وانتقد فيرهوفستات وبيركو سياسة المهادنة بشدة، مطالبين بإجراءات حاسمة: إدراج الحرس الثوري في قائمة المنظمات الإرهابية، تشديد العقوبات على النظام، والاعتراف بالمجلس الوطني للمقاومة كشريك سياسي شرعي.
رسالة عالمية: إيران حرة، ضمان للسلام الإقليمي
أظهر هذا التجمع أن النضال من أجل حرية إيران يتجاوز كونه قضية داخلية، بل هو تحدٍ عالمي ذو أبعاد إنسانية عميقة. حضور الإيرانيين وأنصارهم الدوليين على نطاق واسع، بما في ذلك باتريك كينيدي الذي أعلن تضامنه قائلاً “أنا إيراني”، حمل رسالة واضحة: المقاومة الإيرانية، بستين عامًا من التضحية، والقيادة الحكيمة، والدعم الشعبي، هي البديل الديمقراطي الوحيد للنظام الحالي. هذا الحدث لم يعمق عزلة نظام الملالي السياسية فحسب، بل أظهر للعالم أن إيران الحرة ستكون ضمانًا للسلام والاستقرار في المنطقة والعالم.
الآثار الدائمة
كانت مظاهرة بروكسل نقطة تحول في النضال من أجل حرية إيران. هذا الحدث، بعرضه لقوة المقاومة المنظمة وجذبه لدعم دولي واسع، وضع نظام إيران تحت ضغط غير مسبوق. الرسالة التي صدحت في قلب أوروبا في هذا اليوم التاريخي كانت: مستقبل إيران ليس بأيدي الديكتاتوريين، بل بإرادة الشعب ومقاومته المنظمة. هذه المظاهرة، كصرخة عالمية من أجل الحرية، ستبقى خالدة في تاريخ نضال الشعب الإيراني.
د. سامي خاطر أكاديمي وأستاذ جامعي


