الاتحاد من أجل الحرية والديمقراطية والمساواة​

من السقوط الحر للدولار إلى قتل الأطفال: إيران تحت وطأة "الفساد المنهجي والنهب المنظم" انهيار متعدد الأبعاد في إيران: من الموت الصامت على موائد الفقراء إلى تدمير البيئة والقمع البنيوي طهران – خاص: تشهد إيران هذه الأيام تقاطع عدة أزمات مدمرة، بدأت بالانهيار الاقتصادي الكلي ووصلت إلى أصغر تفاصيل حياة المواطنين، بما في ذلك التغذية والصحة

من السقوط الحر للدولار إلى قتل الأطفال: إيران تحت وطأة “الفساد المنهجي والنهب المنظم”

من السقوط الحر للدولار إلى قتل الأطفال: إيران تحت وطأة “الفساد المنهجي والنهب المنظم”

انهيار متعدد الأبعاد في إيران: من الموت الصامت على موائد الفقراء إلى تدمير البيئة والقمع البنيوي

طهران – خاص: تشهد إيران هذه الأيام تقاطع عدة أزمات مدمرة، بدأت بالانهيار الاقتصادي الكلي ووصلت إلى أصغر تفاصيل حياة المواطنين، بما في ذلك التغذية والصحة. وتُظهر التقارير الميدانية واعترافات المؤسسات الداخلية أن البلاد على حافة كارثة متعددة الأوجه، تعود جذورها إلى الفساد المؤسساتي، وسوء الإدارة، واللامبالاة المنهجية تجاه الشعب.

الاقتصاد في سقوط حر: الدولار يتخطى 100 ألف تومان، والبورصة في انحدار

الواقع الاقتصادي المرير في إيران يتجاوز الإحصائيات الرسمية. تُظهر التقارير أن قيمة العملة الوطنية في حالة سقوط حر، مع ارتفاع يومي في أسعار الحوالات. وعبّر مواطنون في سوق طهران عن يأسهم قائلين: “مع بلوغ الدولار 107 آلاف تومان، نحن نعيش فقط، ولا نحيا”.

وفي غضون ذلك، شهدت بورصة طهران أيامًا سوداء، حيث هبطت 31 ألف وحدة في يوم واحد، مما دفع المساهمين الغاضبين إلى الاحتجاج، متهمين “المدبرين الخفيين” بالتحكم في السوق ومنددين بوعود المسؤولين الكاذبة. وتفاقم الارتفاع الجامح للأسعار بحيث لم يعد دخل المواطنين يتناسب مع نفقاتهم، وأصبحت السلع الأساسية تباع بأسعار متعددة.

الموائد الفارغة و”الموت الصامت” بسبب الفقر الغذائي

وصل التأثير المباشر لهذا الانهيار الاقتصادي على صحة المواطنين إلى حد اعتراف السلطات الحكومية نفسها. فقد أعلنت وزارة الصحة أن أكثر من 120 ألف شخص في البلاد يلقون حتفهم سنويًا بسبب سوء التغذية. وتشير هذه الإحصائية المأساوية إلى أن ما يقرب من ثلث الوفيات السنوية في إيران يرتبط بشكل مباشر بـ المشاكل الغذائية والفقر المادي.

وبحسب المدير العام لمكتب تحسين التغذية في وزارة الصحة، فإن 35% من وفيات البلاد مرتبطة بسوء التغذية، ويحدث هذا بسبب الزيادة الجنونية في أسعار المواد الغذائية، وانخفاض القوة الشرائية، وحذف البروتينات والعناصر الغذائية الأساسية من سلة غذاء ملايين العائلات. ففي بلد أصبحت فيه سلع مثل الخبز والأرز نوعًا من الرفاهية لبعض الشرائح، يصبح الفقر هو المسبب الرئيسي للمرض والموت.

أزمة البيئة: من نهب المناجم إلى تشييد الأبراج

لم تقتصر الأزمات على الجانبين الاقتصادي والمعيشي. ففي شيراز، اعتصم أصحاب البساتين في قصر دشت أمام مجلس المدينة احتجاجًا على تجفيف قنوات الري وإهمال الأشجار، بينما تفتح البلدية الطريق أمام تغيير استخدام الأراضي وبناء الأبراج بدلًا من الحفاظ على البساتين.

وفي حادثة أخرى، تصاعدت الاشتباكات في قرية أنديرجان بـ ورزقان. وأصابت قوات الوحدات الخاصة عدة أشخاص بالرصاص المطاطي والضرب بعد احتجاجهم على تدمير البيئة وتلوث منجم الذهب الذي تديره شركة روسية، مما يؤكد إعطاء الأولوية لمصالح المنتفعين الأجانب على حساب سلامة البيئة وحياة السكان.

الفساد الهيكلي والقمع العنيف

بينما يواجه الشعب تحديات مميتة في حياته، تستمر دوامة الفساد المؤسساتي والقمع العنيف:

  • فضح مسؤول سابق: أُقيل المدير السابق لاتحاد مربي الماشية بعد انتقاده لوزير الزراعة وكشفه عن استيراد لحوم ملوثة وفراغ المخازن الاستراتيجية.
  • قتل وإفلات من العقاب: في حادثة مروعة، قُتل الطفل ذو الفقار شريفي (7 سنوات) في خوزستان برصاص قوات الأمن وأُصيبت أخته، بينما تتعرض عائلته لضغوط أمنية لالتزام الصمت.
  • إرهاب وإخلال بالقانون: في أصفهان، أدى اقتحام عناصر الباسيج لشباب في حديقة محلية إلى إطلاق النار على ركبة شاب وإصابته، مما يعكس موجة من الفوضى وبث الخوف في المدن الإيرانية.

النظام الصحي على وشك الانهيار الإنساني

كما وصلت الأزمة في قطاع الصحة إلى ذروتها بسبب سوء الإدارة ونقص الموارد. يعاني الممرضون والممرضات في البلاد من الإرهاق الجسدي والنفسي، وظاهرة كاروشي” (الموت بسبب الإفراط في العمل)، والأجور المتدنية. وتشير التقارير إلى أن 2500 ممرض يهاجرون سنويًا، وهذا النزيف البشري يهدد النظام الصحي بالانهيار الكامل.

هذه الأخبار ليست سوى قمة جبل الجليد لأزمة شاملة تضرب إيران. فمن المنجم والمزرعة إلى المصنع والمستشفى، تتكرر حقيقة مريرة واحدة: الريع، والنهب، واللامسؤولية المنهجية. يلفظ الشعب أنفاسه تحت وطأة الغلاء والبطالة وانعدام الثقة، وتعد هذه الاحتجاجات المتفرقة إشارة إلى عاصفة أكبر ستكسر، عاجلًا أم آجلًا، الصمت المفروض.