خبز مغمس بالدم.. مأساة “أحمد بالدي” تشعل غضب الأهواز بوجه قسوة النظام
لم تكن وفاة الشاب أحمد بالدي (20 عاماً) في مستشفى طالقاني بالأهواز، يوم الاثنين 11 نوفمبر 2025، مجرد نهاية مأساوية لحادث فردي، بل كانت إعلاناً صارخاً عن وصول الظلم والفقر في إيران إلى نقطة اللعودة. لقد تحول جسد هذا الطالب الجامعي المحترق إلى وثيقة إدانة ضد نظام ينهب ثروات البلاد النفطية ويحرق أبناءها في آن واحد.
تفاصيل ليلة الرعب: سخرية الجلاد من الضحية
تعود تفاصيل الحادثة إلى فجر الأحد، حين داهمت قوات البلدية مدعومة بالأمن كشكاً صغيراً في حي “زيتون” بالأهواز. هذا الكشك لم يكن مجرد متجر، بل كان شريان الحياة الوحيد لعائلة أحمد المكونة من ستة أفراد، والمرخص منذ 25 عاماً.
وفي مشهد يجسد انحدار الإنسانية لدى أجهزة النظام، عندما صرخ أحمد مهدداً بإحراق نفسه إذا لم يتوقفوا عن هدم مصدر رزق عائلته وإهانة والدته التي رموها أرضاً، لم يرتدع المهاجمون. بل وبمنتهى السادية، عرض عليه أحد العملاء “قداحة” (ولاعة) بأسلوب ساخر، قائلاً: “احرق نفسك لنرى!”.
هذه الجملة القاتلة، التي تلتها النيران وهي تلتهم جسد الشاب، كشفت الطبيعة الحقيقية لقوات القمع التابعة لـ الولي الفقيه: جهاز لا يكتفي بالقتل، بل يتلذذ بمعاناة ضحاياه.
الأهواز: الفقر فوق بحر من النفط
تفتح هذه الحادثة الجرح النازف لمحافظة خوزستان (الأهواز). فبينما تضخ هذه الأرض الذهب الأسود لتمويل حروب النظام وميليشياته ومشروعه النووي الذي كلف “آلاف المليارات من الدولارات”، يُحرم سكانها العرب الأصليون من أبسط مقومات الحياة. إن تدمير كشك صغير لعائلة فقيرة في منطقة تعاني من البطالة والتمييز الممنهج، هو تجسيد لسياسة “الإفقار القسري” التي يمارسها النظام ضد الأقليات والشعوب غير الفارسية في إيران.
رعب النظام من “نوفمبر” جديد
أدرك النظام فوراً خطورة ما حدث. فصورة أحمد المحترق أعادت للأذهان شرارة انتفاضة البوعزيزي في تونس، وذكرى انتفاضة الوقود في نوفمبر 2019 في إيران. ولتدارك الموقف، لجأ النظام إلى استراتيجية مزدوجة:
- تطويق أمني: فرض حصار على المستشفى واعتقال الصحفيين والناشطين الذين حاولوا توثيق الجريمة.
- التهديد القضائي: إصدار بيانات تهديدية ضد أي تحرك احتجاجي، ومحاولة إلصاق تهم “قومية” بالمحتجين لتبرير قمعهم.
النار لن تنطفئ
برحيل أحمد بالدي، أضيف اسم جديد إلى قائمة طويلة من ضحايا القهر الاقتصادي والسياسي في إيران. وكما أكدت السيدة مريم رجوي، فإن هذه النار التي التهمت جسد أحمد “جرحت قلوب الجميع”، لكنها في النهاية ستتحول إلى لهيب يجتث جذور النظام المسؤول عن هذا البؤس. إن رسالة شباب الأهواز اليوم واضحة: لم يعد هناك ما يخسرونه، والنظام الذي يواجه الجياع بالنار، سيكتوي بلهيب غضبهم.


