مؤشرات “الانهيار الاجتماعي“: إيران تشهد احتجاجات واسعة وأزمة معيشية تترافق مع تصاعد حوادث اليأس الذاتي
طهران/الأهواز – 14 نوفمبر 2025:
تتزايد الدلائل في إيران على دخول البلاد في مرحلة أزمة شاملة وغير مسبوقة، تجمع بين الغضب الشعبي العارم جراء الانهيار الاقتصادي المتسارع وتصاعد حوادث اليأس الذاتي، مما يضع المجتمع على حافة “الانفجار الاجتماعي”. وأكدت تقارير محلية ودولية أن سلسلة الأحداث الأخيرة تعكس وصول الأوضاع المعيشية إلى مستويات حرجة.
غضب الأهواز بعد واقعة “أحمد بالدي”
شهدت مدينة الأهواز موجة عارمة من الغضب الشعبي في أعقاب وفاة الشاب أحمد بالدي (20 عاماً)، وهو طالب جامعي أضرم النار في جسده احتجاجاً على قيام البلدية بتدمير متجره العائلي، في حادثة أصبحت رمزاً للاحتجاج على الفساد والضغوط الاقتصادية. وقد تحولت مراسم تشييع الجثمان في قرية حبسة إلى تجمع حاشد، بينما أثارت التسجيلات الصوتية المؤثرة لوالدة بالدي، التي تداولها النشطاء، موجة من التعاطف والغضب العام.
وفي محاولة لاحتواء حالة السخط، قُبلت استقالة رئيس بلدية الأهواز (رضا أميني) وتمت إقالة عدد من المسؤولين الآخرين. إلا أن المطالب الشعبية تجاوزت هذه الإجراءات، حيث طالب المحتجون بضرورة محاكمة المسؤولين المباشرين والمستويات الأعلى في السلطة.
كما تأكدت إصابة رجل الإطفاء شاهو صفري، وهو أب لطفلين من مدينة سنندج، بحروق خطيرة بعد أن أضرم النار في نفسه لنفس الدوافع المرتبطة بالفقر والتمييز، ليؤكد أن حوادث اليأس الذاتي باتت ظاهرة مرتبطة بالظروف المعيشية القاسية.
أزمة اقتصادية خانقة وانهيار الأسعار
تفاقم الوضع الاقتصادي بشكل مأساوي، حيث يشير التضخم الجنوني إلى فقدان الأسر لقدرتها على تأمين الاحتياجات الأساسية:
• قفزات الأرز والعدس: وصل سعر الكيلوغرام من الأرز طارم هاشمي إلى 335 ألف تومان بزيادة تجاوزت 179%، فيما ارتفع سعر العدس من 70 ألف تومان إلى 150 ألف تومان للكيلوغرام.
• المواد الغذائية الأساسية: بلغ سعر شانه البيض 230 ألف تومان، وسعر الدجاج 155 ألف تومان.
• تدهور العملة: شهد سعر الدولار ارتفاعاً حاداً من 23 ألف تومان في عام 2020 إلى نحو 113 ألف تومان حالياً.
• أسعار الذهب: تخطى سعر جرام الذهب عيار 18 حاجز 11,500,000 تومان.
إضرابات العمال والتحذير من “مأساة مُكرَّرة”
شهدت المصانع والمناطق الصناعية احتجاجات عمالية متزايدة تهدد بتدهور الأوضاع، بسبب الفساد الإداري وتأخر صرف الأجور والمستحقات:
• عمال مناجم الذهب: أغلق عمال منجم زرهشوران للذهب مدخل المصنع احتجاجاً على عدم دفع مستحقاتهم الرفاهية ومكافآتهم.
• مصنع قند ممسني: أعلن العمال عن وضعهم الوظيفي المُتدهور وتراكم مستحقاتهم المتأخرة، مطلقين تحذيراً علنياً بأنهم قد يلجؤون إلى “أحداث تشبه ما حدث في الأهواز” إذا لم يتم حل مشكلتهم، مشيرين إلى أن المصنع جرى التنازل عنه بشكل غير سليم ولم يتم دفع الأقساط المترتبة عليه.
كما استمرت احتجاجات ضحايا الغش المالي الذين خسروا مدخراتهم في قضايا فساد كبرى مثل “يونيك فاينانس” و”جولدن أربيتراژ”، متهمين السلطات بالتستر على المسؤولين. وهتف المتضررون في قزوين: “لسنا ضحايا، بل منهوبون!”
هبوط البورصة وغياب الثقة
انخفضت ثقة المستثمرين بشكل كبير في سوق الأوراق المالية. ورغم الارتفاع الاسمي لمؤشر البورصة، فإن قيمته الفعلية انخفضت بشكل كبير بسبب التضخم الهائل الذي تجاوز ارتفاع المؤشر، مما يعني أن البورصة فشلت في الحفاظ على قيمة مدخرات المستثمرين. يحذر الخبراء من أن استمرار هذه السياسات يهدد بخسارة المستثمرين الحقيقيين لأصولهم.
انعكاس الأزمة على الرياضة
وصلت تداعيات الأزمة إلى القطاع الرياضي، حيث أظهرت الإحصائيات تراجع مستوى الأندية، وتحديداً نادي تراکتور الذي وصل ترتيبه إلى 264 عالمياً. ويعاني الأبطال الرياضيون من تدني الأجور ويضطرون لتأمين نفقات تدريبهم، في تناقض صارخ مع المكافآت “المليارية” التي يتلقاها بعض المدراء.
وتؤكد هذه الأحداث، التي تتراوح بين احتجاجات الممرضين في مشهد للمطالبة بظروف معيشية أفضل، وتصاعد كتابات الغضب الشعبية على الجدران التي تنتقد سوء الإدارة والفساد، أن المجتمع الإيراني يعيش تحت وطأة ضغوط معيشية خانقة وخطر انفجار اجتماعي وشيك.


