الاتحاد من أجل الحرية والديمقراطية والمساواة​

خاصية جديدة في "إكس" تفضح المستور في إيران: "إنترنت أبيض" للنخبة الحاكمة وجيوش إلكترونية للنظام تتقمص دور المعارضة أشعلت خاصية جديدة أطلقتها منصة "إكس" (تويتر سابقاً)، تتيح عرض الموقع الجغرافي لتسجيل الدخول وتفاصيل الوصول للحسابات، موجة من الجدل والفضح في الفضاء الرقمي الإيراني.

خاصية جديدة في “إكس” تفضح المستور في إيران: “إنترنت أبيض” للنخبة الحاكمة وجيوش إلكترونية للنظام تتقمص دور المعارضة

خاصية جديدة في “إكس” تفضح المستور في إيران: “إنترنت أبيض” للنخبة الحاكمة وجيوش إلكترونية للنظام تتقمص دور المعارضة

أشعلت خاصية جديدة أطلقتها منصة “إكس” (تويتر سابقاً)، تتيح عرض الموقع الجغرافي لتسجيل الدخول وتفاصيل الوصول للحسابات، موجة من الجدل والفضح في الفضاء الرقمي الإيراني. فبمجرد أن بدأ المستخدمون الإيرانيون في فحص قسم “نبذة عن هذا الحساب” الذي أصبح مرئياً للعامة، تكشفت أمامهم حقائق صادمة تفضح ازدواجية المعايير لدى النظام الإيراني، وتزيح الستار عن عمليات تلاعب سياسي منظمة.

وقد قادت هذه الاكتشافات إلى تعرية واقعين متفجرين: الأول، تمتع شخصيات مرتبطة بالنظام بامتياز حصري للوصول إلى إنترنت غير خاضع للرقابة داخل إيران، والثاني، وجود عشرات الحسابات السياسية المنسقة التي تتظاهر بأنها معارضة (الشاه أو مؤيدة لرضا بهلوي) بينما هي في الواقع تدار من داخل البلاد.

“الإنترنت الأبيض”: رفاهية للنظام وحصار للشعب

في الأيام الأخيرة، تداول المستخدمون لقطات شاشة تظهر شخصيات سياسية وحكومية وإعلامية موالية للمؤسسة الحاكمة في إيران وهي تصل إلى منصة “إكس” من داخل البلاد دون الحاجة لبرامج تجاوز الحجب (VPN)، في الوقت الذي يرزح فيه المواطنون العاديون تحت طبقات سميكة من الرقابة والحجب. وقد عززت هذه النتائج الاتهامات القديمة بوجود “طبقة امتيازات رقمية” مخصصة للمرضي عنهم من قبل السلطات.

وبرز مصطلح “الإنترنت الأبيض” (#اینترنت_سفید) في الخطاب العام لوصف هذا النظام من الاتصال غير المقيد. ووفقاً للمدافعين عن الحقوق الرقمية، يمثل هذا النظام “نسخة طبقية” من الإنترنت في إيران، تمنح وصولاً نخبوياً لمؤسسات وأفراد مختارين، بينما يبقى عامة الشعب محاصرين خلف شبكة خاضعة للرقابة والمراقبة المشددة. ويجادل النقاد بأن هذا النظام مزدوج المستويات قد خلق عدم مساواة هيكلية عميقة في الوصول إلى المعلومات وحرية التعبير.

وسرعان ما وُضع العديد من الصحفيين الحكوميين، والمديرين الحكوميين، وحتى الشخصيات الانتخابية تحت المجهر. وشارك المستخدمون أدلة تثبت أنه على الرغم من الادعاءات الرسمية المتكررة بمعارضة الرقابة، فإن هؤلاء الأفراد يتصفحون وينشرون بحرية على “إكس”. وقد وصف العديد من المستخدمين هذا الاكتشاف بأنه انعكاس واقعي لرواية “مزروعة الحيوان” لجورج أورويل: “جميع الحيوانات متساوية، لكن بعض الحيوانات أكثر مساواة من غيرها”.

واعتبر معلقون أن الوعود الانتخابية لشخصيات مثل رئيس النظام، مسعود بزشكيان، برفع الحجب تبدو جوفاء عندما يستفيد مطلقو هذه الوعود أنفسهم من الوصول غير المقيد. ووصف آخرون الوضع بأنه شكل من أشكال “الفصل العنصري الرقمي”، مصرين على أن المجتمع المحروم من الوصول المتساوي للمعلومات لا يمكنه أن يعمل بحرية أو عدالة.

سقوط الأقنعة: “ذباب إلكتروني” في طهران بزي معارضين

إلى جانب الجدل حول “الإنترنت الأبيض”، اكتسب بعد آخر للفضيحة زخماً كبيراً: الكشف عن مئات الحسابات المنسقة سياسياً على “إكس” والتي تظاهرت طويلاً بأنها لنشطاء ملكيين أو مؤيدين لرضا بهلوي يقيمون في أوروبا أو الولايات المتحدة.

بعد تفعيل خاصية الموقع، اكتشف المستخدمون أن العديد من هذه الحسابات تسجل الدخول من داخل إيران. وعند مواجهتهم، سارع الكثيرون إلى تغيير إعداداتهم لإخفاء الدولة، لكن لقطات الشاشة للأدلة الأولية كانت قد انتشرت بالفعل. وجادل المستخدمون بأن هذه النتائج تكشف عن مدى تنظيم الترويج الإلكتروني لرضا بهلوي من قبل “مقر عمار السيبراني” التابع لحرس النظام في طهران.

ويؤكد نشطاء رقميون أن سلوك هذه الحسابات يطابق المؤشرات الكلاسيكية لـ “مزارع الذباب الإلكتروني” السياسي: منشورات متزامنة تدفع برسائل متطابقة، استخدام متزامن للهاشتاغات، هجمات منسقة على المنتقدين، وحملات بلاغات لإسكات الأصوات المستقلة. والمثير للدهشة أن بعض هذه الحسابات، رغم تقديم نفسها كمؤيدة لرضا بهلوي، كانت تستهدف مجموعات معارضة أخرى للنظام بلغة بذيئة ودعاية عدوانية، في محاولة واضحة لزرع الشقاق وتشويه صورة المعارضة الحقيقية.

وتأتي هذه الاكتشافات لتضيف مصداقية لتقارير سابقة من جهات مثل “سيتزن لاب” (Citizen Lab) وغيرها، وثقت وجود شبكات سيبرانية منظمة تعمل للتأثير على الخطاب السياسي.

تعميق فجوة الثقة

لم تقتصر الفضيحة على الحسابات المجهولة، بل طالت شخصيات عامة مثل الإعلامي رضا رشيدبور، الذي أظهر حسابه نشاطاً من “إيران بدون VPN”.

إن الخاصية الجديدة في “إكس” لم تفضح الامتيازات الخفية والعمليات الإلكترونية المنسقة فحسب، بل عمقت أيضاً شكوك الجمهور حول تلاعب الدولة بالفضاءات الرقمية. ومع تدقيق المزيد من المستخدمين في بيانات الحسابات، يصبح من المستحيل على النظام إخفاء الفجوة الشاسعة بين المواطنين العاديين الذين يئنون تحت وطأة الرقابة، وبين أولئك المحميين بامتيازات الوصول النخبوي.