موجة احتجاجات عارمة تجتاح المدن الإيرانية للمطالبة بتحسين الأوضاع المعيشية والاقتصادية
طهران – اهتزت مدن إيرانية عدة، الأحد 14 ديسمبر 2025، على وقع سلسلة واسعة ومتزامنة من التجمعات الاحتجاجية والإضرابات التي شملت مختلف الفئات المجتمعية، من المتقاعدين والعمال إلى أصحاب المهن الحرة، مطالبين بوضع حد لتدهور الأوضاع المعيشية واللامبالاة الحكومية إزاء حقوقهم. وتؤكد هذه التحركات استمرار حالة الغليان الاجتماعي في البلاد نتيجة للأزمات الاقتصادية المتراكمة.
تصاعد غضب المتقاعدين في العاصمة والأقاليم
شهدت عدة مدن إيرانية، بما في ذلك طهران، والأهواز، وكرمانشاه، وشوش، وأصفهان، تجمعات حاشدة للمتقاعدين، مع تركيز خاص على مطالب متقاعدي التأمينات الاجتماعية ومتقاعدي قطاع الفولاذ.
ففي الأهواز وكرمانشاه وشوش وطهران، خرج متقاعدو التأمينات الاجتماعية في احتجاجات واسعة يوم الأحد 14 ديسمبر، معبرين عن استيائهم العميق من عدم تناسب المعاشات التقاعدية مع معدلات التضخم الجامح وارتفاع تكاليف المعيشة. ويطالب المتظاهرون بزيادات فورية في المعاشات تضمن لهم حياة كريمة بعد سنوات الخدمة.
وفي السياق ذاته، نظم متقاعدو شركة الصلب تجمعاً احتجاجياً في أصفهان، مطالبين بصرف مستحقاتهم المتأخرة وتحسين الخدمات التأمينية والصحية التي تدهورت بشكل ملحوظ. وتأتي هذه الاحتجاجات ضمن سلسلة طويلة من التحركات التي تنظمها هذه الفئة بسبب الوعود الحكومية التي لم يتم الوفاء بها.
أزمة الخبز تضرب الأهواز وخميني شهر
انضمت فئة الخبازين إلى موجة الاحتجاجات، حيث شهدت كل من خمينيشهر والأهواز تجمعات احتجاجية لعمال المخابز. وجاءت هذه الاحتجاجات بشكل أساسي اعتراضاً على تقليص حصة الدقيق المدعومة من قبل الحكومة، الأمر الذي يهدد استمرارية عملهم ويدفعهم نحو الإفلاس، ويزيد من احتمالية ارتفاع سعر الخبز، وهو ما يمس الأمن الغذائي للمواطنين مباشرة.
استمرار الإضرابات العمالية وتفاقم ملف الفصل التعسفي
لم تقتصر التحركات على المتقاعدين والخبازين، بل شملت قطاعات عمالية حيوية تعاني من مشاكل تتعلق بالفصل الجماعي والتأخر في دفع الرواتب:
• تكاب: نظم عمال وموظفو منجم زرهشوران للذهب تجمعاً احتجاجياً، مطالبين بتحسين ظروف العمل والمطالبة بضمانات وظيفية.
• زنجان: شهدت المدينة تجمعاً لـالعمال المفصولين من مصنع محولات الكهرباء (ترانسفورمات) كوشكن، حيث يحتج العمال على قرار فصلهم التعسفي ويطالبون بالعودة إلى العمل.
• خراسان الجنوبية: احتج عمال مصنع الحديد الزهر (المسبوكات) خوسف، مطالبين بصرف رواتبهم المتأخرة وتحسين وضع المصنع.
• فارس: استمر إضراب عمال فولاذ سبيكة باسارغاد، مؤكدين على مطالبهم المتعلقة بظروف العمل والأجور المتأخرة.
احتجاجات القطاع التعليمي والطلاب
بالإضافة إلى التحركات الاقتصادية والعمالية، شهدت طهران احتجاجين مرتبطين بقطاع التعليم والخدمات:
• طهران (المتطوعون): تجمّع المتطوعون (أو المتقدمون) للعمل في وزارة التعليم والتربية احتجاجاً على عدم تثبيت وظائفهم والمماطلة في إنهاء ملف توظيفهم.
• طهران (الطلاب): في تطور سابق بيوم، وتحديداً يوم السبت 13 ديسمبر، احتج طلاب السكن الجامعي على الارتفاع الجنوني في الأسعار وعدم اهتمام الإدارة بتحسين الخدمات الرفاهية والسكنية المقدمة لهم.
خلاصة المشهد
تُظهر هذه الاحتجاجات المتزامنة والواسعة النطاق في أكثر من عشر مدن إيرانية عمق الأزمة الاجتماعية والاقتصادية التي تعصف بالبلاد. وتؤكد المطالب الموحدة للفئات المختلفة أن الغضب الشعبي لم يعد مقتصراً على فئة محددة، بل أصبح ظاهرة عامة ناجمة عن التضخم المرتفع، والبطالة المتفاقمة، وتدهور قيمة العملة، وسوء إدارة الموارد الحكومية، مما يضع الحكومة أمام تحدٍ كبير يتطلب حلولاً جذرية بدلاً من الاكتفاء بالوعود.

