الاتحاد من أجل الحرية والديمقراطية والمساواة​

ثروات ضخمة في مواجهة الأزمة المعيشية.. هل "تنقص" أم "تُنفق" الأموال الإيرانية في أماكن أخرى؟ طهران – تصاعد الجدل السياسي والاقتصادي في إيران

ثروات ضخمة في مواجهة الأزمة المعيشية.. هل “تنقص” أم “تُنفق” الأموال الإيرانية في أماكن أخرى؟

ثروات ضخمة في مواجهة الأزمة المعيشية.. هل “تنقص” أم “تُنفق” الأموال الإيرانية في أماكن أخرى؟
طهران – تصاعد الجدل السياسي والاقتصادي في إيران حول حقيقة الوضع المالي للحكومة، خاصة مع استمرار تدهور الأوضاع المعيشية للمواطنين. وفي الوقت الذي يشتكي فيه المسؤولون، مثل مسعود بزشكيان، باستمرار من نقص الأموال وارتفاع العجز في الميزانية، تشير التقارير والأرقام الرسمية وغير الرسمية إلى تدفقات نقدية هائلة من إيرادات النفط والغاز والقطاعات الصناعية الكبرى، مما يثير تساؤلات جدية حول مصير هذه الثروات الوطنية وما إذا كانت تُنفق في مسارات غير معلنة.

تساؤلات حول حقيقة “نقص الأموال”
لطالما كان العجز في الميزانية وشكوى المسؤولين من “عدم وجود المال الكافي” سمة ملازمة للخطاب الحكومي في السنوات الأخيرة. فالمسؤولون، ومن ضمنهم بزشكيان، لا يفوتون أي فرصة للحديث عن نقص السيولة وارتفاع مستوى العجز في الميزانية، في تناقض صارخ مع الأرقام المعلنة لأهم مصادر الدخل القومي. هذا التناقض يدفع إلى التساؤل: هل استُنزفت الثروات الوطنية الإيرانية حقاً، أم أن القصة تتعلق بأولويات إنفاق مختلفة يتم تجاهلها أمام الرأي العام؟

تدفقات نقدية غير معلنة: إيرادات بمليارات الدولارات
تكشف البيانات الاقتصادية عن مستويات هائلة من الإيرادات القادمة من قطاعات رئيسية لا تتفق أبداً مع حالة العجز التي يتم الإعلان عنها:

البترول والغاز (الدولار الأسود)
الإيرادات النفطية القياسية: وفقاً لإعلان منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، تجاوزت صادرات إيران النفطية خلال العام الماضي 46 مليار دولار أمريكي. هذا الرقم يمثل تدفقاً نقدياً ضخماً يمكن أن يساهم في سد الفجوات التنموية والمعيشية.

ثروة الغاز المهدورة: تقدر قيمة الغاز الذي سيتم تجميعه في حقول النفط والغاز حتى نهاية العام الإيراني الجاري (مارس 2026) بنحو 5 مليارات دولار سنوياً. هذا المورد الطبيعي يشكل مصدراً ثابتاً وكبيراً للدخل.

القطاع الصناعي والبتروكيماويات
صناعة الفولاذ: حققت شركة فولاذ مباركة أصفهان لوحدها إيرادات بلغت 276 ألف مليار تومان خلال السنة المالية الإيرانية الماضية . هذا الأداء المالي المرتفع لشركة واحدة يعكس قوة إنتاجية كامنة.

طفرة البتروكيماويات: تجاوزت إيرادات قطاع البتروكيماويات في عام 2022 حاجز 26 مليار دولار أمريكي. علاوة على ذلك، أعلن وزير النفط ومركز الأبحاث التابع لبرلمان النظام في تقريرهما لعام 2023 أن القيمة الإجمالية لإنتاج البتروكيماويات الإيرانية ستصل إلى 37 مليار دولار أمريكي بحلول نهاية عام 1404 الإيراني (مارس 2026)

الضرائب والجمارك والسيولة المطبوعة
قفزة الضرائب والجمارك: تشير الأرقام الحكومية إلى أن إجمالي إيرادات الضرائب والجمارك قُدر بـ 2446 ألف مليار تومان، مسجلاً نمواً بنسبة 49% مقارنة بالعام السابق، وفقاً لما نشرته صحيفة “دُنیاي اقتصاد” الحكومية في 4 اكتوبر2025. هذا النمو يدل على ضخامة الإيرادات المستحصلة مباشرة من المواطنين والشركات.

آلية جلب الأموال غير المباشرة: تضاف إلى الإيرادات المباشرة، مبالغ هائلة يتم تداولها عبر طباعة يومية للعملة تقدر بـ 6 آلاف مليار تومان، بالإضافة إلى الإيرادات المتأتية من المخالفات المرورية، وإلغاء دعم عشرات الفئات من المواطنين، ورفع أسعار المواد الغذائية، والوقود، وأسعار تذاكر المترو والنقل الحضري، وزيادات أسعار الخبز والكهرباء والماء والغاز المنزلي.

نتائج مفادها: ثروة ضائعة أم سوء إدارة؟
بإضافة الأرباح التي تحققها الحكومة من تقلبات أسعار العملات الأجنبية والذهب والفوائد الناجمة عن بيع الأوراق المالية، يتضح أن البلاد ليست فقيرة أو “نفدت أموالها” كما يزعم بعض المسؤولين. هذه الأرقام الضخمة تكشف عن بلد غني بالموارد والدخل. السؤال الحقيقي الذي يطرحه الشارع الإيراني والمحللون الآن هو: أين تذهب هذه الثروة الهائلة؟

وتشير التكهنات والتحليلات المستقلة إلى أن هذه الموارد الضخمة تُستخدم في مشاريع لا تعود بالنفع المباشر على المواطن، مثل تمويل المغامرات الإقليمية، ودعم الميليشيات خارج الحدود، والإنفاق على المؤسسات غير الخاضعة للمساءلة، بدلاً من تخصيصها لمكافحة الفقر وتحسين مستوى المعيشة الذي يتدهور يوماً بعد يوم. ومن المتوقع أن تتناول التقارير اللاحقة تفاصيل “كيف وأين يتم تبديد” هذه الثروات الضخمة.