مؤتمر بروكسل في يوم حقوق الإنسان: دعوة أوروبية حاسمة لإنهاء الإعدامات في إيران ودعم بديل ديمقراطي
بروكسل، بلجيكا –شهد البرلمان الأوروبي في بروكسل يوم الأربعاء، 10 ديسمبر 2025، بالتزامن مع اليوم العالمي لحقوق الإنسان، مؤتمر رفيع المستوى خصص لمناقشة الأزمة المتفاقمة لحقوق الإنسان في إيران، ومواجهة تصاعد حملة الإعدامات والقمع الممنهج، مع التأكيد على ضرورة دعم بديل ديمقراطي. وقد منح التوقيت الرمزي هذا الاجتماع بُعداً أخلاقياً واستراتيجياً، محولاً إياه إلى منبر عابر للأحزاب لوضع قضية إيران في صميم الاهتمام الأوروبي.
تصاعد الإعدامات: مؤشر على أزمة نظامية
كشف المؤتمر عن أرقام صادمة، حيث تم إعدام أكثر من 330 شخصًا في إيران خلال شهر نوفمبر 2025 وحده، ليصل العدد الإجمالي للإعدامات هذا العام إلى نحو 1800 حالة. هذه الإحصائيات لم تُدن فقط كانتهاكات صارخة لحقوق الإنسان، بل اعتُبرت أيضًا مؤشرًا على دخول النظام الإيراني مرحلة من الأزمة الهيكلية والخوف من الانهيار الداخلي، مما يضفي أهمية مضاعفة على قمة بروكسل.
خطاب مريم رجوي: دعوة للاعتراف بحق الشعب في التغيير
شكل خطاب السيدة مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، النقطة المحورية في هذا المؤتمر. خاطبت رجوي البرلمان الأوروبي بوصفه “بيت الديمقراطية للشعوب الأوروبية”، ودعت المجتمع الدولي إلى الاعتراف بحق الشعب الإيراني في إسقاط الاستبداد الديني، استناداً إلى مبادئ القانون الدولي وحق تقرير المصير.
وأبرزت السيدة رجوي ثلاثة محاور أساسية لتلاقي الشعب الإيراني:
- ضرورة تغيير النظام على يد الشعب والمقاومة المنظمة، دون أي تدخل عسكري أجنبي.
- الفصل الحاسم عن كلا شكلي الاستبداد: ديكتاتورية الشاه و ديكتاتورية الملالي.
- فصل الدين عن الدولة كشرط أساسي للديمقراطية المستدامة.
وقد استعرضت مشروعها المكون من عشر نقاط لمستقبل إيران، والذي يهدف إلى إقامة جمهورية ديمقراطية، مبنية على فصل الدين عن الدولة، غير نووية، وقائمة على المساواة بين الجنسين، مع التركيز على إلغاء عقوبة الإعدام واستقلال القضاء والالتزام بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
تحذير من تكرار جرائم الثمانينات ومطالبة دولية
حذر المؤتمر من موجة الإعدامات غير المسبوقة وخطر تكرار جرائم مماثلة لمذبحة السجناء السياسيين في عام 1988، مؤكدا أن هذه الإعدامات ليست علامة على القوة، بل انعكاس لضعف النظام وخوفه من انتشار المقاومة المنظمة. وطالب المؤتمر بإحالة ملف جرائم النظام الإيراني إلى مجلس الأمن الدولي، والاعتراف بمذبحة عام 1988 كجريمة ضد الإنسانية، في خطوة تعكس انتقالاً نحو آليات قانونية وقضائية دولية ملزمة.
دور المرأة والمقاومة المنظمة كبديل سياسي
أكد مؤتمر بروكسل بشكل خاص على الدور الرائد للمرأة في المقاومة الإيرانية، معتبرا أن قيادتهن في بنية المقاومة، خاصة في منظمة مجاهدي خلق، يشكل تحديًا مباشرًا للأيديولوجية المعادية للمرأة التي يتبناها النظام. كما أشارت التقارير المقدمة حول نشاط “وحدات المقاومة” إلى مستوى من التنظيم والاستمرارية يختلف جوهريًا عن أنماط الاحتجاجات المتفرقة، مما يؤكد أن المقاومة المنظمة ليست ظاهرة عابرة، بل بديلًا سياسيًا قادرًا على إحداث التغيير.
المطالبة بتصنيف حرس النظام الإیراني كمنظمة إرهابية
في تحول لافت في السياسة الأوروبية، أجمع المؤتمر على فشل سياسة المهادنة التي يتبعها الاتحاد الأوروبي تجاه “الفاشية الدينية” في إيران. وطالبت بوضع حرس النظام الإيراني على قائمة المنظمات الإرهابية للاتحاد الأوروبي، كخطوة ضرورية لمواءمة السياسة الخارجية الأوروبية مع قيمها المعلنة، مما سيكون له تداعيات عملية مهمة في مجالات العقوبات والملاحقة القضائية وتضييق شبكات نفوذ النظام.
قمة بروكسل: نقطة تحول استراتيجية
أضفى حضور رؤساء الوزراء ووزراء الخارجية السابقين ونواب بارزين في البرلمان الأوروبي، ثقلًا سياسيًا خاصًا على القمة. وقد وصف المتحدثون النظام الإيراني بأنه حكومة على وشك الانهيار، مؤكدين على حتمية التغيير. وشكل الدعم الواضح للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية ومشروع “الحل الثالث” لمريم رجوي (لا حرب، لا مهادنة، بل تغيير ديمقراطي على يد الشعب) خيارًا واقعيًا وأخلاقيًا.
يمكن اعتبار مؤتمر البرلمان الأوروبي في اليوم العالمي لحقوق الإنسان 2025 نقطة تحول في مقاربة الاتحاد الأوروبي تجاه إيران. لقد أظهر هذا الاجتماع، بربطه قضية حقوق الإنسان بالأمن الإقليمي والعالمي، أن دعم الشعب الإيراني ومقاومته المنظمة هو ضرورة استراتيجية للسلام والاستقرار الدوليين. الرسالة كانت واضحة: مستقبل إيران لن يتشكل باستمرار الاستبداد، بل بإقامة جمهورية حرة وديمقراطية وعلمانية.

