تفاقم التلوث البيئي في إيران
تشهد إيران، وتحديداً في ديسمبر 2025، تفاقماً خطيراً في التلوث البيئي نتيجة لجوء السلطات إلى حرق المازوت (زيت الوقود الثقيل) في محطات الطاقة.
هذا التلوث يؤثر بشكل مباشر على صحة المواطنين، حيث تُشير تقارير وزارة الصحة إلى وفاة حوالي 59 ألف إيراني سنوياً بسبب تلوث الهواء، ويعترف مسؤولون بأن حرق المازوت هو السبب الرئيسي.
خطورة المازوت: يُعرّف المازوت بأنه مادة سامة ومهلكة، وحرقه يزيد بشكل كبير من مخاطر الإصابة بالسرطان. وهو أثقل مشتقات النفط وأكثرها تلويثاً، محملاً بالكبريت والمعادن الثقيلة والسخام والمركبات المسرطنة. ويُذكر أن تركيز الكبريت في المازوت الإيراني يتجاوز المعايير العالمية بسبعة إلى ثمانية أضعاف.
تناقضات رسمية: رغم نفي بعض المسؤولين في قطاع الطاقة حرق المازوت (مثل ادعاء فروغی بعدم حرقه في طهران منذ 10 سنوات)، سرعان ما دحضت مصادر حكومية أخرى هذه الادعاءات، معترفة بزيادة هائلة في استهلاكه (138% في النصف الأول من ديسمبر، من 37 مليون لتر إلى 88 مليون لتر)، ووصول الاستهلاك اليومي إلى أكثر من 21 مليون لتر.
السبب الجذري: ضعف البنية التحتية وسوء تخصيص الموارد: على الرغم من امتلاك إيران لثاني أكبر احتياطيات غاز في العالم، إلا أنها تعاني من عجز حاد في الكهرباء والغاز بسبب تدهور البنية التحتية للطاقة. يُقدر العجز بـ 16 ألف ميجاوات، ويتطلب معالجته استثماراً لا يقل عن 20 مليار دولار.
أولويات الإنفاق: تمتلك السلطات الموارد المالية، لكنها لا تخصصها لتطوير البنية التحتية للطاقة، بل تُوجهها نحو المشاريع النووية والصاروخية ودعم الوكلاء، بالإضافة إلى الفساد، مما أدى إلى تفاقم الأزمة وتدهور البنية التحتية بدلاً من تطويرها.
انخفاض جودة الحياة: تلوث الهواء يؤثر على نوعية الحياة اليومية للمواطنين، مما يحد من الأنشطة الخارجية ويزيد من المخاطر الصحية.
الضغط على النظام الصحي: العدد الكبير من الوفيات والأمراض المرتبطة بالتلوث يضع ضغطاً هائلاً على نظام الرعاية الصحية المحدود بالفعل. * الاستياء العام: الأزمات المتكررة في الطاقة، بالإضافة إلى التلوث الذي يهدد الصحة، تساهم في زيادة الاستياء العام تجاه الحكومة، خاصة في المدن الكبرى.
تُشكل هذه الأزمة سلسلة مترابطة من إهمال الاستثمار، وتبديد الموارد، وتوجيهها لأولويات أخرى، مما يؤدي إلى عجز في الطاقة واللجوء إلى حرق المازوت السام، والذي يُهدد حياة المواطنين بشكل مباشر.
باختصار، أزمة حرق المازوت في إيران هي نتيجة لتفاعل معقد بين نقص الاستثمار في البنية التحتية للطاقة، وسوء الإدارة وتخصيص الموارد، بالإضافة إلى تأثير العقوبات الدولية التي تحد من الخيارات المتاحة للبلاد. هذه الأزمة لا تهدد البيئة فحسب، بل تمثل أيضاً خطراً صحياً وإنسانياً جسيماً على المواطنين الإيرانيين.

