النظام الإيراني تحت حصار الأزمات “غير القابلة للعلاج”.. واعترافات “الجناح المهزوم” تؤكد انهيار الشرعية
كشفت اعترافات داخلية من عمق “النظام الإيراني” عن مجتمع سحب تفويضه للسلطة، ونظام حكم جُرد من هيبته، وأزمة لم يعد حلها ممكناً عبر القمع أو المناورات السياسية. فقد أقر قادة ما يسمى بـ “الجناح المهزوم” -الذين كانوا لسنوات واجهة لتجميل النظام وأحد ركائز قمع الشعب تحت قناع الإصلاح- بأن البلاد تواجه أزمات هيكلية “غير قابلة للعودة”، وأن المجتمع بات ينتظر لحظة الانفجار.
أصبح النظام الإيراني الآن محاصراً -داخلياً وخارجياً- بأزمات هيكلية متعددة الطبقات ومتزايدة الخطورة. وفي 21 ديسمبر 2025، نشر موقع “انتخاب” الحكومي تصريحات لافتة لكل من علي رضا علوي تبار، المنظر السياسي، وآذر منصوري، رئيسة ما يسمى بـ “جبهة الإصلاحات”. هؤلاء الشخصيات، التي تُعرف بـ “الجناح المهزوم” داخل النظام، لم تطرح حلولاً، بل اعترفت صراحة بعمق الكارثة وغياب مخارج النجاة، مما يفكك السردية التي اعتمد عليها النظام لعقود.
مجتمع غاضب وسلطة بلا شرعية
اعترف علوي تبار عملياً بنهاية مشروع “الإصلاح” المزعوم داخل النظام، واصفاً المجتمع الإيراني بأنه غير مستقر وقابل للاشتعال:
“مع أغلبية غاضبة للغاية، ومجتمع يقف على حافة الأزمة، من الصعب جداً المضي قدماً في أي مشروع إصلاحي. هذا المجتمع غاضب بشدة، والجيل الجديد ناقم للغاية”.
والأخطر من ذلك، تشكيكه الصريح في شرعية النظام الإيراني، حيث قال: “لدينا أقلية حاكمة ليست نتاجاً للانتخابات، بل وصلت للسلطة عبر عمليات أخرى”. مشيراً إلى أن الوضع وصل إلى حد أنهم “يصلون” لكي تفهم “النواة الصلبة للسلطة” خطورة الكارثة، مما يعكس استنفاد القدرة المؤسسية والاعتماد على العجز بدلاً من السلطة.
قطيعة تاريخية وتهاوي الأيديولوجيا
من جانبها، عززت آذر منصوري هذه الصورة القاتمة، مؤكدة وجود أوسع فجوة تاريخية بين المجتمع وهيكلية الحكم في النظام الإيراني. وأكدت أن المجتمع تجاوز الإطار الأيديولوجي للنظام:
“مجتمعنا تجاوز مرحلة الطاعة القائمة على التكليف… إنه ينتظر حدوث شيء ما… حدث ينهي هذا الوضع ويخلق واقعاً جديداً. هذا أمر خطير للغاية”.
وفي اعتراف مدوٍ بفشل أيديولوجية النظام التي حكمت لأربعة عقود، أقرت منصوري بأن ما يقرب من 70 بالمائة من المجتمع الإيراني أصبح علمانياً، معتبرة أن فقدان الشرعية السياسية هو أخطر تهديد يواجه أي نظام حكم، مع تآكل هيبته الداخلية وانحسار نفوذه الإقليمي.
أزمة هيكلية تتجاوز نقطة اللاعودة
تؤكد هذه التصريحات الصادرة عن “الجناح المهزوم” أن ما يجري ليس مجرد منافسة بين المحافظين والإصلاحيين، بل هو إقرار جماعي بأن الهيكل نفسه يتهاوى. عندما يصف الموالون للنظام المجتمع بأنه “غاضب، وعلماني، ومنفصل، وينتظر القطيعة”، فهم لا يشخصون مأزقاً سياسياً قابلاً للإصلاح، بل يوثقون المرحلة النهائية لنظام فقد أدوات الحكم والشرعية معاً.
إن لجوء هذا الجناح إلى “التحذيرات والدعوات” يعكس حالة من اليأس وليس الاستراتيجية. فالمسألة لم تعد نقاشاً نظرياً حول التغيير، بل هي الواقع المعاش لمجتمع سحب موافقته على الحكم، ونظام حاكم لم يعد يملك سوى انتظار السقوط.

