الريال ينهار والشارع يغلي… احتجاجات التجار تهزّ طهران بعد تسجيل العملة أدنى مستوى تاريخي
دخلت الاحتجاجات الاقتصادية في إيران يومها الثاني على التوالي، بعد أن هبطت قيمة العملة الوطنية إلى مستوى قياسي جديد مقابل الدولار الأميركي، في مشهد يعكس عمق الأزمة المالية وتفاقم الغضب الشعبي. وقد قاد هذه التحركات تجار وأصحاب محال تجارية، في خطوة تحمل دلالات سياسية واقتصادية حساسة، نظراً للدور التاريخي الذي لعبته الأسواق والتجار في التحولات الكبرى التي شهدتها البلاد.
وأظهرت مقاطع فيديو متداولة على وسائل التواصل الاجتماعي مشاركة مئات المحتجين في تجمعات واسعة وسط العاصمة طهران، لا سيما في شارع سعدي التجاري، إضافة إلى حي شوش القريب من البازار الكبير. ويُعد هذا البازار مركزاً اقتصادياً ورمزاً سياسياً بارزاً، إذ كان له دور محوري في أحداث عام 1979 التي أطاحت بالنظام الملكي وأوصلت الإسلاميين إلى السلطة.
وبحسب شهود عيان، أقدم عدد كبير من التجار على إغلاق محالهم احتجاجاً على الانهيار المتسارع للعملة وتآكل قدرتهم على الاستمرار في العمل، في ظل ارتفاع التكاليف وتقلب الأسعار بشكل يومي. كما دعا المحتجون زملاءهم في قطاعات أخرى إلى الانضمام للإضراب، معتبرين أن الصمت لم يعد خياراً في ظل ما وصفوه بـ«الاختناق الاقتصادي».
من جهتها، أفادت وكالة أنباء العمال الإيرانية (إيلنا) شبه الرسمية بأن العديد من الشركات والمتاجر أوقفت نشاطها، رغم أن بعض أصحاب المحال أبقوا أبوابهم مفتوحة على مضض، خشية الخسائر أو الضغوط الأمنية. وفي الوقت نفسه، تحدث شهود عن تشديد الإجراءات الأمنية في المناطق التي شهدت تجمعات، دون ورود تقارير عن مداهمات أو اعتقالات مباشرة حتى الآن.
وتأتي هذه الاحتجاجات في وقت يعاني فيه الاقتصاد الإيراني من تضخم مرتفع، وتراجع حاد في القدرة الشرائية، وغياب الثقة في السياسات النقدية، ما جعل انهيار الريال شرارة مباشرة لغضب اجتماعي متصاعد. ويرى مراقبون أن تحرك التجار، الذين يشكلون تقليدياً قوة ضغط مؤثرة، قد يمهد لتوسع الاحتجاجات إلى شرائح اجتماعية أوسع، إذا استمر تدهور الأوضاع دون حلول ملموسة.

