العقوبات الاقتصادية السلاح الاكثر فاعلية في يد واشنطن
بقلم : الباحث المصري في الشأن الايراني شريف عبدالحميد لـ (الزمان):
العقوبات الاقتصادية السلاح الاكثر فاعلية في يد واشنطن – تزداد حدة التوتر فى منطقة الخليج بعد الهجوم الذى تعرضت له المطارات السعوديه وناقلات النفط فى الخليج العربى فى الوقت الذى ارسلت فيه الولايات المتحده مزيداً من القطع الحربية الى الخليج لممارسة مزيد من الضغوط على النظام الايرانى ومع تزايد المخاوف من اندلاع مواجهة عسكرية سوف يكون لها اثارها الوخيمه على المنطقه والعالم ، وهنا ادلى د/ شريف عبد الحميد رئيس تحرير مجلة ايران بوست والباحث فى المنتدى العربى لتحليل السياسات الايرانيه بحديث خاص عرض وجهة نظره ازاء تلك التطورات وفيما يلى نص هذا الحوار
1- ما توقعاتكم للسيناريو المحتمل للمواجهة الأمريكية الإيرانية؟
– أعتقد أنه على الرغم من التهديدات والتصريحات النارية المتبادلة بين واشنطن وطهران خلال الآونة الأخيرة، إلا أن احتمالات المواجهة بين الجانبين تكاد تكون معدومة، لأسباب عديدة، منها أن الولايات المتحدة تخشى توجيه أي ضربة لإيران خوفا على مصالحها في الشرق الأوسط، خاصة أن النظام الإيراني يمتلك جيشا من الميلشيات الإرهابية في عدة دول عربية، وهذه المليشيات قادرة على توجيه ضربات إرهابية موجعة لمصالح واشنطن في المنطقة، كما أن أي حرب بين الجانبين سيكون معناها توقف الملاحة الدولية في مضيق هرمز، ما يعني انقطاع تدفق النفط للأسواق العالمية، وصعود أسعاره بشكل فلكي على الفور، وهو ما سيمثل ضربة موجعة أيضا للاقتصاد الدولي
من جهة ثانية، فإن من مصلحة واشنطن بقاء طهران باعتبارها «البعبع» الذي يخيف بعض دول المنطقة، ما يعني حاجة هذه الدول الدائمة إلى التزود بالسلاح الأمريكي، وهو أمر تحرص عليه إدارة ترامب كل الحرص، خاصة أنها إدارة براجماتية من الطراز الأول.
2-وكيف ترى تأثير العقوبات الأمريكية على النظام الإيراني داخليا وخارجيا؟
– العقوبات هي السلاح الأكثر فعالية ومضاءً في يد واشنطن، تجاه نظام الملالي الحاكم في طهران، وقد تأثر الاقتصاد الإيراني تأثرا كبيرا بهذه العقوبات، وباتت البلاد على شفا الانهيار اقتصاديا واجتماعيا جراء سعي أمريكا إلى «تصفير» صادرات النفط الإيراني كما هو معلوم، كما أن الاقتصاد الإيراني بات يعاني بشدة من جراء تلك العقوبات، وهو ما دفع إيران وعملاءها إلى تنفيذ خبطات عشوائية هنا وهناك ضد مصالح دول المنطقة، كما رأينا في حادث ميناء الفجيرة الإماراتي قبل فترة، وكما رأينا مؤخرا في حادث استهداف ناقلتي نفط في خليج عمان.
أما على المستوى الخارجي، فقد صارت إيران تعيش في عزلة شبه تامة على المستويات كافة، وباتت دولة ملفوظة من جيرانها ومن المجتمع الدولي، باستثناء بعض الدول المارقة التي مازالت تتعامل معها مثل قطر، وبعض الدول شبه التابعة لطهران مثل العراق.
3-وما مدى تأثير قوى المعارضة الإيرانية وعلى رأسها «مجاهدي خلق».. وهل يمكن أن تنجح تلك القوى في إسقاط النظام الإيراني؟
– الواقع أن للمعارضة الإيرانية دورا كبيرا ومشهودا لا يستهان به في مواجهة نظام الملالي، وذلك على عدة مستويات أبرزها المستوى الإعلامي، حيث نجحت هذه القوى في فضح ممارسات النظام القمعية على مستوى الرأي العام العالمي، كما أنها نجحت في كشف ما يحدث من مآس وظلم كبير داخل الدولة الفارسية، وهو أمر محمود بطبيعة الحال.
غير أن مسألة نجاح قوى المعارضة الإيرانية في إسقاط النظام الإيراني مازالت أمرا مستبعدا في المدى المنظور، خاصة أن هذ النظام يلجأ إلى القمع الرهيب تجاه أي نشاط للمعارضة في الداخل، كما يلجأ إلى أساليب إجرامية منها التصفية الجسدية للمعارضين في الخارج كما هو معلوم للكافة، لذلك لابد لإسقاط نظام الملالي من أن تتوحد قوى المعارضة السياسية الإيرانية مع الشعوب الإيرانية في ثورة موحدة، لكي تتمكن من القضاء المبرم على النظام، مع التأكيد على أن كل يوم يمر يسقط فيه حجر من بناء النظام الحاكم في طهران، وذلك ما سيحدث في تقديري، ولكن على المدى البعيد.
4- في ظل سيطرة إيران على المفاصل السياسية للدولة العراقية هل تتوقع أن تندلع حرب بالوكالة بين الولايات المتحدة وإيران على الساحة العراقية؟
– الحقيقة أن العراق يحاول أن ينأى بنفسه عن هذا الصراع بين واشنطن وطهران، وهو ما أكده المسؤولون العراقيون غير مرة، خاصة بعد قمم مكة المكرمة الأخيرة، خاصة أن الأراضي العراقية ستتحول شاءت بغداد أم أبت إلى ساحة صراع ضارٍ ودامٍ بين الجانبين، وذلك بسبب حجم المليشيات التي دشنتها طهران في العراق، وخاصة مليشيا «الحشد الشعبي» الطائفية، والتي جهزت نفسها جيدا لخوض ذلك الصراع حال حدوثه، وهو أمر مستبعد كما أسلفنا.
غير أن تدخل مثل هذه المليشيات العميلة لطهران في ذلك الصراع لن يكون مؤثرا بالمرة، في ظل التحصينات الجيدة للجنود الأمريكيين المتبقين في العراق منذ الغزو عام 2003، وربما تقوم جماعة إرهابية بعمل ما هنا أو هناك ضد المصالح الأمريكية في العراق أو تقصف قوات التحالف الدولي بزعامة أمريكا عبر الحدود السوريةـ وتلك أشياء لا جدوى منها على الأرض، بل هي حال حدوثها ستكون مجرد عمليات للاستهلاك الإعلامي فحسب.
5-وما هي رؤيتك لطبيعة العلاقة التركية الإيرانية في ظل التنافس بينهما في أكثر ملف من ملفات المنطقة؟
– من الثابت أن نظام رجب طيب أردوغان الحاكم في تركيا يسعى جاهدا إلى تحقيق مصالحه الخاصة، وهو نظام براجماتي لا يعرف سوى مصلحته فقط، وخاصة على الجانب الاقتصادي، لذلك فإن العلاقة التركية– الإيرانية مستمرة، على الرغم من التنافس بين الجانبين في أكثر ملف من ملفات المنطقة، وعلى رأسها ملف الصراع السوري.
كما أن العلاقة الوطيدة بين طهران وأنقرة وموسكو، تعزز التعاون بين تركيا وإيران على أكثر من صعيد سياسي واقتصادي، ويسعى أرودغان إلى الاستفادة من أي صراع بأي شكل من الأشكال، وهو يمتلك حسابات خاصة في شأن الملف الإيراني، ولا يريد التخلي عن طموحاته أبدا في جعل تركيا قوة إقليمية كبرى، لذلك لابد له من التنسيق مع إيران على كافة المستويات والاحتفاظ بعلاقة وثيقة معها، مهما كانت التطورات الإقليمية أو الدولية، كما أن الرئيس التركي يستخدم هذه العلاقة كورقة ضغط سياسي على أمريكا، لكي يستخدمها حسب الأحوال والظروف.
6-في حال نشوب نزاع في المنطقة ما هي قدرة إيران على إغلاق الممرات الملاحية الدولية كمضيق هرمز وباب المندب؟
– أرى أنه ليس في مقدور إيران إغلاق الممرات الملاحية الدولية ومنها مضيق هرمز وباب المندب، لأن هناك قوى إقليمية كبرى أخرى منها السعودية ومصر، ناهيك عن الولايات المتحدة لن تسمح لطهران أبدا بذلك، وربما يتم تعطيل الملاحة مؤقتا حال وقوع أي صراع، وذلك بإغراق ناقلات نفط مثلا، وهو أمر سيتم معالجته على الفور من قبل القوى الإقليمية، أما السعي إلى إغلاق هذه الممرات الملاحية الدولية بشكل دائم فهو أمر ليس في طاقة إيران فعله على الإطلاق.
7-وما هي حقيقة ارتباط النظام الإيراني ببعض التنظيمات الإرهابية كتنظيم «داعش»؟
– هذا أمر مفروغ منه، ومن المعلوم أن إيران تحتفظ منذ سنوات بعيدة بعلاقات وطيدة مع تنظيم «القاعدة»، وأنها سبق أن استقبلت مسؤولين كبار في هذا التنظيم الإرهابي، ووفرت لهم مأوى آمنا في طهران عندما كانوا مطلوبين للعدالة الدولية في أكثر من بلد، خاصة بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 في أمريكا، نكاية في واشنطن بالطبع، وتحسبا لاحتمالات الحاجة إلى هؤلاء الإرهابيين في أي وقت، لاستهدف أمن أي بلد من بلدان المنطقة العربية، وهو ما حدث بالفعل فيما بعد.
وأي تصريحات تفيد بخلاف بذلك من مسؤولي نظام الملالي، فهي للتعمية فقط، ولإخفاء هذه العلاقات الشائنة مع التنظيمات الإرهابية، فالدولة التي تجند الإرهابيين للنيل من استقرار بلدان عربية مثل السعودية والبحرين والكويت وغيرها، من الطبيعي والبديهي أن تحتضن تنظيمات مثل «داعش» و»القاعدة» وغيرها.
8- في النهاية دعا عدد من الخبراء إلى إجراء حوار عربي لإيجاد تفاهمات حول قضايا المنطقة.. فما هي إمكانية قيام هذا الحوار وفرص نجاحه؟
– نحن بطبيعة الحال مع أي مسعى لإجراء حوار عربي– عربي بهدف إيجاد تفاهمات سياسية حول قضايا منطقة الشرق الأوسط برمتها، وليس القضايا الخاصة بمنطقتنا العربية فحسب. وأعتقد أن هناك إمكانية وفرصة مواتية لإنجاز هذا الحوار، خاصة أن المنطقة لم تعد تحتمل أي مهاترات عسكرية أو سياسية، ففيها ما يكفيها من صراعات مشتعلة.
أما كيف يتحقق ذلك الحوار، فهو أن تتحد الإرادة السياسية العربية على ذلك، وأن تنأى المنطقة بنفسها عن الصراعات الدولية والإقليمية، وأن تعمل تحت مظلة الجامعة العربية عملا جماعيا على قلب رجل واحد.
صحيح أن الإجماع في هذا الصد أمر مستحيل، خاصة في ظل وجود مصالح متضاربة لبعض الدول، غير أنه من الأهمية بمكان التوصل إلى رأي تتنباه الأغلبية بشأن هذا الحوار العربي– العربي، خاصة في ظل اتفاق الدول الكبرى ذات التأثير في المنطقة، ومنها السعودية ومصر والإمارات، على إجراء مثل هذه الحوار الإيجابي الفعال.