الاتحاد من أجل الحرية والديمقراطية والمساواة​

الدوخة السياسية لنظام الملالي نتيجة لصدمة الانتفاضة

الثورة العراقية في طور الاختبار

 

الثورة العراقية في طور الاختبار

 

 

الثورة العراقية في طور الاختبار -بعد استقالة رئيس الوزراء، عادل عبد المهدي، من منصبه أصبح البرلمان العراقي الآن هو المكلف ببدء عملية انتخاب رئيس وزراء جديد. وما يستحوذ على الاهتمام هو أن الأشخاص الذين احتفلوا بالنصر باستقالة عبد المهدي في ساحة التحرير سرعان ما عبروا عن مطالبهم الرئيسة، قائلين إنهم يعارضون الحكم السياسي الحالي برمته والدستور وقانون الانتخابات الحالي، ويجب استبدالهم جميعًا. وفي الحقيقة، يعتبر مسار تقدم الثورة العراقية في طور الاختبار، لنرى ما إذا كانت هذه الثورة ستنتهي بتحقيق النصر أم أنها ستُبتلى في منتصف الطريق.

إن العدو الرئيسي والعائق أمام انتصار الشعب العراقي هو نظام الملالي في طهران، الذي أخذ شعوب المنطقة كرهينة ولاسيما الشعب العراقي للحفاظ على بقائه، فحكام إيران منذ بدء مظاهرات الشعب العراقي يحاولون الافتراء على المظاهرات الشعبية. ودائمًا ما تصف وسائل الإعلام الحكومية الإيرانية المتظاهرين بالمتمردين أو مثيري الشغب، وتحاول أن تنسب هذه الاحتجاجات للدوائر السياسية والأمنية والإعلامية الأجنبية. إلا أن خامنئي، الولي الفقيه الغارز في مستنقع الرجعية وصف الاحتجاجات في العراق بأنها مؤامرة حاكها الأعداء بغية الفصل بين إيران والعراق. 

وفي مقابلة مع “الحدث” مساء يوم السبت الموافق 30 نوفمبر، أعلن الأمين العام لمجلس العشائر العربية في العراق، ثائر البياتي، عن وصول قاسم سليماني إلى العراق بمعية ما يتراوح بين 520 إلى 530 شخص من عناصر قوات حرس نظام الملالي، وقال: ” إن قاسم سليماني اجتمع  مع قادة الحشد الشعبي والميليشيات والقادة العسكريين”.

إن مثل هذا الاستنفار والرحلات المتسرعة التي يقوم بها وكيل خامنئي إلى العراق مفهومة، لأن الشعب العراقي الشجاع طهّر، في حرب بطولية، الأسبوع الماضي مدينة الناصرية من عناصر الحشد الشعبي المرتزقة وحرّر المدينة.  كما أن أهالي النجف الثائرون استطاعوا في غضون ثلاثة أيام، بعد حرب غير متكافئة، إضرام النيران في قنصلية نظام الملالي في النجف، التي كانت رمزًا لتأثير نظام الملالي في كافة أرجاء العراق، وبذلك تمت الإطاحة بهيبة خامنئي الوهمية في هذه المدينة. وكان ما حدث صفحة جديدة ومقدمة لانهيار العمق الاستراتيجي لنظام الملالي في العراق وفي جميع أرجاء المنطقة.

وذُهل إيرج مسجدي، سفير نظام الملالي في العراق، من إحراق قنصليتهم في النجف، وقال: ” لقد شاهدنا هذه الأحداث في البصرة أيضًا. وشاهدتم هذه الأوضاع  وما حدث في كربلاء . وللأسف، وقعت أحداث مماثلة ليلة أمس في النجف”.  

من ناحية أخرى، تعلم العراقيون درسًا جيدًا من أعمال الشغب الجهنمية في إيران خلال انتفاضة نوفمبر التي أضرمت النيران في البنوك والمراكز القمعية لنظام الملالي، وقام العراقيون أسوة بإخوانهم في إيران بتكثيف هجماتهم على المراكز الحكومية وإضرام النيران فيها، ويأتي إحراق  قبر محمد باقر الحكيم في النجف مثالًا على هذا التغيير في التكتيك للنهوض بمطالبهم الثورية. ولهذه الأسباب، كلف خامنئي قاسم سليماني مرة أخرى بالذهاب إلى العراق بمعية حراسه القمعيين لمنع تقدم الثورة العراقية. وإن مخاوف خامنئي وحكام الملالي واقعية جدًا ومفهومة، لأنه بفقدان العراق، لن يعد بإمكانهم شن حروبهم بالوكالة في العراق وسوف يفقدون حصنهم الاستراتيجي.

بعد مرور أكثر من شهرين من المقاومة الشجاعة للشعب العراقي، سقطت حكومة عبد المهدي الآن، وعلى البرلمان العراقي تعديل قانون الانتخابات العراقي بسرعة، وبالتالي تغيير الدستور العراقي الطائفي.

وقال وليد فارس، السياسي والمحلل الأمريكي، مشيرًا إلى أهمية الانتفاضة الإيرانية وارتباطها بالأحداث التي تحدث في الشرق الأوسط وخاصة في العراق: ” إن ما يحدث في إيران الآن ليس مجرد انتفاضة داخل إيران، بل إنه ثورة على هيمنة إيران على جزء من الشرق الأوسط، فانظروا  إلى ما يجري في المنطقة ضد حزب الله والميليشيات التي تدعمها إيران. فهذا دليل على أن إمبراطورية نظام خميني لم تعد مقبولة “. ولهذا السبب، يمكن التأكيد على أن هذه الأحداث مقدمة لإنها نفوذ الخليفة الرجعي وانهيار العمق الاستراتيجي لنظام الملالي في المنطقة.

بعد سقوط حكومة عبد المهدي في العراق، كتبت صحيفة الجارديان: “إن العراق الآن في طور الاختبار، والسؤال الرئيسي هو ما إذا كانت العراق قادرة على البقاء بعد صدام حسين والحكومات التي صنعتها أمريكا من بعده؟”

وأضافت صحيفة الجارديان: ” لقد لعبت إيران دورًا بارزًا في الشؤون العراقية بعد الغزو الأمريكي، وبالتحديد بعد الانسحاب الأمريكي في عام 2011″.  ويعتبر قاسم سليماني الشخصية المحورية في حملات القمع الأخيرة، التي كانت ترد بقوة مهلكة على المحتجين العراقيين منذ نحو شهر “.

ومن بين المرشحين لخلافة  عبد المهدي، هادي العامري، قائد وحدات الحشد الشعبي التي سيطرت على شمال العراق بعد داعش، ومنذ ذلك الحين أصبحت واحدة من أقوى الوحدات العسكرية العراقية.

على أي حال، أمام البرلمان العراقي مهلة مدتها 15 يومًا لتعيين رئيس وزراء جديد. لكن تجارب الماضي  تدل على أن اختيار رؤساء وزراء جدد قد يستغرق شهورًا. والأهم من ذلك هو أن الشعب العراقي المنتفض يرفض جميع السياسيين الحاليين في العراق منذ اليوم الأول للانتفاضة، ويطالب بتشكيل حكومة بعيدة عن الطائفية والقبلية. ومن ناحية أخرى، فإن الفشل في التوصل إلى اتفاق بين فصائل السلطة سيقود العراق إلى الهاوية. إلا أن الأمر المؤكد هو أن هناك مرحلة سياسية لا رجعة فيها في العراق وستكون بالتأكيد مختلفة جداً في نوعيتها عما كانت عليه في الماضي.

وردًا على سؤال: كيف ستكون الأحداث في العراق مستقبلًا؟ فالجواب واضح أمام أنظار العالم. أي أن العدو الذي يقاتله الشعب العراقي هو نفس العدو الذي يخوض الشعب الإيراني حربًا ضده. وينطبق الشيء نفسه على الوضع في لبنان. وفي هذه الحقبة الزمنية، تتشابك مصالح شعوب المنطقة تمامًا، لأن عدوهم مشترك. فولاية الفقيه مستقره في إيران، ومن خلال المطالبة بالانضمام العالمي، ألقت بمخالبها على أرواح وأوردة وجذور شعوب المنطقة. وتتلقى الآن رداً مناسبًا من نفس الشعوب المطحونة.    

لكن زعيم المقاومة الإيرانية قدم الرد الأنسب في رسالته رقم 18، قائلًا: ” إن الثورة في العراق ولبنان وإيران هي ثورة حتى النصر”.

فلقد عقدت شعوب المنطقة العزم على الإطاحة بالاستبداد الديني ودمياته ومرتزقته . ويتعين على السلاسل البشرية أن تفرط عقد هذا الاستبداد. وعلى التاريخ والمصير أن يقبلا الإرادة المنتصرة لشعوبنا “.