دعوات لتصعيد التظاهر ضد السلطة الحاكمة في لبنان
زخم الاحتجاجات اللبنانية يتسع وسط مطالبات بمحاسبة كل المسؤولين عن انفجار بيروت وطرد الطبقة السياسية كاملة، محملين إياها ما آل إليه لبنان.
دعوات لتصعيد التظاهر ضد السلطة الحاكمة في لبنان – بيروت -وکالات- توالت الأحد الدعوات للعودة إلى الشارع للتظاهر ضد السلطة الحاكمة غداة تظاهرات ضخمة ومواجهات عنيفة بين القوى الأمنية ومحتجين اقتحموا وزارات عدة مطالبين بـ”الانتقام” والمحاسبة بعد انفجار مرفأ بيروت، الذي حول العاصمة إلى مدينة “منكوبة”.
ولا تزال عمليات البحث عن عالقين تحت أنقاض المرفأ المدمر والأحياء المتضررة مستمرة، بعد الانفجار الضخم الثلاثاء الذي أسفر حتى الآن عن مقتل ما لا يقل عن 170 شخصاً وإصابة أكثر من 6000 آخرين.
وتناقل ناشطون الأحد على وسائل التواصل الاجتماعي دعوات حملت شعارات، “علقوا المشانق لأن غضبنا لا ينتهي بيوم واحد” و”لا تستسلموا”.
ويأتي ذلك غداة تظاهر الآلاف في وسط بيروت حاملين شعار “يوم الحساب”، مطالبين بمعاقبة المسؤولين عن الانفجار وبرحيل السلطة الحاكمة وكافة القوى السياسية التي تتحكم بالحياة السياسية في لبنان منذ عقود.
ودعا البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي الأحد الحكومة التي “باتت عاجزة عن النهوض بالبلاد” إلى الاستقالة.
وحذر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال مؤتمر المانحين لدعم بيروت، من أن “العنف والفوضى لا ينبغي أن يسودا” في لبنان.
ودعا ماكرون إلى “التحرك لتجنيب البلاد الغرق وللاستجابة للتطلعات التي يعبر عنها الشعب اللبناني حالياً بشكل مشروع في شوارع بيروت. علينا أن نفعل جميعاً ما أمكن حتى لا يهيمن العنف والفوضى” على المشهد في لبنان.
وفي مرفأ بيروت ومحيطه، يسابق عناصر الإنقاذ اللبنانيون والأجانب الزمن للعثور على 21 مفقوداً ما زالوا تحت الركام، يستبعد أن يكونوا على قيد الحياة، بعد الانفجار الذي يعد بين الأضخم في التاريخ الحديث.
وبحسب السلطات، فإن الانفجار ناجم عن حريق في مستودع خُزّن فيه 2750 طنّاً من مادّة نيترات الأمونيوم المصادرة من إحدى البواخر منذ العام 2013 من دون اتخاذ إجراءات الحماية اللازمة.
وأفاد مصدر أمني وكالة فرانس برس الأحد أن “خبراء التفجير الفرنسيين اكتشفوا أن انفجار المرفأ خلف حفرة بعمق 43 متراً”.
وأعلن المعهد الأميركي للجيوفيزياء ومقره ولاية فيرجينيا، أن قوة الانفجار تعادل زلزالاً شدته 3.3 درجات على مقياس ريختر.
عمليات البحث عن مفقودين تحت الأنقاض متواصلة
وأوقفت السلطات أكثر من عشرين شخصاً على ذمّة التحقيق بينهم مسؤولون في المرفأ والجمارك ومهندسون، على رأسهم رئيس مجلس إدارة المرفأ حسن قريطم ومدير عام الجمارك بدري ضاهر، وفق مصدر أمني.
وأفاد مصدر قضائي أن “النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات كلف قيادة الشرطة العسكرية في الجيش اللبناني استجواب كبار قادة الاجهزة الامنية في مرفأ بيروت”.
والسبت ردّد المتظاهرون شعارات عدّة بينها “الشعب يريد إسقاط النظام” و”انتقام انتقام حتى يسقط النظام”، و”من أجلك يا بيروت، الثورة لن تموت” و”كلهم يعني كلهم” في اشارة إلى الطبقة السياسية برمتها. كما رفعت في مواقع عدة في وسط بيروت مشانق رمزية، دلالة على الرغبة في الاقتصاص من المسؤولين عن التفجير.
وشهدت التظاهرات مواجهات عنيفة بين محتجين غاضبين رشقوا عناصر الأمن بالحجارة والمفرقعات، والقوى الأمنية التي استخدمت الغاز المسيل للدموع بكثافة والرصاص المطاطي. وأسفرت المواجهات عن إصابة 65 شخصاً، بينهم مدنيون وعسكريون، جرى نقلهم إلى المستشفيات، وفق حصيلة للصليب الأحمر اللبناني.
واقتحم عشرات المحتجين وزارات عدة بينها الخارجية والاقتصاد والطاقة كما مقر جمعية المصارف، قبل أن تخرجهم القوى الأمنية والجيش.
وأعلنت قوى الأمن الداخلي مقتل أحد عناصرها “أثناء مساعدة محتجزين” داخل فندق فخم في وسط بيروت، وقالت إنه تم الاعتداء عليه من قبل “مشاغبين”.
وأفادت لجنة المحامين للدفاع عن المتظاهرين عن توقيف 20 شخصاً، مشيرة إلى تعرض عشرات المتظاهرين “للعنف المفرط”.
وبينما كانوا يتابعون بعجز الانهيار الاقتصادي المتسارع في بلدهم ويعيشون تبعات الوضع الهشّ الذي أضيف إليه تفشي كوفيد-19، أتى انفجار مرفأ بيروت ليشكل أكبر كوارث اللبنانيين.
ومنذ 17 أكتوبر/تشرين الأول نزل مئات الآلاف الى الشوارع ناقمين على الطبقة السياسية التي يتهمونها بالفساد ويحمّلونها مسؤولية الأزمات المتلاحقة التي أنهكتهم. واستقالت حكومة سعد الحريري على وقع غضب الشارع.
إلا أن وتيرة التحركات تراجعت تدريجاً بعد تشكيل حكومة دياب ومن ثم انتشار وباء كوفيد-19.
ويطالب المتظاهرون اليوم حكومة دياب، التي تشكلت بداية العام الحالي من اختصاصيين سمتهم أحزاب سياسية، بالاستقالة، متهمينها بالتقصير والتبعية للأحزاب التي دعمتها وعدم تحقيق الإصلاحات الضرورية للنهوض بالاقتصاد.
وعلى وقع التحركات الغاضبة، دعا دياب السبت الى اجراء انتخابات نيابية مبكرة لانتشال البلاد من أزمتها “البنيوية”. وأمهل الأطراف السياسية مدة “شهرين حتى يتفقوا”.
وأثار الانفجار تعاطفاً دولياً مع لبنان الذي زاره مسؤولون غربيون وعرب تباعاً وتتدفق المساعدات الخارجية إليه.
ويُعقد الأحد مؤتمر دعم للبنان عبر تقنية الفيديو تنظمه فرنسا بالتعاون مع الأمم المتحدة، وبمشاركة الولايات المتحدة والمؤسسات الأوروبية مرورا بالصين وروسيا ومصر وغيرها.