الصفقة النووية الإيرانية يجب أن تندثر تحت رماد أوكرانيا
ستروان ستيفنسون
كان من المفترض أن يكون الغزو الوحشي لأوكرانيا قد أرسل صرخة إيقاظ مدوية للمسترضين الغربيين. ظلّ هؤلاء القادة أنفسهم مكتوفي عندما ضم فلاديمير بوتين فعليًا أكثر من 20 ٪ من الأراضي الجورجية في عام 2008. أصبحت منطقتي أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية في جورجيا، وهما مشهدان للنزاعات الانفصالية العنيفة التي خلّفت الآلاف من القتلى وعشرات الآلاف من المشردين في عام 2008، وهي الآن مناطق محظورة فعليًا تسيطر عليها روسيا.
يسمح بوتين بزيارات محدودة إلى أبخازيا من قبل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)، لكن أوسيتيا الجنوبية أصبحت معسكرًا عسكريًا روسيًا وخطوط الترسيم غير المحددة جيدًا التي أنشأها الروس محاصرة بأسلاك شائكة، تحرسها أبراج المراقبة العسكرية. كما فرّ معظم السكان من المنطقتين.
في ذلك الوقت، أعرب رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون عن غضبه من الاستيلاء الروسي على الأراضي الجورجية وقال بشكل مشهور: “من سيكون التالي … أوكرانيا؟” كان كاميرون على حق.
زحف بوتين بقواته إلى شبه جزيرة القرم وسيفاستوبول في عام 2014، مستشهدا بحجة “العلم الزائف” المعتادة بأنه كان يشن عملية عسكرية لحماية المواطنين الروس. قتلت الحرب في القرم أكثر من 14000 شخص، ولكن مرة أخرى، لم يفعل المسترضون الغربيون شيئًا.
كان هدف بوتين التالي هو ساليسبري. في مارس/ آذار 2018، أرسل قتلة روس مدربين إلى مدينة الكاتدرائية في المملكة المتحدة لقتل سيرغي سكريبال، الضابط العسكري الروسي السابق، وابنته يوليا. نجوا من التسمم من السم القاتل الذي يصيب الأعصاب والمعروف باسم نوفيتشوك، لكن بعد أسابيع عثر تشارلي رولي على زجاجة عطر في صندوق وأعطاها لشريكته داون ستارجس، التي رشتها على معصمها. كانت تلك هي زجاجة سم النوفيتشوك التي ألقاها القتلة، ولقيت داون ستارجس حتفها.
وردّ الغرب بطرد حفنة من الدبلوماسيين الروس، ورد بوتين بطرد متبادل لدبلوماسيين من الاتحاد الأوروبي، بينما اتهم بريطانيا بالتدبير لتلك العملية.
كان يجب أن يكون واضحًا بحلول ذلك الوقت أننا كنا نتعامل مع طاغية مختل عقليًا. لكن سرعان ما استؤنف العمل كالمعتاد واستمر اعتماد الاتحاد الأوروبي على الغاز والمعادن الروسية في تضخيم خزائن الكرملين. الآن، نحن ندفع ثمن ذلك الاسترضاء.
نظر الغرب في حالة من الصدمة والرعب إلى قيام روسيا بغزو جار ذي سيادة (أوكرانيا)، وقصف أكبر محطة نووية في أوروبا، وتدمير المدن، وقصف المستشفيات والمدارس، وإجبار الأمهات على الولادة في محطات المترو، وقتل وتشويه الآلاف من الرجال والنساء والأطفال، وتشريد أكثر من ثلاثة ملايين لاجئ بالقوة. ثم الادعاء أنهم يقاتلون حكومة نازية، على الرغم من حقيقة أن رئيسها يهودي؟ إن تكرار أهوال عام 1939 التي أشعلت فتيل الحرب العالمية الثانية يحدث الآن على أعتابنا في الوقت الفعلي. إن تكرار أهوال عام 1939 التي أشعلت فتيل الحرب العالمية الثانية يحدث الآن أمام عيوننا.
يبدو من غير المفهوم أن أي شخص عاقل يمكن أن يفكر في إشراك روسيا في توقيع معاهدة دولية، وهذا ما يحدث في محادثات إيران النووية في فيينا.
الاتفاق النووي الإيراني الممزق، الذي وقعه أوباما في 2015 ومزقه ترامب في 2018، على وشك أن ينهض من الموت بفضل جهود الرئيس جو بايدن ووزير خارجيته أنتوني بلينكين.
الاتفاق النووي الأصلي المعروف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA) تم الاتفاق عليه بين الاتحاد الأوروبي + 3 (الصين وفرنسا وألمانيا) والاتحاد الروسي والمملكة المتحدة والولايات المتحدة وجمهورية الملالي. إن إحيائه سيتطلب اتفاقًا متجددًا من روسيا، الحليف الكبير للصين ونظام الملالي الفاسد، وكل المؤشرات تدل على وجود صفقة وشيكة.
صرّح مسؤولون إيرانيون الأسبوع الماضي إنهم يعملون مع الأمريكيين للتفاوض بشأن تبادل محتمل للأسرى بالتزامن مع توقيع الاتفاق النووي. وسيشمل هذا التبادل إطلاق سراح سجناء إيرانيين محتجزين في سجون أمريكية، مقابل عدة إيرانيين / أميركيين مزدوجي الجنسية تم اعتقالهم بتهم تجسس ملفقة في إيران واحتجازهم كرهائن.
بالنظر إلى الإبادة الجماعية التي تكشفت في أوكرانيا، يشعر الكثيرون أنه سيكون من الجنون أن تفكر إدارة بايدن في تجديد خطة العمل الشاملة المشتركة، حيث لم تمنع الصفقة الملالي من تطوير أسلحة نووية.
في الواقع، من شأن تجديد الاتفاق أن يخفف ببساطة العقوبات القاسية على نظام الملالي، ويمكّنه من بيع النفط والغاز وإعادة مضاعفة إنفاقه على برنامجه النووي والصواريخ الباليستية. كما سيمكنهم من مواصلة تمويل بشار الأسد في سوريا، والمتمردين الحوثيين في اليمن، والميليشيات الشيعية الوحشية في العراق، وحزب الله الإرهابي في لبنان، وحماس في غزة.
سيكون خطأ تاريخيًا، إذ يجب على روسيا، بصفتها موقعة على خطة العمل الشاملة المشتركة الأصلية لعام 2015، منح موافقتها على أي تجديد. من غير المعقول بالتأكيد أن المفاوضين الغربيين يمكنهم حتى التفكير في إجراء مناقشات مع ممثلي بوتين.
لا يمكن أن تكون هناك مصداقية في أي معاهدة وقعها بوتين. لقد أثبت أنه كاذب، مخادع، محتال، رجل عصابات والآن قاتل جماعي، يتجاهل بسعادة ميثاق الأمم المتحدة بل ويدوس على اتفاقية جنيف للمعايير الإنسانية في الحرب. أدّى استهداف بوتين الوحشي للمدنيين في أوكرانيا إلى تحويله إلى هتلر آخر. بالتأكيد لا يمكن أن يكون هناك أي شك في توقيع أي اتفاق مع مثل هذا الوحش.
لمدة سبعة وسبعين عامًا سمح الغرب لنفسه بالتغافل والتجاهل. احتفلنا بانهيار الاتحاد السوفيتي ونهاية الحرب الباردة بعقود من الإنفاق العسكري المنخفض، مقتنعين بأن العالم أصبح مكانًا أكثر تسامحًا وديمقراطية. لقد أدى غزو أوكرانيا والمشهد المروّع للحرب والمعاناة في أوروبا إلى إخراج جيلنا من سباته. نحن ندرك الآن أنه بينما كنا نائمين وغافلين، كان بوتين يخطط لعدوان الإبادة الجماعية.
يجب أن تتحد قوى الخير مرة أخرى ضد قوى الشر. يجب على الغرب أن يمزق الاتفاق النووي الإيراني ويغلق الباب في وجه بوتين وحلفائه. يجب توجيه لائحة اتهام للديكتاتوريين القاتلين مثل إبراهيم رئيسي، رئيس نظام الملالي وفلاديمير بوتين، رئيس روسيا، بارتكاب جرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية وأن يحاكموا في المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي.
ستروان ستيفنسون، كان عضوًا في البرلمان الأوروبي عن اسكتلندا (1999-2014)، ورئيس وفد البرلمان للعلاقات مع العراق (2009-14) ورئيس مجموعة أصدقاء إيران الحرة (2004-2014). كما كان يشغل منصب رئيس لجنة “البحث عن العدالة” (ISJ) المعنية بحماية الحريات السياسية في إيران. وهو محاضر دولي عن الشرق الأوسط ورئيس الجمعية الأوروبية للحرية العراقية (EIFA).
المصدر ُTownhall