إدانة حميد نوري بالسجن المؤبد لدوره في مذبحة عام 1988
أعلنت إحدى محاكم ستوكهولم بالسويد، الخميس 14 يوليو / تمّوز 2022، حكمها النهائي في قضية حميد نوري، المسؤول السابق بالسجن في سجن كوهردشت الإيراني المتورط في تعذيب وإعدام سجناء سياسيين. كان نوري يُحاكم لدوره في مذبحة صيف عام 1988 التي راح ضحيتها 30 ألف سجين سياسي، 90 بالمئة منهم كانوا أعضاء ومتعاطفين مع منظمة مجاهدي خلق الإيرانية.
وحكمت المحكمة على نوري بالسجن المؤبد لارتكابه جرائم قتل وجرائم أخرى خطيرة ضد القانون الدولي.
خلال محاكمة حميد نوري التي استمرّت تسعة أشهر و 92 جلسة، قدم العديد من الناجين والشهود وأقارب ضحايا مذبحة عام 1988 روايات مروّعة عن الفظائع التي ارتُكبت في سجون نظام الملالي.
في الوقت الذي تستعد فيه المحكمة لإعلان حكمها، تجمع حشد كبير من أنصار المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية لإحياء ذكرى العديد من ضحايا نظام الملالي والمطالبة بالعدالة وإنهاء الإفلات من العقاب الذي يتمتع به مسؤولو النظام على جرائمهم العديدة.
في الآونة الأخيرة، دافع حسين علي نيري، أحد أعضاء “لجنة الموت” سيئة السمعة، وهي مجموعة من القضاة المزعومين الذين أرسلوا آلاف السجناء السياسيين إلى حبل المشنقة بعد محاكمات الكنغر ( محاكمات صورية ظالمة يتم فيها تجاهل القوانين)، دافع بوقاحة عن مذبحة عام 1988 وقال أنه في حال لم يقم النظام بتنفيذ تلك الإعدامات، لم يكن ليظل في الحكم حتى اليوم.
ومن الجدير بالذكر أن العديد من كبار مسؤولي النظام، بمن فيهم رئيس النظام إبراهيم رئيسي، متورطون بشكل مباشر في مجزرة عام 1988. ويأمل الإيرانيون أن تشكل محاكمة نوري سابقة لتوجيه الاتهام إلى مسؤولين آخرين في النظام وتقديمهم للمحاكمة.
رحبّت السيدة مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، بإدانة حميد نوري ووصفتها بأنها “خطوة أولى على طريق العدالة الشاملة”. وأضافت أن العدالة الشاملة ستتحقق بالطبع عند محاكمة مرتكبي الجريمة الرئيسيين، وخاصة علي خامنئي وإبراهيم رئيسي، وغيرهم الكثيرين، أمام محاكم إيران الحرة أو المحاكم الدولية.
وأضافت السيدة رجوي أن الحملة القانونية والسياسية والتنويرية المكثفة التي قامت بها المقاومة الإيرانية خلال الـ 33 شهرًا الماضية والحكم الذي أصدرته المحكمة أفشلت مؤامرة وزارة الاستخبارات وعملائها لتشتيت حركة المقاضاة ضد منظمة مجاهدي خلق. ولعبت الشهادات القوية والوثائق المقنعة للشهود والمدّعين وخاصة في أشرف 3 دورًا حاسمًا في إثبات إدانة نوري ومنعته من الهروب من العدالة. في الواقع، كان من الممكن أن تكون المحاكمة مختلفة لو لم تُعقد بعض جلسات المحكمة في ألبانيا.
خلفية
تم القبض على نوري خلال رحلة إلى السويد وتم تقديمه للمحاكمة بناءً على مبدأ الولاية القضائية العالمية. كان لديه العشرات من المدّعين الذين أدلوا بشهاداتهم في المحكمة السويدية. وقد تم عقد جزء من المحاكمة في دوريس، ألبانيا، حيث شهد أعضاء من منظمة مجاهدي خلق في أشرف 3 بشأن جرائم نوري وسلطات النظام الأخرى.
ادّعى نوري في البداية أن هناك خلط بينه وبين شخص أخر. ونفى تورطه في مذبحة عام 1988، بل ونفى وقوع مثل هذه المذابح من الأساس.
في صيف عام 1988، بموجب فتوى من المرشد الأعلى للنظام روح الله الخميني، تم تطهير سجون نظام الملالي من جميع السجناء السياسيين. حيث تم شنق أكثر من 30 ألف سجين في غضون أشهر قليلة، معظمهم من أعضاء وأنصار منظمة مجاهدي خلق الإيرانية.
تم دفن السجناء سرا في مقابر جماعية وتم إبقاء أسرهم دون علم بمكانها. حذرّت منظمة مجاهدي خلق من مذبحة السجناء السياسيين في الأيام الأولى لعمليات القتل، وأرسلت رسائل إلى الأمم المتحدة، ومنظمة العفو الدولية، وغيرها من هيئات حقوق الإنسان.
لكن القضية تم تجاهلها لأكثر من ثلاثة عقود. منحت محاكمة نوري الشهود والناجين فرصة لإخبار العالم عن الفظائع التي وقعت في سجون نظام الملالي في تلك السنوات. تحدث الشهود عن “غرفة الموت” و “لجنة الموت”، حيث حُكم على السجناء بالإعدام إذا رفضوا ببساطة التنصل من دعمهم لمنظمة مجاهدي خلق. تحدث العديد من الشهود عن “ممر الموت”، الرواق المظلم حيث كان السجناء ينتظرون لساعات قبل أن يُقتلوا. روى السجناء روايات مروعة عن “قاعة الموت”، حيث تم شنق عشرات السجناء بينما كان آخرون يراقبون وينتظرون دورهم.
وتحدثت العائلات عن العذاب الذي مرّوا به حيث امتنع النظام عن إبلاغهم بمكان دفن أحبائهم ومنعهم من إقامة مراسم الجنازة.
وخلال المحاكمة حاول نظام الملالي ابتزاز الحكومة السويدية للإفراج عن نوري. ويحتجز النظام حاليا أحمد رضا جلالي، وهو مواطن إيراني سويدي مزدوج الجنسية، كرهينة وهدد بإعدامه بتهم أمنية وهمية وتهم بالتجسس.
وطالب نائب رئيس المجلس (البرلمان) علي نيكزاد، الأربعاء الماضي، السويد بالإفراج الفوري عن نوري.
يعدّ الحكم الصادر يوم الخميس بمثابة انتصار لملايين الإيرانيين الذين عانوا تحت الحكم الوحشي للملالي في العقود الأربعة الماضية. وقد تكون هذه بداية للعديد من المحاكمات الأخرى التي ستعقد في المستقبل.