نظام الملالي تعتمد حياته على الأزمات
من الممكن أن تحدث الكوارث الطبيعية، والأزمات الاقتصادية، والأزمات الاجتماعية في أي بلد. لكن ما يميز الدول الديمقراطية عن الأنظمة الاستبدادية هو طرقة تعاطيهم واستجابتهم مع هذه المشاكل.
بينما تبذل الحكومات قصارى جهدها لمنع أو تقليل الخسائر الناجمة عن الكوارث الطبيعية أو الأزمات الأخرى، يبدو أن الثيوقراطية الحاكمة في إيران تستفيد من موت الناس وحالة البؤس التي يعيشونها. بعبارة أخرى، الموت هو العلامة المميزة لنظام الملالي في إيران، مما يساعده على البقاء والازدهار.
لقد عصفت الفيضانات المفاجئة بالعشرات من المدن الإيرانية خلال الأيام القليلة الماضية، مخلّفة وراءها طريقًا هائلاً من الموت والدمار. ووفقًا لتقارير أحصتها المعارضة الإيرانية، لقي أكثر من 100 شخص مصرعهم حتى الآن، ولازال العشرات مفقودين.
بينما عانت إيران من الجفاف لمدة عقد على الأقل، تحولت الأمطار الغزيرة التي تشتد الحاجة إليها إلى كارثة حقيقية.
لعبت العملية الممنهجة لإزالة الغابات من قبل نظام الملالي، وحفر آلاف الآبار التي دمرت خزانات المياه الجوفية، وتحويل مجاري الأنهار من خلال بناء السدود، ورفض تركيب أنظمة إدارة الفيضانات، والامتناع عن تجريف السدود والأنهار، دورًا مهمًا في تفاقم أزمة الفيضانات الأخيرة في إيران.
حتى الآن، رفض مسؤولو النظام مساعدة الضحايا. لقد هرعوا بالفعل إلى مكان الحادث، ولكن بغرض التقاط صور دعائية لأنفسهم بينما يذرفون دموع التماسيح!
وفي 30 يوليو/ تمّوز، كتبت صحيفة جمهوري إسلامي الحكومية اليومية “حضر بعض أعضاء البرلمان والوزراء ورئيس بلدية طهران الذين كانوا يرتدون ملابس رسمية وبدون معدات إغاثة المناطق المنكوبة بالفيضانات في محافظة طهران، وخاصة امامزاده داود، والتقطوا صور سيلفي وهم يقفون في الوحل”.
أثارت هذه الصور غضب المستخدمين على مواقع التواصل الاجتماعي. فقد صرّح البعض إن المسؤولين لم يكونوا قلقين مثل أولئك الذين دٌمرّت منازلهم وحياتهم بسبب الفيضان. لم تكن هناك أي علامة على الإرهاق مثل مساعدة رجال الإنقاذ للضحايا. من على وجه الأرض سيفكر حتى في التقاط صورة سيلفي في هذه الحالة؟”
على الرغم من كون الأمر مأساويًا، فإن الفيضانات المدمّرة الأخيرة هي من بين العديد من الأزمات التي خلقها نظام الملالي وزاد من حدّتها.
في 23 مايو/ أيار، انهار مجمع ميتروبول المكون من عشرة طوابق في مدينة آبادان، جنوب غرب إيران، مما أسفر عن مقتل العشرات وإصابة الكثيرين. على الرغم من التحذيرات العديدة من قبل الخبراء بشأن البناء الرديء، تم بناء برجي ميتروبول التوأمين من قبل حسين عبد الباقي، الذي كان له علاقات وثيقة مع قوات حرس نظام الملالي.
بدلاً من مساعدة الناس في العثور على أحبائهم وإرسال المعدات إلى آبادان، نشر النظام وحدات مكافحة الشغب التي فتحت النار على أهالي الضحايا الذين كانوا في حالة حداد وكانوا يتظاهرون بشكل سلمي طلبًا للمساعدة، وأصابوا وجرحوا الكثيرين.
أقرّ كامران عبدلي، نائب الأمن والحماية من الحرائق في إدارة الإطفاء، خلال مقابلته مع التلفزيون الإيراني الحكومي في 27 مايو/ أيار “لقد حددنا بالفعل 33000 مبنى في العاصمة طهران، معظمها مباني قديمة. حيث يوجد 947 برجًا بين هذه المباني، بما يصل إلى 12 طابقًا. لسوء الحظ، أبلغنا أن هناك 129 مبنى في حالة حرجة، والتي تتطلب اهتمامًا فوريًا.”
بعبارة أخرى، كان مسؤولو نظام الملالي على دراية بانهيار متروبول في نهاية المطاف لكنهم قرروا تجاهل الأمر.
قائمة الأزمات التي ساهم نظام الملالي في تشكيلها وتفاقمها لا تنتهي. أزمة كوفيد -19 الإيرانية هي واحدة من هذه الحالات المروّعة. وفقًا للتقارير التي أعدّتها المقاومة الإيرانية، لقي أكثر من نصف مليون إيراني حتفهم جرّاء حظر المرشد الأعلى للنظام، علي خامنئي، استيراد اللقاحات الأمريكية والبريطانية الموثوقة في 8 يناير/ كانون الثاني 2020. جاء هذا الحظر في ذروة التقليل المنهجي للنظام من الأزمة، حتى أنه ذهب إلى حد إنكار وجود فيروس كورونا في إيران لعدة أشهر.
مثال آخر على كيفية استغلال نظام الملالي للأزمات والحروب، هو الحرب العراقية الإيرانية. فقد حرضّ النظام على الحرب وأطالها بحجة “تصدير الثورة” مستخدماً مئات الآلاف من أطفال إيران كدروع بشرية. أسفرت هذه الحرب المدمرة عن سقوط أكثر من مليون ضحية.
نظام الملالي، هو طفيلي، ينهب ثروات البلاد ويلحق الألم والبؤس بالإيرانيين. كما أن تطوير وشراء وتصدير الأزمات، هي جزء من استراتيجية بقاء النظام.
الأزمة الأم بالنسبة لنظام الملالي، هي “أزمة الشرعية”. منذ اليوم الأول، أدرك الملالي أن المجتمع الإيراني النابض بالحياة يمثل تحديات خطيرة لحكم النظام المتخلف. وبسبب عدم قدرتهم على قيادة إيران وإدارة مجتمع بهذه الإمكانات، تبنّى الملالي سياسة خلق الأزمات وتصديرها لتأجيل سقوط نظامهم في نهاية المطاف.
لكن الاحتجاجات المستمرّة في إيران من قبل المواطنين من جميع مناحي الحياة هي أوسع صورة لمجتمع متقلب يتحدى حكم الملالي المدمّر. وبالتالي، فإن كابوس رد الفعل العنيف للمواطنين لسياساتهم وجرائمهم يطارد مسؤولي النظام.